وفقا لوكالة رويترز، ان شركة فيسبوك وميتافيرس قد تبادلتا رسائل الكرتونية داخلية في 10 مارس الجاري، تتعلق بالسماح بنشر محتويات عنيفة حول الجيش الروسي على فيسبوك وانستاغرام.
ولا يختلف سلوك مواقع التواصل الأمريكية، عن موقف الحكومة الأمريكية التي ما فتأت تفرض العقوبات وتمارس التحريض والهيمنة باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان. فعلى امتداد زمن طويل، ظلت الولايات المتحدة تستفيد من هيمنتها المالية وتفوقها التقني، لفرض العقوبات الأحادية وممارسة دبلوماسية الإكراه على الدول الممانعة لها.
وكل من يخالف رغبات الهيمنة الأمريكية، سيعاني من وابل غزير من العقوبات الأمريكية. حيث تضاعفت العقوبات الأمريكية خلال السنوات العشرين الماضية عشرة أضعاف. وخلال فترة إدارة ترامب، فرضت الولايات المتحدة أكثر من 3900 عقوبة، وهو ما يعادل ثلاث عقوبات يوميا. وإلى غاية السنة المالية 2021، بلغ عدد الكيانات والأفراد الخاضعين للعقوبات الأمريكية إلى 9421 مستهدف، بزيادة قدرها 933 ٪ عن السنة المالية 2000. وأشار مقال "نيوزويك" الأمريكية إلى أن "واشنطن قد أصبحت مدمنة على العقوبات، تمامًا مثلما يدمن طفل الـ 5 سنوات على الحلوى".
لكن، هل تغيّر العالم إلى الأفضل بسبب العقوبات الأمريكية؟ وهل سيتعزز أمن أوروبا بفعل العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا؟ في الواقع، بدل أن تساعد في حل المشاكل الحالية، خلقت إساءة استخدام العقوبات مشاكل جديدة لا نهاية لها. إذ أن العقوبات الأحادية غير المشروعة و"الولاية القضائية طويلة الذراع" تتعارض مع القانون الدولي والأعراف الأساسية للعلاقات الدولية. إذ تضع الولايات المتحدة القانون المحلي فوق القانون الدولي، وتوسع بشكل تعسفي من اختصاصه، وتستخدم القنوات القضائية المحلية لفرض العقوبات والولاية القضائية على دول أو منظمات أو أفراد معينين. وهو ما يعد انتهاكا صارخا للمعايير الأساسية للقانون الدولي والعلاقات الدولية، ويعتبر وسيلة من وسائل التنمّر الأمريكي.
ولا شك في أن إساءة استخدام العقوبات يقوض سيادة وأمن الدول الأخرى ويزيد من حدة الانقسام والمواجهة. فمنذ عام 2011، فرضت الولايات المتحدة أكثر من 100 عقوبة على روسيا وشنت حربًا دبلوماسية لطرد الدبلوماسيين الروس. ووصل بها الأمر إلى فرض عقوبات على حلفائها الأوروبيين بشأن قضايا تتعلّق بمشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي، مما خلق توترًا ودعوة إلى المواجهة الجماعية. وفي ظل "القيادة" الأمريكية، انتشرت إساءة استخدام العقوبات في الغرب، وحتى القطط الروسية والكلاب الروسية والأشجار الروسية لم تسلم من ريح العقوبات.
وهل أدت العقوبات الأمريكية ضد روسيا إلى حل قضية أوكرانيا؟ إلى الآن، الجواب واضح، فقد تسببت العقوبات الأحادية المتصاعدة من قبل بعض الدول مثل الولايات المتحدة في صعوبات خطيرة للاقتصاد ومعيشة الناس في البلدان المعنية، كما أدت إلى تعطيل وإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي والسلسلة الصناعية العالمية. ومع استمرار التوتر بين روسيا وأوكرانيا، تم تمديد العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا من "الحرب المالية" إلى "حرب النفط"، مما أدى إلى تقلبات عنيفة في أسعار النفط العالمية، لتصل إلى مستوى مرتفع جديد خلال 14 عامًا.
وفي عام 2018 انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقية الشاملة بشأن الملف النووي الإيراني وأعادت فرض العقوبات على إيران، مما أثر بشكل شديد على الاقتصاد الإيراني، ولم تستطع الحكومة الإيرانية حتى استيراد الإمدادات الطبية الكافية. أصبحت حياة الشعب الإيراني، وخاصة الفئات ذات الدخل المنخفض أكثر صعوبة.
وعلى مدى أكثر من 60 عامًا، تجاهلت الولايات المتحدة العديد من القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وفرضت حظراً شاملاً على كوبا، بما في ذلك الحظر التجاري الشامل والحصار الاقتصادي والعقوبات المالية. وصرّح وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز إنه في الوقت الذي تواجه فيه كوبا تحديات وباء كورونا، تواصل الولايات المتحدة فرض العقوبات والحظر على بلاده، مما تسبب في خسائر فادحة للاقتصاد والمجتمع الكوبي. واصفا العقوبات الأمريكية في حق شعبه بأنها عمل غير إنساني.
وبصفتها المتسبب الرئيسي في الأزمة الأفغانية، قرّرت أمريكا سحب قواتها من أفغانستان بعد احتلال دام 20 سنة، تاركة وراءها قرابة 23 مليون أفغاني يتخبط داخل أزمة غذاء حادة، بينهم 3.2 مليون طفل أفغاني دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد. وبدلاً من اتخاذ إجراءات ملموسة للتعويض عن الأضرار التي لحقت بالشعب الأفغاني، قامت الولايات المتحدة بشكل تعسفي بتجميد أصول الشعب الأفغاني وفرضت عقوبات أحادية الجانب، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان.
لقد أثبتت الحقائق أن العقوبات لم تكن أبدًا وسيلة فعالة لحل الأزمات. وأن التعامل مع القضايا الدولية والإقليمية الساخنة لا يقتصر على الحرب والعقوبات. وهو ما دعا رئيس التجمع الحزبي البديل عن البوندستاغ الألماني فيديل للتصريح علنًا، بأن العقوبات لا تفعل شيئًا لوقف الحروب. يجب على جميع الأطراف ألا تصب الزيت على النار من أجل مصالحها الخاصة، بل العمل المستمر من أجل حل النزاعات الإقليمية عبر الحوار والمفاوضات، وبناء هيكل أمني عالمي وإقليمي متوازن وفعال ومستدام.