تونس 30 مارس 2022 (شينخوا) قرر المشاركون في جلسة عامة للبرلمان التونسي مثيرة للجدل، عقدت اليوم (الأربعاء) عبر تقنية الفيديو، إلغاء الإجراءات الاستثنائية التي كان الرئيس قيس سعيد قد أعلنها في يوليو الماضي وجمد بموجبها أعمال واختصاصات البرلمان في بلاده.
وقال طارق الفتيتي النائب الثاني لرئيس البرلمان التونسي، الذي ترأس الجلسة، إن المُصادقة على هذا القرار الذي حمل اسم "مشروع قانون عدد 1 لسنة 2022 المتعلق بإنهاء العمل بالإجراءات الاستثنائية" تمت بأغلبية 116 صوتا من أصل 217 هو عدد نواب البرلمان التونسي.
من جهته، قال ماهر مذيوب المكلف بالإعلام والاتصال في البرلمان، في تدوينة نشرها مساء اليوم في صفحته على شبكة ((فيسبوك))، إن البرلمان المجمدة أعماله "صادق خلال جلسته العامة المنعقدة اليوم عن بعد على قانون يتعلق بإلغاء كل الأوامر والمراسيم الرئاسية الصادرة منذ تاريخ 25 يوليو 2021".
وأوضح أنه تم خلال هذه الجلسة "إلغاء الأمر عدد 80 لسنة 2021 المؤرخ في 29 يوليو 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات البرلمان، والأمر عدد 109 لسنة 2021 المتعلق بالتمديد في التدابير الاستثنائية، والأمر عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، والمرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فبراير 2022 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء".
وأضاف أن هذا القرار "جاء عملا بأحكام الدستور، وخاصة الفصول 3 و51 و80 و102 و110 منه"، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذا القرار "سينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية)، وبموقع البرلمان، كما سيُعمم بكل وسائل النشر الممكنة".
وشدد في المقابل، على أن العمل بهذا القرار "يبدأ منذ لحظة التصويت عليه خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب، وينفذ كقانون من قوانين الدولة التونسية" على حد تعبيره.
وكانت أعمال هذه الجلسة بدأت في وقت سابق من اليوم عبر تقنية الفيديو، وذلك خلافا لما نصت عليه التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو الماضي والتي جمد بموجبها أعمال واختصاصات البرلمان.
وأعلن طارق الفتيتي أن 121 نائبا برلمانيا من أصل 217 شاركوا في الجلسة البرلمانية التي تجري أعمالها عبر تقنية تطبيق (زوم) وتُبث مباشرة عبر موقع ((يوتيوب)).
كما أعلن استقالة 8 نواب من كتلة حركة النهضة الإسلامية، هم جميلة الكسيكسي وتوفيق الزايري وفيصل دربال ومعز الحاج رحومة والتومي الحمروني وسمير ديلو ونُسيبة بن علي ورباب باللطيف.
وعرض بعد ذلك عناوين جدول أعمال هذه الجلسة البرلمانية العامة، وهي تضم "مشروع قانون لإلغاء" الاجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو الماضي، و"إبطال" كافة الاجراءات التي تلت تلك التدابير الإستثنائية وكل ما نجم عنها من آثار ترتيبية.
وكانت الدعوة لعقد الجلسة أثارت ردود فعل مُتباينة، تضاربت فيها مواقف الأطراف السياسية والحزبية، وانقسمت بين مؤيد ورافض لها وسط تحذيرات من جر البلاد نحو مربع الانقسام.
كما أثارت أيضا غضب الرئيس قيس سعيد الذي استبق عقدها بالتأكيد على أنه "سيتم التصدي لكل من يريد العبث بالدولة والدفع نحو الاقتتال الداخلي لأن المساس بوحدة الدولة، هو مس بأمنها وبأمن الشعب التونسي".
وقال قيس سعيد في كلمة ألقاها خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي التونسي عُقد ليلة الاثنين-الثلاثاء، بقصر قرطاج الرئاسي، إن "من يريد أن يعبث بالدولة ومؤسساتها أو أن يصل إلى الاقتتال الداخلي، فهناك قوات ومؤسسات ستصدهم عن مآربهم السخيفة".
وأضاف في هذه الكلمة التي بثت الرئاسة التونسية مُقتطفات منها في مقطع فيديو عبر صفحتها الرسمية على شبكة ((فيسبوك))، قائلا "لا أعرف عن أي جلسة عامة يتحدثون عنها، والنظام الداخلي للمجلس النيابي ليس من قوانين الدولة، التي هي ليست باللعبة أو الدمية التي تحركها الخيوط من داخل البلاد وخارجها".
وأكد في هذا السياق، أن "الدولة لن تتعافى إلا بقضاء مستقل يقف أمامه من يُحاول ضرب الدولة ومن يُحاول يائسا القيام بعملية انقلابية"، لافتا إلى أنه "تم اللجوء إلى تجميد البرلمان احتراما للدستور ولم يتم اللجوء إلى حله لأن الدستور لا يتيح ذلك".
وكان الرئيس قيس سعيد أعلن في 25 يوليو الماضي جملة من التدابير الاستثنائية تضمنت تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن جميع نوابه إلى جانب إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وعدد من الوزراء.
وفي الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي، أصدر قيس سعيد أمرا رئاسيا حمل الرقم 117 لسنة 2021 تعلق بتلك التدابير الإستثنائية تضمن 23 فصلا أدرجت ضمن أربعة أبواب نصت على "مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المُسندة لرئيس البرلمان وأعضائه".