بكين 24 يونيو 2022 (شينخوا) استضاف الرئيس الصيني شي جين بينغ الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية اليوم (الجمعة) افتراضيا.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس شي خلال الاجتماع:
إقامة علاقات الشراكة العالية الجودة
والعمل سويا على فتح عصر جديد للتنمية العالمية
-- كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ
في اجتماع الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية
(يوم 24 يونيو عام 2022)
أيها الزملاء:
تعد التنمية عنوانا أبديا للمجتمع البشري. لما أصبحتُ فلاحا في قرية صغيرة في هضبة اللوس الصينية في أواخر الستينات من القرن الماضي، لمستُ مشقة أهاليها في الأعمال الزراعية ومعاناتهم في كسب الرزق، وكان شوقهم إلى الحياة الجميلة محفورا عميقا في ذهني. عندما زرتُ هذه القرية بعد مضى نصف القرن من الزمن، وجدتُ أن أهاليها لا يساورهم القلق من الكساء والغذاء، وكانت على وجوههم ابتسامة السعادة.
يقول الصينيون القدامى: "إن الإنسان عندما يتوفر له ما يكفي من الحبوب يكون مؤدبا، كما أنه يميز بين الكرامة والذلة عندما يؤمّن له الأكل واللباس". خلال السنوات الماضية زرت المدن والبلدات والأرياف في الصين كما زرت عددا ليس قليلا من الدول. لمست بعمق أن التنمية المتواصلة هى السبيل الوحيد لتحقيق أحلام أبناء الشعب من السعادة والرفاهية في حياتهم والأمن والاستقرار في مجتمعهم.
بذلت الدول النامية الغفيرة منذ فترة طويلة جهودا حثيثة في استكشاف الطرق التنموية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية الخاصة وفي تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، وحققت في هذا الصدد إنجازات مرموقة. قد أصبحت الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تشكل نصف حجم الاقتصاد العالمي، وكما أنها قطعت أشواطا كبيرة في مجالات التكنولوجيا والتعليم والمجتمع والثقافة.
في الوقت الراهن، تلتهم جائحة فيروس كورونا المستجد ثمار التنمية التي أحرزها العالم منذ السنوات، وتتعثر عملية تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، وتتواصل الفجوة بين الجنوب والشمال في الاتساع، وحصلت الأزمات في مجال أمن الغذاء والطاقة. وتقوم بعض الدول بتسييس أجندة التنمية وتهميشها، وهي تشيد "فناء صغيرا محاطا بجدار عال" وتفرض العقوبات القصوى وتصنع الانقسام والمواجهة. وفي نفس الوقت، أصبحت رغبة شعوب العالم في السلام والتنمية والتعاون أكثر قوة، وأصبحت إرادة الأسواق الناشئة والدول النامية في تعزيز الوحدة للتقوية الذاتية أكثر ثباتا، وأصبحت الفرص التي أتت بها الثورة التكنولوجية الجديدة والتحول الصناعي الجديد إلى دول العالم أكثر وعدا.
إنه عصر محفوف بالتحديات، كما أنه عصر مليء بالآمال. علينا أن ندرك الاتجاه العام لتنمية العالم ونرسّخ الثقة ونتخذ خطوات ملموسة ونحشد القوة والطاقة لتدعيم التنمية العالمية وخلق معادلة تنمية تتسم بالنفع للجميع والتوازن والتناسق والشمول والتعاون والكسب المشترك والازدهار المشترك.
أولا، يتعين علينا بذل جهود مشتركة لبلورة التوافق الدولي حول تعزيز التنمية. لا يدوم الازدهار ولا ضمان للأمن ولا أساس لحقوق الإنسان بدون الحياة الجميلة لشعوب العالم. فيتعين علينا أن نضع التنمية في مقدمة الأجندات الدولية وننفذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، ونعمل على إيجاد توافق سياسي يتمثل في اهتمام الجميع بالتنمية ومساعي كافة الدول إلى التعاون.
ثانيا، يتعين علينا بذل جهود مشتركة لتهيئة بيئة دولية مواتية للتنمية. من يتبع النزعة الحمائية سيجد نفسه مقيدا، ومن يسعى إلى الدوائر الضيقة سيجد نفسه معزولا، ومن يفرض العقوبات القصوى سيضر بنفسه والآخرين في آن واحد، ومن يقوم بفك الارتباط وقطع الإمداد سيجد طريقه مسدودا أو مقطوعا. فينبغي أن نسعى الى التنمية بكل إخلاص ونحشد الجهود لتدعيم التنمية، ونبني اقتصادا عالميا منفتحا، ونقيم منظومة الحوكمة والبيئة المؤسسية الأكثر إنصافا وعدالة في العالم.
