وفاء زيناتية
قال المبعوث الصيني السابق الخاص بقضية الشرق الأوسط، وو سيكي، إن الصين تبنت منذ عقود سياسة خاصة بالشرق الأوسط قائمة على أساس أن القضية الفلسطينية هي قضية محورية في المنطقة.
وأكّد سيكي، أنه من المستحيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط دون حل القضية الفلسطينية، موضحا أن الأحداث الأخيرة هي دليل واضح على وجهة النظر هذه.
وأشار سيكي، في رده على سؤال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، حول أفق السلام في الشرق الأوسط ومسار حل الدولتين، إلى أن الصين تدعم الشعب الفلسطيني وتعمل على تحقيق حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية، وأن مسار حل الدولتين هو الطريق الأفضل لذلك، مستدركا أن الفجوة في القوة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بالإضافة إلى الدعم الأمريكي لإسرائيل يجعل من تحقيق هذا الحل صعبا في الوقت الحالي.
وقال سيكي، خلال محاضرة له نظّمها البرنامج الصيني والدول العربية للتواصل الإعلامي 2022 بعنوان " القيم المشتركة وبناء رابطة المصير المشترك للبشرية"، اليوم الاثنين في العاصمة الصينية بكين، إنه على الرغم من وجود عقبات في سبيل تحقيق السلام، إلا أنه يتحتم على الجميع العمل على تضافر الجهود من أجل الدفع باستمرار نحو مسار حل الدولتين، مؤكدا أن جمهورية الصين الشعبية الصين تدعم بقوة هذا المسار.
وبيّن سيكي، الذي كان مبعوثا خاصا لجمهورية الصين الشعبية للشرق الأوسط في الفترة ما بين 2009-2014، أن الصداقة بين الصين والدول العربية لھا تاريخ طويل، ومنذ العصر الحديث دعمت الصين والدول العربية بعضها البعض في حركة التحرر الوطني؛ فبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وفي مؤتمر باودونغ عام 1955 تعهدت الصين بدعم النضال العادل للشعب الفلسطيني، ولأكثر من نصف قرن تمسكت الصين بدعم القضية الفلسطينية، وبذات الوقت تتذكر الصين بوضوح أنه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1971 صوتت 13 دولة عربية مع دول صديقة إفريقية لاستعادة جمهورية الصين الشعبية مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة.
وقال سيكي، في محاضرته أمام صحفيين وصحفيات من مختلف الدول العربية، إن العقد الثالث من القرن 21 شهد حدثان مهمان عمَقا فهم الناس لمفهوم المصير المشترك للبشرية، وهما: تفشي فيروس كورونا الذي يعتبر درسا حيويا للبشرية يؤكد أنه الوباء هو عدو مشترك للبشرية، وعليه تظهر أهمية قيمة التضامن بين شعوب العالم من أجل مكافحة المرض، أمّا الثاني فهو اندلاع الصراع الروسي الأوكراني في شهر شباط الماضي، والذي كان له تداعيات وتأثيرات سلبية طالت مختلف دول العالم؛ ما يؤكّد على أهمية الحرص على السلام والتمسك بميثاق الأمم المتحدة والاحترام المتبادل بين الدول، وإنشاء نظام عالمي أكثر عدالة والسعي لدمقرطة العلاقات الدولية.
وأوضح أن طرح الصين لمفهوم "مجتمع مصير مشترك للبشرية" يتناسب مع متطلبات العصر، وهو مفهوم الصين للقيم والعالم في العصر الجديد، الذي يمثل فكرة الصين للتعاون والكسب المشترك مع الدول الأخرى، ويعبر عن أمل الصين للسعي وراء السلام والتنمية، كما يؤكد المفهوم على السلام بدلا من الحروب، والكسب المشترك بدلا من احتكار الفائز على كافة المصالح، كما يؤكد بناء عالم يسوده الأمن والازدهار المشترك.
وفيما يتعلق في التشارك في بناء مجتمع مصير مشترك عربي صيني، استعرض سيكي علاقات الصداقة الصينية العربية تاريخيا، وقال: مع دخول القرن 21 ، تم الارتقاء بالعلاقات الصينية العربية إلى مستوى جديد؛ حيث طرحت الصين مبادرة الحزام والطريق العام 2013، وحصلت المبادرة على إقبال واسع من الدول العربية؛ ما أضاف زخما جديدا للتعاون الصيني العربي، فضلا عن إقامة شراكة استراتيجية شاملة بين الصين والدول العربية العام 2014.
وفي العام 2021، وفق سيكي، وقعت الصين عددا من الاتفاقيات بشأن التشارك في بناء الحزام والطريق مع 17 دولة عربية، وأيدت أكثر من 10 دول عربية مبادرة التنمية العالمية التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، كما وارتفع حجم التجارة بين الصين والدول العربية إلى ما يقرب من 330 مليار دولار أميركي بزيادة سنوية قدرها 38 بالمئة، وظلت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية منذ سنوات.
وأكّد أن الصين والدول العربية تشهد حاليا تصاعدا مطردا في التبادلات الثقافية والإنسانية، وعلى الرغم أن وباء كورونا قد أعاق التبادلات بين الناس من مختلف البلدان، إلا أن مختلف التبادلات الشعبية والثقافية والتعاون بين الصين والدول العربية لم تتوقف، مستعرضا العديد منها.
وقال إن الصين يسعدها أن ترى الدول العربية وقد أحرزت تقدما مستمرا في استكشاف مسارات التنمية المناسبة لظروفها الوطنية بشكل مستقل، لافتا إلى أن الصين والدول العربية ستستمران في المضي قدما جنبا إلى حنب لتوطيد الأساس المشترك في مختلف المجالات .
يُذكر أن منصب المبعوث الصيني الخاص لقضية الشرق الأوسط هو منصب دبلوماسي خاص في وزارة الخارجية الصينية، تتمثل مهامه في تولي المسئوليات الرئيسية لتيسير عملية السلام الإسرائيلية العربية، وقد أُعلن عن أول تعيين لهذا المنصب عام 2002 بناء على طلب من الدول العربية.