عدن، اليمن 3 أكتوبر 2022 (شينخوا) قوبل فشل تمديد الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن بأسف وخيبة أمل كبيرين على الصعدين المحلي والدولي.
وكانت الأمم المتحدة قد رعت هدنة بين الحكومة اليمنية والحوثيين منذ الثاني من أبريل الماضي وتم تمديدها مرتين حتى الثاني من أكتوبر الجاري، إلا أن جهود تمديد الهدنة لفترة ست أشهر إضافية فشلت في التوصل لاتفاق.
وأعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أنه "قدم مقترحاً إلى الأطراف في أول أكتوبر الجاري لتمديد الهدنة لمدة ستة أشهر مع إضافة عناصر أخرى إضافية"، لكنه أعرب عن أسفه لعدم التوصل إلى اتفاق .
وتضمن مقترح الأمم المتحدة لتمديد الهدنة وتوسيعها دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والمنقطعة منذ عام 2016، وفتح طرق محددة في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير وجهات إضافية للرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء، ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة دون عوائق، حيث يخضع المطار الدولي والميناء لسيطرة الحوثيين.
كما تضمن المقترح الأممي تعزيز آليات خفض التصعيد من خلال لجنة التنسيق العسكرية والالتزام بالإفراج العاجل عن المحتجزين، والشروع في مفاوضات لوقف إطلاق النار واستئناف عملية سياسية شاملة وقضايا اقتصادية أوسع، بما في ذلك الخدمات العامة، حسبما ذكر المبعوث الأممي في بيانه.
من جانبها، أعربت الحكومة اليمنية عن أسفها لعدم نجاح جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن في إقناع الميليشيات الحوثية لاختيار سبيل السلام بدلا عن الحرب.
وكانت وزير الخارجية اليمني الدكتور أحمد بن مبارك قد أعلن في تصريح سابق لوكالة أنباء ((شينخوا)) إبلاغ الحكومة مبعوث الأمم المتحدة موافقتها على مقترح تمديد الهدنة في البلاد، والذي يتمحور حول "هدنة عسكرية، وفتح الطرقات، وانسياب سفن المشتقات، وتوسعة محطات الطيران، ودفع الرواتب وتشكيل لجنتين سياسية واقتصادية".
وجددت الحكومة اليمنية اليوم (الاثنين) تأكيدها على تعاملها الإيجابي مع كافة الجهود والمبادرات الدولية لإيقاف نزيف الدم اليمني وتحقيق السلام، وأنها قدمت تنازلات كبيرة انطلاقا من مسؤوليتها في تخفيف المعاناة الإنسانية التي سببتها الحرب المفروضة من قبل الميليشيات الحوثية.
وأشار بيان صادر عن الحكومة نشرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" إلى أن "ميليشيا الحوثي أظهرت حالة من التعنت غير المفهوم أمام فتح الطرقات الرئيسية إلى مدينة تعز دون إبداء أي أسباب واختارت أن تفتح طرقات إما لأغراض عسكرية أو طرق وعرة وغير مؤهلة لمرور الشاحنات التجارية ووسائل النقل العامة والخاصة، مما يجعلها طرق غير مجدية في فك الحصار عن مدينة تعز".
وفيما يخص ميناء الحديدة، اتهمت الحكومة الحوثيين بنهب واردات الميناء، مشيرة إلى أن ما يزيد عن 54 شحنة بحمولة مشتقات نفطية تصل إلى مليون ونصف طن، وبلغت الإيرادات المستحقة عن هذه الشحنات المفترض توريدها لفرع البنك المركزي في الحديدة لغرض دفع رواتب الخدمة المدنية في مناطق الحوثيين ما يزيد عن 203 مليارات ريال (بالعملة الوطنية) .
وبحسب بيان الحكومة، فإن قواتها التزمت ببنود اتفاق الهدنة السابقة، وأن الخروقات اليومية للحوثيين أسفرت خلال الستة الأشهر الماضية عن مقتل وإصابة أكثر من 1400 من العسكريين و96 من المدنيين.
وجددت الحكومة في بيانها اليوم أن "دفع رواتب موظفي القطاع العام أولوية إنسانية تحرص عليه الحكومة، في إطار معالجة شاملة للإيرادات العامة بما في ذلك إيرادات ميناء الحديدة والإيرادات الضريبية في مناطق سيطرة الميليشيات، وبدعم دولي يساهم في تغطية الفجوة، ولا يقبل الأمر مزايدات وفرض الإرادات".
وأكدت الحكومة التزامها بخيار السلام وكل ما من شأنه التخفيف من المعاناة، محملة الحوثيين مسؤولية إيصال هذه الجهود إلى طريق مسدود.
كما دعت الحكومة اليمنية في بيانها مجلس الأمن والمجتمع لتحمل مسؤولياته لمواجهة التهديدات الصادرة عن الميليشيات الحوثية الإرهابية التي لا تستهدف اليمن، فحسب بل تهدد مصالح المجتمع الدولي .
من جانبها، حملت جماعة الحوثي الحكومة والتحالف مسؤولية إفشال الهدنة.
وقال محمد عبدالسلام، رئيس الوفد الحوثي المفاوض والمتحدث باسم الجماعة، "تلقينا اتصالا هاتفيا من منسق الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية، أكدنا على موقفنا المعروف بضرورة صرف مرتبات جميع الموظفين ومعاشات المتقاعدين وإنهاء القيود التعسفية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء".
وأضاف على حسابه في "تويتر" تتحمل دول التحالف العربي بقيادة السعودية مسؤولية إفشال الهدنة وتفاقم المعاناة الإنسانية.
وفي السياق ذاته، اعتبر وزير الخارجية في حكومة الحوثيين هشام شرف أن "الطرف الآخر (في إشارة للحكومة) كان يهدف من التمديد الشكلي للهدنة إلى إدخال البلاد في حالة موت سريري وجعلها تعيش حالة اللا حرب واللا سلم".
وأشار شرف إلى أن الهدف الرئيس من الهدنة عمل كل الأطراف معاً من أجل رفع الحصار الشامل والدخول في مفاوضات سلام جادة وحقيقة.
وقوبل فشل تمديد الهدنة بخيبة أمل دولية، حيث قال الاتحاد الأوروبي في بيان اليوم، إنه يعرب عن خيبة الأمل بسبب عدم تجديد الهدنة في اليمن.
ودعا الاتحاد الأوروبي، الحوثيين إلى إظهار التزام حقيقي بالسلام واعتدال مطالبهم والمشاركة البناءة مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مؤكدا أن رفض اقتراح المبعوث خطأ استراتيجي، ولا يعبر عن مطالب اليمنيين.
ميدانيا، لا يزال الهدوء الحذر يخيم على معظم جبهات القتال في اليوم الأول لانتهاء الهدنة.
وفي محافظة تعز، قال المركز الإعلامي لمحور قوات تعز العسكرية (حكومية) إن هذه القوات حبطت محاولات تسلل لميليشيا الحوثي الإرهابية شمال وشرق وغرب مدينة تعز.
كما أحبطت القوات الحكومية هجوم للحوثيين في منطقة جبل البلق وبعض المواقع العسكرية في محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز، بحسب تقارير وسائل إعلام موالية للحكومة.
وشهدت خطوط التماس العسكرية بين القوات الحكومية والحوثيين هدوءا نسبيا في محافظات الحديدة والضالع ولحج والجوف وصعدة وحجة.
وتعاني اليمن من نزاع دموي منذ ثماني سنوات، وكانت الهدنة التي انتهت بالأمس هي الأطول خلال سنوات الحرب الدامية.