شهد الوضع الأمني في الشرق الأوسط تغيرات مستمرة، منذ اندلاع الاضطرابات في نهاية عام 2010. ولم يعاني الشرق الأوسط من مشاكل أمنية تقليدية مثل الحروب والصراعات العسكرية لفترة طويلة فحسب، بل عانى أيضًا من مشكلات أمنية غير تقليدية مثل الإرهاب والتطرف ومشاكل حوكمة الصحة العامة الناجمة عن وباء كوفيد- 19.
وفي هذا الصدد، كتبت تونغ فاي، مديرة مكتب البحوث الأمنية في معهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، مقالا في صحيفة الشعب اليومية، أشارت فيه إلى أن الأمن في الشرق الأوسط يمثل أحد أصعب القضايا الأمنية في الحوكمة العالمية. وقد ظلت الصين ودول الشرق الأوسط تربطهما صداقة قوية منذ العصور القديمة، ومثلت دول الشرق الأوسط شركاء طبيعيين لمبادرة "الحزام والطريق"، كما أن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط يمثل تطلعات ومصالح الصين.
وفي مارس 2021، وخلال الزيارة التي أدّاها عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى منطقة الشرق ا لأوسط، طرح في عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، مبادرة من خمس نقاط لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط: الدعوة إلى الاحترام المتبادل؛ والتمسك بالعدل والإنصاف، وتحقيق عدم الانتشار النووي، وبناء الأمن الجماعي، وتسريع التعاون في مجال التنمية.
وقد قامت الصين بتوقيع اتفاقيات تعاون في مبادرة "الحزام والطريق" مع 19 دولة في الشرق الأوسط. وشمل تعاونها في إطار مكافحة الوباء جميع دول المنطقة. كما تبدي الصين استعدادا لمشاركة الفرص في سوقها الداخلية مع دول الشرق الأوسط. وتلتزم بالمساهمة في بناء الأمن في الشرق الأوسط على مبدأ الإنصاف والعدالة.
تنتهج الصين سياسة عدم الانحياز في الشرق الأوسط وتحافظ على اتصالات وثيقة مع جميع أطراف الصراع. وفيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، ظلت الصين دائما تؤيد الحقوق والمصالح المشروعة للشعب الفلسطيني، وتصرّ على دعم عقد مؤتمر دولي جديد حول فلسطين على أساس "حل الدولتين" ومبادرة السلام العربية ". وتدعو إلى استكشاف وابتكار آليات جديدة لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وبصفتها عضو دائم في مجلس الأمن ودولة رئيسية مسؤولة، تدعو الصين إلى مناقشة قضايا أمن الشرق داخل الأمم المتحدة، وتقترح بناء نظام أمني للمنطقة والتمسك بالتعددية وعدم اعتماد معايير مزدوجة في التعامل مع الإرهاب.
وتدعو الصين إلى تعزيز السلام من خلال التنمية وتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. وفيما يتعلق بالتنمية في الشرق الأوسط، فإن الصين على استعداد لمشاركة ثمار التنمية الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط من خلال التعاون في بناء مبادرة الحزام والطريق. وتشجع دول الشرق الأوسط الواقعة على طول "الحزام والطريق" على إيجاد مسار تنمية مناسب لها. وتعتقد الصين بأن التنمية السليمة للاقتصاد والمجتمع ستساعد في الحفاظ على الاستقرار الوطني وحل النزاعات الاجتماعية وتدفع نحو حل النزاعات الإقليمية.
في مواجهة انتشار كوفيد-19، قامت الصين بإرسال فرقًا طبية طارئة لعدة دول في الشرق الأوسط، وقدمت لها الإمدادات الطبية، وأنشأت مركزًا جديدًا لاختبارات كوفيد-19، وعقدت مؤتمرات بالفيديو حول الوقاية من الوباء، وعززت التعاون في تطوير وإنتاج لقاحات كوفيد-19 لمساعدة دول الشرق الأوسط على التصدي للوباء. وقد كان ذلك تجسيدا للإجراءات العملية التي اتخذتها الصين من أجل بناء مستقبل مشترك بين الصين والدول العربية.
تحتاج الحوكمة الأمنية في الشرق الأوسط إلى جهود جميع الدول الإقليمية، ولكنها تتطلب أيضًا التنسيق والمساعدة من المجتمع الدولي في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والمساعدات الإنسانية. ورغم ذلك، لا تزال آفاق تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط مشرقة، لكن هناك طريق طويل يتعين قطعه. وقد صرحت الصين في مناسبات عديدة بأنها عازمة على المساهمة في بناء الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والمساهمة في دفع التنمية في المنطقة. وفي المستقبل، ستواصل الصين العمل مع دول الشرق الأوسط على تحقيق الأمن وبناء مصير مشترك بينها وبين الدول العربية.