بكين 30 أبريل 2022 (شينخوا) شكل تغير المناخ والتحديات البيئية الأخرى تهديدا لسبل عيش البشر والأنواع الأخرى في جميع أنحاء الكوكب.
وللتخفيف من حدة التأثير، قدمت الصين بعض الحكمة: التعايش المتناغم بين البشر والطبيعة، وهو أحد المبادئ الأساسية لفكر الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن الحضارة الإيكولوجية.
وقال الرئيس شي، في قمة القادة للاجتماع الـ15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي (كوب 15) العام الماضي، إن "الحضارة الإيكولوجية تمثل اتجاه تطور الحضارة الإنسانية".
ولا يمثل فكره فقط نظرية توجيهية تدعم جهود التنمية المستدامة في الصين، وإنما يسلط الضوء أيضا على المكان الذي ينبغي أن تتجه إليه الحضارة الإنسانية.
-- تعزيز الخضرة في الصين
لقد عززت الصين مؤهلاتها الخضراء في السنوات الأخيرة، من تنمية الوعي الحضاري الإيكولوجي للشعب الصيني إلى إضافة غابات جديدة ومراع وأراض رطبة ومكافحة تلوث الهواء والمياه.
وفي 30 مارس من هذا العام، زرع الرئيس شي أشجارا في العاصمة الصينية بكين، لتكون بذلك السنة العاشرة على التوالي لمشاركته في حملة زرع الأشجار السنوية بصفته رئيس البلاد، مما يظهر مدى تقديره للجهود المبذولة لتعزيز الخضرة في الصين.
وقال الرئيس شي "أريد أن أساهم بدوري في مبادرة الصين الجميلة، وأن أزرع أيضا بذور الحفاظ على البيئة في المجتمع بأكمله، بين الشباب الصيني على وجه الخصوص".
وأضاف أنه "من خلال المثابرة وتراكم الجهود، سنكون قادرين على جعل سماء بلادنا أكثر زرقة، وجبالها أكثر خصوبة، ومياهها أكثر نقاء، وبيئتها أكثر جمالا".
وبفضل جهود التشجير، تم زراعة 960 مليون مو (64 مليون هكتار) من الأشجار في الصين على مدى العقد الماضي. وقد وصلت مساحة الغابات في البلاد الآن إلى 23.04 في المائة، بزيادة قدرها 2.68 نقطة مئوية عن عام 2012، مما يعزز الثقة العالمية في مكافحة تدهور الغابات.
كما حازت جهود الصين البيئية على إشادة دولية. وفي عام 2017، فاز مجتمع التحريج في سايهانبا الصيني بجائزة أبطال الأرض، وهو أعلى تكريم بيئي من الأمم المتحدة.
وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن بكين وضعت حواجز حماية قوية لضمان ألا يؤثر التحضر ونمو البنية التحتية سلبا على صحة النظم الإيكولوجية الحيوية، بما في ذلك الغابات ومستجمعات المياه.
وأضافت أن "حقيقة أن الصين شرعت في مسعى طموح لزراعة الأشجار، وفي برنامج طموح لمكافحة هدر الطعام، كل هذه أمور جيدة جدا".
وذكرت أندرسن إن الشعب الصيني تبنى مفهوم "الأخضر هو الذهب" في الصين، وبالتالي رفع مكانة الدولة الآسيوية كمثال على حماية التنوع البيولوجي.
-- مساهمة الصين
وقال الرئيس شي في قمة القادة حول المناخ عبر رابط فيديو العام الماضي إن الصين، بصفتها مشاركا ومساهما ورائدا في الحفاظ على البيئة العالمية، ملتزمة التزاما راسخا بوضع التعددية موضع التنفيذ وتعزيز نظام عادل ومنصف للحوكمة البيئية العالمية من أجل تعاون مربح للجانبين.
وفي أكتوبر 2021، تم اعتماد إعلان كونمينغ في كوب 15 الذي عقد في حاضرة مقاطعة يوننان جنوب غربي الصين، مما أعطى زخما جديدا لخارطة طريق الحفاظ على التنوع البيولوجي في العقد المقبل.
