القاهرة 12 مايو 2022 (شينخوا) على مدي فترة زمنية طويلة، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساعدات كأدوات وأسلحة للتحريض على الفرقة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفقا لخبيرين سياسيين مصريين.
وقال أيمن عقيل مدير مؤسسة "ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان"، إنه "للتأثير على سياسات الدول المستقبلة للمساعدات، فيما يتعلق بالديمقراطية والإصلاح السياسي، قدمت الولايات المتحدة المساعدات لخدمة أهدافها وتحقيق مصالحها".
واعتبر عقيل، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الصندوق الوطني للديمقراطية (NED)، الذي تأسس في العام 1983 كمؤسسة غير ربحية من قبل حكومة الولايات المتحدة، أحد "جنود" واشنطن للتدخل في صنع القرار بالبلدان الأخرى.
وتابع الخبير الحقوقي، أن الصندوق الوطني للديمقراطية عمل كبديل لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) لتقوية دور المعارضين الموالين للولايات المتحدة داخل الدول الأخرى، وإثارة الفوضى والانتفاضات في الدول العربية بحجة تعزيز الديمقراطية.
وأضاف عقيل أن الصندوق الأمريكي أنفق ملايين الدولارات لدعم أحزاب سياسية ونقابات عمالية وحركات منشقة ووسائل إعلام إخبارية في عشرات البلدان.
كما قامت المنظمة غير الحكومية بتجنيد وتدريب صحفيين شباب ونشطاء من الشرق الأوسط لكتابة مقالات تتعلق بالتطور الديمقراطي في المنطقة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كقناة لحشد الشعوب ضد حكامها، بحسب الناشط الحقوقي البارز.
ورأى عقيل، أن استخدام واشنطن المساعدات كأداة ضغط حدث أولا في أفريقيا والشرق الأوسط، مشيراً إلى أن التدخل الأمريكي في أفغانستان كان بحجة محاربة الإرهاب، وفي العراق للبحث عن أسلحة نووية غير موجودة.
وقال إنه "حتى حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أسيء استخدامه من قبل الولايات المتحدة في القضية الفلسطينية والحرب الأوكرانية".
وأشار إلى أن الصندوق الوطني للديمقراطية قدم تمويلا لتنظيم دورات تدريبية في دول مثل مصر وتونس وسوريا باسم الدفاع عن الديمقراطية ما ساهم في اندلاع ثورات الربيع العربي.
وخصص الصندوق، أكثر من 606 ملايين دولار في صورة "مساعدات للترويج للديمقراطية" في مصر في الفترة ما بين 1990 و 2003، وفي عام 2008 قدمت الحكومة الأمريكية 415 مليون دولار كمساعدات اقتصادية لمصر، منها 55 مليون دولار لدعم برامج الترويج للديمقراطية، بحسب دراسة تحليلية أجرتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة في نوفمبر 2021.
وأوضح الناشط الحقوقي، أن "الولايات المتحدة ترى نفسها دولة عظيمة لا تقبل الهزيمة ولديها أقوى جيش واقتصاد مما يؤهلها لفرض السيطرة على الدول الأخرى للحفاظ على مفهوم القطب الأوحد".
ومع ذلك، فإن أدوات الولايات المتحدة للديمقراطية تلقي بظلال من الشك على فعالية تمويل منظمة NED كأداة لتعزيز الديمقراطية أو توطيدها، كما قال عقيل، مضيفاً أنه "على العكس من ذلك، فإن سجل الولايات المتحدة المشين قد أثار استياء شديدا في المجتمع الدولي".
وتابع "لقد خلقت الولايات المتحدة، للأسف، نوعاً جديداً من الاستعمار من خلال احتلال البلدان بالمال والقوات والتدخل في اختيار الرؤساء والقادة وتكوين الأحزاب".
وأردف أنه "على عكس المساعدات التي جاءت من بعض الدول الأوروبية والصين، والتي استهدفت تحسين قطاعات الصحة والتعليم والتنمية، كانت المساعدات الاقتصادية الأمريكية دائما مشروطة بمتطلبات حقوق الإنسان".
وأكد عقيل، أنه "منذ عام 2011، الذي شهد اندلاع ثورات الربيع العربي، بدأ المواطنون في الشك في الأهداف الكامنة وراء المساعدات الأمريكية".
وشدد على أن "للولايات المتحدة دور في إثارة انتفاضات الربيع العربي من خلال دعم وتدريب وتمويل المتظاهرين الشباب، كما ثبت أن الولايات المتحدة لعبت دورا في التأثير على إرادة الشعوب في اختيار قادتهم، وهو دور غير مقبول وشكك في مصداقية الولايات المتحدة وحيادها اللذين لطالما تغنت بهما".
من جهته، رأى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن "الولايات المتحدة تقدم ديمقراطية تعددية ليبرالية لتتواجد في العديد من البلدان".
وقال فهمي، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن "هذا النموذج أثار بطبيعة الحال العديد من الصدمات والصراعات وأنتج جرائم حقيقية في عدة دول حول العالم".
وتابع أنه "من المفارقات أن النموذج الأيديولوجي الأمريكي هو مسألة يمكن تكرارها وإعادة ترتيبها بناء على الأهداف الأمريكية في كل دولة"، موضحا أن "مثل هذا النوع من الديمقراطية المفروضة لا يمكن أن يولد الاستقرار".
وأضاف المحلل السياسي، أن "الولايات المتحدة حريصة على بلورة نوع معين من الديمقراطية والثقافة المناسبة لها حتى لو بإرسال قوات إلى عدة دول في الشرق الأوسط، وهذه السياسة الأمريكية فشلت في مهامها بل وقسمت العالم وخلقت جماعات متطرفة".
واستطرد أن "النوع الأمريكي من الديمقراطية يتعارض مع هوية وثقافة الدول الأخرى، ولا يمكن تعميمه أو تطبيقه على أي من الدول الكبيرة أو حتى الدول الفقيرة".
وضرب مثلا بالأزمة الأوكرانية كأحدث مثال كشف عن وجود خلل كبير في سياسة الولايات المتحدة يتطلب مراجعة كبيرة.