عاد ثلاثة رواد فضاء صينيين إلى الأرض بأمان في 16 أبريل الجاري، بعد أن سجلوا رقمًا قياسيًا جديدًا بلغ 183 يومًا متتاليًا في المدار. ويعتبر التقدم المستمر في رحلات الفضاء المأهول الصينية مثالاً حياً على الجهود العلمية والتكنولوجية للصين.
اليوم، تقف الجولة الجديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي عند منعطف تاريخي لتحقيق اختراقات كبرى. وقد تعلت الصين بعمق من دروس التاريخ، واتبعت بنشاط اتجاه العصر، وعززت الابتكار العلمي والتكنولوجي من منظور التمسك بمستقبل ومصير الدولة والأمة، وأصبحت دولة ابتكارية علمية وتكنولوجية كبيرة مع تأثير دولي مهم.
وفقًا للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، في عام 2021، قدمت الصين 69500 طلب براءات دولي عبر مسار معاهدة التعاون بشأن البراءات، محتلين المرتبة الأولى في عدد الطلبات للعام الثالث على التوالي. وارتفع الترتيب العالمي لمؤشر الابتكار الوطني الصيني من المرتبة الـ 34 في عام 2012 إلى المرتبة الـ 12 في عام 2021.
وراء القفزة التاريخية رسم استراتيجي. في السنوات العشر الماضية، شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرارًا وتكرارًا على أن "التركز على الابتكار يعني التركز على التنمية، السعي وراء الابتكار هو التخطيط للمستقبل"، وعزز سلسلة من الابتكارات التكنولوجية.
وراء القفزة التاريخية مبادرة الانفتاح. في عصر اليوم، تعتمد قدرة بلد على الابتكار في العلوم والتكنولوجيا إلى حد كبير على قدرته على دمج موارد الابتكار العالمية. وفي العام الماضي، أضافت شنغهاي وحدها 25 مركزًا للبحث والتطوير باستثمارات أجنبية، مما يعكس تحول الصين إلى نقطة ساخنة للابتكار في العالم، وجذب العديد من المهنيين من صناعات البحث العلمي الهامة.
لحل المشاكل العالمية، تعتبر قوة العلم والتكنولوجيا هي المفتاح، والتعاون المفتوح في العلوم والتكنولوجيا هو الطريق. وتظهر التجربة التاريخية أن القوة الدافعة لتنمية الاقتصاد العالمي على المدى الطويل تأتي من الابتكار التكنولوجي. كما يحتاج العالم لمواجهة سلسلة من التحديات البارزة مثل كوفيد-19، والاحتباس الحراري، والتدهور البيئي، وتكرار حدوث كوارث طبيعية كبرى، ونقص موارد الطاقة، والأمن الغذائي، إلى الاعتماد على الابتكار العلمي والتكنولوجي لإيجاد طرق فعالة للتعامل معها.
في مواجهة احتياجات العصر، عززت الصين باستمرار التعاون العلمي والتكنولوجي الدولي وأصرت على إفادة البشرية جمعاء من خلال ابتكاراتها العلمية والتكنولوجية. وقد أقامت الصين علاقات تعاون علمي وتكنولوجي مع 161 دولة ومنطقة، ووقعت 114 اتفاقية تعاون علمي وتكنولوجي حكومية دولية، وأطلقت بناء 53 مختبرًا مشتركًا في إطار مبادرة الحزام والطريق. كما حققت الصين اتصالاً فعالاً مع أكثر من 30 دولة على طول "الحزام والطريق" في مجالات تكنولوجيا التنقيب عن النفط والغاز التقليدية البرية وتطويرها، وتكنولوجيا توليد الطاقة، وتكنولوجيا نقل وتحويل الطاقة ذات الجهد العالي وغيرها، وشاركت الصين في أكثر من 200 منظمة دولية وآلية متعددة الأطراف تشمل العلوم والتكنولوجيا، وهي قوة مهمة في تعزيز وتحسين إدارة العلوم والتكنولوجيا العالمية.
في مواجهة جولة جديدة من الثورة التكنولوجية والتحول الصناعي، أدخلت الدول الكبرى في العالم استراتيجيات ابتكار جديدة واحدة تلو الأخرى، والمنافسة التكنولوجية الدولية شرسة بشكل غير مسبوق. وإن المنافسة العلمية والتكنولوجية الدولية أمر طبيعي، فالمنافسة السليمة لا تجعل الدولة أسرع وأقوى فحسب، بل تعزز التقدم المشترك للعالم أيضًا. مع ذلك، لم تتردد بعض الدول لفترة من الزمن في تعميم مفهوم الأمن القومي، وكبح وقمع التطور العلمي والتكنولوجي للبلدان الأخرى، وتسييس وتسليح قضايا التكنولوجيا، من أجل احتكار مزاياها العلمية والتكنولوجية.
إن قطع تبادلات التكنولوجيا لن يؤدي إلا إلى إعاقة التقدم التكنولوجي العالمي. ولقد اثبت تاريخ العلوم الإنسانية أن التواصل المفتوح هو الطريق الرئيسي لاستكشاف حدود العلم. وظهرت أول صورة للثقب الأسود للبشرية، بفضل الجهود المشتركة لأكثر من 200 باحث حول العالم. وإن فرض "فصل العلم والتكنولوجيا" لن يؤدي إلا إلى الإضرار بتنمية الصناعات العالمية. وقد حذر صندوق النقد الدولي من أن بعض الدول قد تخسر حوالي 5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي بسبب الاختلاف التكنولوجي.
واجهت الصين الجديدة في بداية تأسيسها الحصار التكنولوجي الخارجي والقمع، لكن هذا لم يهز ثقة وإرادة الشعب الصيني لتطوير العلوم والتكنولوجيا. وفي مواجهة الضغط الخارجي المتصاعد، تعتبر الصين أن الابتكار المستقل هو السبيل الوحيد لتسلق القمة العلمية والتكنولوجية في العالم، لكن ليس الانخراط في البحث والتطوير خلف الأبواب المغلقة. وبالنظر إلى المستقبل، ستعمل الصين على تعزيز التبادل والتعاون العلمي والتكنولوجي الدولي بمزيد من التفكير والتدابير المنفتحة، والاستفادة الكاملة من موارد الابتكار الدولية، وتعزيز شراكات الابتكار والعمل مع البلدان الأخرى لتعزيز التقدم العلمي والتكنولوجي العالمي والتنمية المبتكرة.