وقالت وزيرة البيئة الدنماركية ليا ويرميلين إن الصين "أرسلت رسالة قوية وإيجابية إلى العالم" عندما أعلنت أنها ستأخذ زمام المبادرة من خلال استثمار 1.5 مليار يوان (حوالي 233 مليون دولار أمريكي) لإنشاء صندوق كونمينغ للتنوع البيولوجي لدعم حماية التنوع البيولوجي في البلدان النامية.
وأفادت إليزابيث ماروما مريما، الأمينة التنفيذية لاتفاقية التنوع البيولوجي، أن "تبني إعلان كونمينغ... وضعنا بقوة على طريق اعتماد إطار عالمي فعال للتنوع البيولوجي لما بعد 2020 من شأنه أن يشرك العالم بأسره في مهمة وضع الطبيعة على طريق التعافي بحلول عام 2030".
وأشار ريتشي ميرزيان، مدير برنامج المناخ والطاقة في معهد أستراليا، إلى أن الصين خطت خطوات كبيرة في مجال حماية البيئة.
وقال ميرزيان إن "تغير المناخ يمثل تحديا كبيرا. ولكن في الوقت نفسه، فإنه يوفر أيضا فرصة جيدة للتعاون".
في كينيا، ساعدت محطة غاريسا للطاقة الشمسية التي مولتها الصين، وهي أكبر محطة للطاقة الشمسية في شرق ووسط أفريقيا، في تسهيل سعي كينيا لتحقيق التنمية الخضراء منذ افتتاحها قبل ثلاث سنوات.
ومع تموضعها في واد عند سفح جبال الأنديز، عكفت العاصمة الشيلية سانتياغو على استخدام السيارات الكهربائية المستوردة من الصين كجزء من خططها لتجديد منظومة النقل العام لديها وتعزيز التنقل النظيف.
وأثناء بناء خط السكك الحديدية بين الصين ولاوس، الذي يربط كونمينغ في مقاطعة يوننان الصينية بالعاصمة اللاوسية فينتيان، تم تمديد العديد من الأنفاق واستبدال الطرق بالجسور لحماية موائل الفيلة.
وقال فيليب كلايتون، رئيس معهد التنمية الحديثة في الصين، وهو مركز أبحاث أمريكي، إن مساهمات الصين في الحضارة الإيكولوجية مكنت المجتمع الدولي من متابعة الإصلاحات البيئية والالتزام بالحوكمة البيئية الأكثر قوة.
-- مجتمع الحياة
لقد كانت الصين دائما بلد عمل، تتحمل بنشاط المسؤوليات الدولية وتكثف الجهود لبناء مجتمع حياة للإنسان والطبيعة.
وقال الرئيس شي إنه "في مواجهة تحديات غير مسبوقة في الحوكمة البيئية العالمية، يحتاج المجتمع الدولي إلى الخروج بطموح وعمل غير مسبوقين. نحن بحاجة إلى التصرف بشعور من المسؤولية والوحدة، والعمل معا لإنشاء مجتمع حياة للإنسان والطبيعة".
ووصف نايجل توبينغ، مناصر العمل المناخي رفيع المستوى في بريطانيا لمحادثات الأمم المتحدة حول المناخ، الحضارة الإيكولوجية بأنها "الأكثر إثارة" من بين الأفكار القادمة من الصين.
وقال "منذ أن سمعت مصطلح 'الحضارة الإيكولوجية'، كنت أقول 'نعم'، هذا ما نحاول جميعا بناءه، وهذا ما يجب أن نبنيه".
وأوضح كلايتون أن البشرية يجب أن "تدرك أننا نوع واحد له مصير مشترك واحد".
وبيّن "لم نكن لنتواجد على الإطلاق بدون أنظمة الحياة المستقرة والمغذية من حولنا. في الواقع، بمعنى ما، نحن لسنا مخلوقات موجودة بشكل منفصل على الإطلاق. نحن، من الأسفل إلى الأعلى، كائنات في المجتمع".
وأفاد كلايتون أن "أعظم رؤية لمستقبل البشرية هي التأكيد على أننا جميعا ننتمي إلى مجتمع عالمي واحد للحياة"، مضيفا أنه "عندما نعترف بترابطنا العميق، نصبح حلفاء نيابة عن مجتمع الحياة".