مع تفعيل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة " آر سي إي بي"(RCEP) مع إندونيسيا في 2 يناير الجاري، دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ مع 14 بلدا عضو من بين 15. مما يعكس الحيوية والجاذبية الكبيرة لاتفاقية "آر سي إي بي"، التي من المتوقع أن تضخ زخمًا جديدًا في التكامل الاقتصادي الإقليمي.
بصفتها منطقة التجارة الحرّة الأضخم من حيث عدد السكان في العالم، تتميز اتفاقية "آر سي إي بي" بهيكل عضوية متنوع، وإمكانيات إنمائية كبيرة. ومنذ تفعيلها قبل عام، عملت باستمرار على تقديم المزيد من الفوائد للدول الأعضاء، حيث قامت بخفض التعريفات وتوسيع مجال الوصول إلى الأسواق، وتعزيز التدفق الحر والتركيز الفعال لعوامل الإنتاج. وقد أسهمت اتفاقية "آر سي إي بي" في جعل التعاون التجاري والاستثماري بين الأعضاء أكثر قوة، وتحسين جودة التكامل الاقتصادي الإقليمي، وضخ طاقة إيجابية في الازدهار والتنمية في المنطقة والعالم.
وتظهر بيانات النصف الأول من عام 2022، زيادة الصادرات من كوريا الجنوبية وسنغافورة إلى أعضاء اتفاقية "آر سي إي بي" الآخرين على التوالي بنسبة 18.7٪ و19.1٪. وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، نما إجمالي قيمة الواردات والصادرات بين تايلاند وأعضاء الاتفاقية الآخرين بنسبة 10.1٪ على أساس سنوي.
في هذا الصدد، يعتقد أورامون، مدير إدارة المفاوضات التجارية بوزارة التجارة التايلاندية، أن الميزة الأكثر وضوحًا لتنفيذ اتفاقية "آر سي إي بي" تكمن في تعزيز التجارة بين الدول الأعضاء ودفع التكامل الاقتصادي الإقليمي.
في ذات السياق، قال وزير التجارة الإندونيسي ذو الكفل حسن إنه من المتوقع أن تعزز الاتفاقية من تطوير سلسلة التوريد الإقليمية ونقل التكنولوجيا من خلال زيادة صادرات السلع والخدمات.
وفي ظل التقلبات الكبيرة التي تشهدها خريطة الاستثمار العالمي، أظهرت الاستثمار الأجنبي المباشر في معظم الدول الأعضاء في اتفاقية "آر سي إي بي" نموا متسارعا. حيث رفع بنك التنمية الآسيوي مؤخرًا من تقديراته للنمو الاقتصادي لدول جنوب شرق آسيا خلال عام 2022، مما يعكس إلى حد ما التأثير الإيجابي لاتفاقية "آر سي إي بي" على التنمية الاقتصادية لبلدان المنطقة.
بصفتها الاقتصاد الأكبر بين دول الاتفاقية، تدعو الصين إلى الالتزام بالتعددية الحقيقية، وتعمل مع جميع الأطراف لمواصلة تعزيز التجارة وتحرير الاستثمار وتسهيله. ونتيجة لذلك، بلغ إجمالي حجم المبادلات التجارية بين الصين وأعضاء "آر سي إي بي "الآخرين في الأشهر الـ11 الأولى من عام 2022 مستوى 11.8 تريليون يوان، بزيادة سنوية قدرها 7.9٪، وهو ما يمثل 30.7٪ من إجمالي المبادلات التجارية الصينية. ووفقًا لتقرير مسحي صادر عن بنك "آش أس بي سي" في أوائل نوفمبر 2022، توقعت 93٪ من شركات الدول الأعضاء في اتفاقية "آر سي إي بي" زيادة تعاملاتها التجارية مع الصين، وتوقعت أكثر من 40٪ منها نمو أعمالها في الصين بنسبة 30٪ على الأقل خلال عام 2023.
يعيش العالم في الوقت الحالي، على وقع تصاعد موجات الحمائية والأحادية، بينما تواجه العولمة الاقتصادية رياحا معاكسة قويّة، ويكافح الاقتصاد العالمي من أجل التعافي. وفي الأثناء، يدخل اقتصاد منطقة آسيا والمحيط الهادئ مرحلة حرجة من التعافي الاقتصادي ما بعد الوباء. وتواجه مختلف الاقتصادات صعوبات، سبّبتها اضطراب سلسلة التوريد ونقص الغذاء والطاقة وزيادة ضغوط التضخم.
وفي ظل هذه التحدّيات المتزايدة، باتت الجهود المشتركة بين أعضاء اتفاقية "أر سي إي بي" تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لجميع الاقتصادات، للتغلّب على الصعوبات معًا، وتمثل دفعا قويّا للعولمة الاقتصادية.
في هذا السياق، قال بيتر درايسدال، مدير معهد اقتصاديات شرق آسيا في الجامعة الوطنية الأسترالية، إن اتفاقية "آر سي إي بي" خلال السنة الأولى من تنفيذها، قد أظهرت قدرات كامنة كبيرة لتحقيق الأرباح التجارية بالنسبة لآسيا والعالم.
يبقى الانفتاح قوة دفع مهمة لتقدم الحضارة الإنسانية والطريق الوحيد لازدهار العالم وتطوره. كما تبقى الصين على استعداد لمواصلة العمل مع مختلف أطراف اتفاقية "آر سي إي بي" لتنفيذ الاتفاقية على نحو شامل وعالي الجودة، وتعزيز بناء اقتصاد عالمي منفتح، وجعل الانفتاح يجلب آفاقًا جديدة مشرقة للتنمية العالمية.