9 ديسمبر 2022/ صحيفة الشعب اليومية أونلاين/يشهد التعاون الصيني السعودي توسعاً كبيراً في مجالات الطاقة والعلوم والتكنولوجيا وبناء البنية التحتية وغيرها من المجالات، كما لم يتوقف الجانبان عن تحقيق انجازات جديدة في السنوات الاخيرة، في ظل تعزيز المواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية و"رؤية 2030" السعودية.
يبدأ حسين البالغ من العمر 32 عاما عمله في الصباح الباكر، للفحص بعناية حالات وصحة الصمامات والأنابيب والمعدات في المصفاة الصينية السعودية في مدينة ينبع الواقعة على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، والتي توجد فيها صهاريج ضخمة من النفط، وخطوط أنابيب مرتبة، وأبراج متفاوتة.
تعد مصفاة ينبع، مشروع مشترك بين شركة سينوبك الصينية ومؤسسة النفط الوطنية السعودية باستثمارات إجمالية تزيد عن 8 مليارات دولار أمريكي، أكبر مشروع استثماري صيني في المملكة العربية السعودية، تبلغ مساحتها حوالي 5.2 مليون متر مربع، وتعمل مصفاة ينبع بشكل جيد منذ بداية الإنتاج. وفي الوقت الحاضر، تتجاوز قدرة التكرير فيها 400 ألف برميل من النفط الخام يوميا، ويتم تصدير المنتجات إلى أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ. ومن يناير إلى أكتوبر من هذا العام، حققت مصفاة ينبع أفضل أرباح لها منذ بداية العمليات التجارية. وقد تعلمت الصين والمملكة العربية السعودية من نقاط القوة لدى بعضهما البعض وتعاونتا بشكل وثيق في هذا المشروع، وفازت مصفاة ينبع بجوائز دولية من حيث جودة البناء وإدارة العمليات.
بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية الكبيرة، توفر مصفاة ينبع منصة جيدة للشباب المحلي لتطوير قدراته أيضاً. وفي النظرة إلى الخلف عن تجربته العملية في السنوات القليلة الماضية، يشعر حسين بالرضاء التام، حيث إلتحق بمصفاة ينبع كمهندس في ورشة التّفحيم والتي تعتبر الأولى من نوعها في السعودية بعد تخرجه في الجامعة في عام 2015، وقد قام المهندس الصيني بتعليم زميله السعودي بكافة تفاصيل العمل التي حفظها بشكل جيد، ومع مرور الوقت، تعلم حسين الكثير وتم ترقيته وصار مشرفا.
تضم مصفاة ينبع أكثر من 1200 موظف سعودي حالياً، وهو ما يمثل 87٪ من إجمالي عدد الموظفين. وتشير الإحصاءات إلى أنه منذ تشغيلها، وفرت المصفاة بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من 6 آلاف وظيفة محلية. كما قام المشروع بتنمية مجموعة من المواهب السعودية في الإدارة الهندسية والعمال المهرة من خلال التدريب والتعليم المستمر، مما ضخ زخما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية.
يتميز المناخ في السعودية بالحار وهطول الأمطار نادرة، والمياه العذبة التي تنتجها محطات تحلية مياه البحر تكملة هامة للموارد المائية التقليدية. وفي شهر مارس هذا العام، تم بناء وبدء تشغيل مشروع المرحلة الثالثة لمحطة رابغ لتحلية مياه البحر الذي تعاقدت عليه شركة شاندونغ الثالثة لتوليد الكهرباء. وهذا هو أول مشروع تحلية لمياه البحر على نطاق واسع في الخارج من قبل شركة صينية. ويمكن لهذه المحطة أن توفر المياه الصالحة للاستعمال لأكثر من 2 مليون من سكان المدن الرئيسية حول مدينة رابغ مثل مدينة جدة ومكة المكرمة، مما يجعلها واحدة من أهم مشاريع الحياة اليومية في المملكة العربية السعودية.
قال عبد الله أحد متساكني راغب: "قبل الانتهاء من المشروع، كان الوضع حرجا، في كثير من الأحيان نفتقد إلى الماء في البيت، وبالتالي ليس أمامنا خيار سوى التوجه إلى المحلات التجارية لشراء براميل كبيرة من المياه. أما الآن فيمكننا الحصول على الماء في أي وقت نفتح فيه الصنبور، كل الشكر للشركات الصينية التي جعلتنا لا نقلق بشأن المياه مجددا. "
وقال خالد القرشي المسؤول عن المشروع، والرئيس التنفيذي للشركة السعودية للتعاون في مجال المياه: "إن شركات البناء الصينية رائعة". مضيفا، انه خلال فترة انتشار كوفيد-19، إن المشروع ظل يتقدم بسرعة مع الحفاظ على عمليات السلامة مع مستوى إدارة الجودة من الدرجة الأولى، وهو علامة بارزة في المشاريع الجارية التي تقوم بها الشركة السعودية للتعاون في مجال المياه.
يعد تنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع تحلية مياه البحر في رابغ وبناء مصفاة يبنغ الصينية والسعودية خير مثال على المساهمة الصينية في دفع تحويل وترقية الاقتصاد السعودي، الأمر الذي عاد بالمنفعة على معيشة الشعب المحلية. إن الصين هي أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، والأخيرة هي المورد الرئيسي للطاقة للصين وأكبر شريك تجاري لها في غرب آسيا وأفريقيا. وقد بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والسعودية 87.31 مليار دولار في عام 2021، بزيادة قدرها 30.1 في المائة عن العام السابق.
كما قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إنه مع الرعاية الشخصية لقادة البلدين، يزدهر التعاون الاقتصادي والتجاري بين السعودية والصين، وينمو الاستثمار المتبادل، ويتم إطلاق إمكانات التعاون الأخضر ومنخفض الكربون بسرعة، وأصبحت الصين الشريك الأكثر ثقة للمملكة العربية السعودية لتحقيق "رؤية 2030".