ثالثا، يتعين علينا بذل جهود مشتركة لإيجاد طاقة جديدة للتنمية العالمية. يعد الابتكار أقوى محرك للتنمية. فينبغي أن ندفع بالابتكار التكنولوجي والمؤسسي ونسرع في نقل التكنولوجيا وتقاسم المعارف ودعم التطور للصناعات الحديثة ونجسر الفجوة الرقمية ونسرع في التحول المنخفض الكربون وندفع بتحقيق تنمية عالمية أكثر قوة وخضرة وصحة.
رابعا، يتعين علينا بذل جهود مشتركة لبناء علاقات الشراكة للتنمية العالمية. لا يمكن إنجاز مهمة كبيرة ومستدامة تخدم الجميع إلا من خلال التعاون. يجب على الدول المتقدمة الوفاء بواجباتها، وعلى الدول النامية تعميق التعاون فيما بينها، وعلى الجنوب والشمال التوجه نحو نفس الاتجاه، بغية التعاون في إقامة شراكة التنمية العالمية التي تتسم بالتضامن والمساواة والتوازن والنفع للجميع، وعدم ترك أي دولة أو أي أحد خلف الركب. ومن المطلوب دعم دور الأمم المتحدة للتخطيط والتنسيق في التعاون التنموي العالمي، وتشجيع قطاع الأعمال والجمعيات الأهلية والإعلام والمؤسسات الفكرية على المشاركة في التعاون التنموي في العالم.
أيها الزملاء!
ظلت الصين عضوا في العائلة الكبيرة للدول النامية. طرحتُ في العام الماضي مبادرة التنمية العالمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسنتخذ إجراءات عملية لمواصلة دعم أجندة التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة.
-- ستزيد الصين من الاستثمار في التعاون التنموي في العالم. ستقوم الصين بإعادة هيكلة صندوق المساعدة لتعاون الجنوب الجنوب وترقيته إلى "صندوق التنمية العالمية وتعاون الجنوب الجنوب" وزيادة مليار دولار أمريكي إضافي إلى الصندوق على أساس أصوله البالغة 3 مليارات دولار أمريكي؛ وستزيد الصين استثمارها في صندوق الصين-الأمم المتحدة للسلام والتنمية، بغية دعم التعاون في إطار مبادرة التنمية العالمية.
-- ستعمل الصين مع كافة الأطراف يدا بيد على تعزيز التعاون في المجالات ذات الأولوية، وستقوم الصين بتعبئة الموارد التنموية وتعميق التعاون العالمي في الحد من الفقر والقضاء عليه ورفع القدرة على إنتاج الغذاء وإمداده والدفع بعلاقات الشراكة في مجال الطاقة النظيفة؛ وستقوم الصين بتعزيز الابتكار والتطوير والإنتاج المشترك للقاح؛ وستقوم الصين بتعزيز الحماية والاستخدام المستدام للبيئة البرية والبحرية؛ وستقوم الصين برفع الكفاءة والمهارة الرقمية لأبناء الشعب وتسريع عجلة التحول الصناعي والارتقاء بمستواه والدفع بالتواصل والترابط في العصر الرقمي، بما يضخ قوة دافعة جديدة للتنمية في كافة الدول.
-- ستقوم الصين ببناء منصة دولية لتبادل المعارف والخبرات حول التنمية، وإنشاء مركز تعزيز التنمية العالمية وإنشاء شبكة المعارف للتنمية العالمية وتبادل الخبرات في الحوكمة والإدارة، بغية تعزيز التعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة؛ وستعقد الصين منتدى الشباب للتنمية العالمية، وتبادر مع الأطراف الأخرى إلى إطلاق خطة العمل للشباب حول التنمية العالمية، بغية حشد قوة مشتركة على نطاق أوسع لتنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
وكما يقول القول الصيني المأثور "لا مستحيل لأصحاب الرؤية المشتركة". لنرسخ ثقتنا ونتقدم يدا بيد نحو الاتجاه الصحيح المتمثل في بناء علاقات الشراكة العالية الجودة، ونعمل سويا على فتح عصر جديد ينعم بالازدهار والتنمية!
شكرا لكم.