نانجينغ 2 نوفمبر 2021 (شينخوا) على مساحة شاسعة بين إمارتي أبو ظبي ودبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، يجذب مبنى كبير عليه رسم باللون الأحمر يشبه الختم، أنظار المارة المحليين، ويحيط بالمبنى مصانع وطرق حديثة يجري بناؤها، لتشكل جميعها منطقة صناعية حديثة تبهر الناظرين.
وتحمل هذه المنطقة اسم المنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية، وهي أول منطقة صينية للتعاون الإنتاجي ضمن مبادرة الحزام والطريق. وعلى الرغم من أنه قبل ثلاثة أعوام، لم تكن هذه المساحة إلا صحراء جرداء، الا أنها حققت تطورات وتغيرات مرموقة لتصبح مجمعا صناعيا حديثا.
وحققت المنطقة، بمساحتها الإجمالية البالغة 12.2 كيلومتر مربع ومنطقة إطلاق الإنشاءات البالغة 2.2 كيلومتر مربع، تقدما مستمرا بعد اطلاق أعمال البناء في 16 مايو عام 2018 .
ولدى حديثه عن إطلاق أعمال البناء في المنطقة، قال هاو سي هوان، نائب المدير العام لشركة جيانغسو المحدودة للاستثمار والتعاون الدولي، وهي الشركة المسؤولة عن إعداد المنطقة، إنه "عندما دخلنا المنطقة لأول مرة، لم يكن هناك إلا الصحراء ودرجات الحرارة المرتفعة".
غير أن الفريق الصيني لبناء وتشغيل المنطقة النموذجية لم يتوان أو يتراجع أمام الصعوبات، حيث تعاون مع السلطات الإماراتية المحلية لإنجاز إجراءات البناء وإطلاق أعمال الحفر والنقل وغيرها لحفز عمليات بناء المنطقة.
وقال هاو إنه "تعامل مع سلطات الشؤون المدنية والاستثمار والنقل وحماية البيئة والمياه والكهرباء وغيرها من السلطات لمرات عديدة أثناء هذه الفترة. وعلى الرغم من الاختلافات في السياسات والتدابير الدقيقة بين البلدين، إلا أن جميع السلطات والموظفين كانوا متحمسين جدا وساعدوا الشركة على معالجة مسائل وشؤون هامة في الوقت المحدد".
وفي أغسطس عام 2019 ، تم بناء مبنى الإدارة والخدمة للمنطقة النموذجية ودخل طور الاستخدام.
وفي عام 2020 ، وفي ظل تفشي وباء كوفيد-19 والتحديات الكبيرة الناجمة عنه، اتخذ فريق بناء المنطقة وإدارتها تدابير لإكمال البناء في ظروف مغلقة والعمل بالتناوب، ولم تقف أعمال بناء المشروعات في المنطقة، حيث تجاوز عدد الموظفين العاملين في البناء والإدارة 1100 شخص في فترة الذروة، ولم تظهر أي حالات عدوى عنقودية.
وذكر هاو أنه تم بناء مبان بمساحة قرابة 80 ألف متر مربع وطرق وأنابيب وشبكات بمسافة 8.5 كيلومتر في المنطقة النموذجية منذ إطلاق أعمال البناء قبل ثلاثة أعوام، مؤكدا على أن "عمليات البناء جارية بدقة حسب الخطة المحددة، ولم يقع أي تأجيل بعد".
وعلى صعيد استقطاب الاستثمارات والتجارة، شهدت المنطقة فعالية عالية، حيث تواصلت المنطقة مع أكثرمن 800 شركة مهتمة بتطوير أعمالها في المنطقة، وتم التوقيع على اتفاقيات رسمية مع 11 شركة تعمل في قطاعات إطارات السيارات والطاقة المتجددة ومعدات النفط والمنتجات الكيماوية الدقيقة وقطع غيار السيارات وغيرها.
وتعد شركة رودبوت المحدودة لصناعات إطارات السيارات، أول شركة صينية توقع على اتفاقية رسمية مع المنطقة، حيث تطمح إلى أن تصبح صانع إطارات فائقة الجودة وتتمتع بسمعة عالمية.
وكشف دو يون فونغ، نائب المدير العام للشركة، أنه على الرغم من التحديات الناجمة عن الاختلافات في الثقافة والمقاييس ونمط الإدارة وتداعيات تفشي وباء كوفيد-19، دخلت عمليات مصنع الشركة في المنطقة طور البناء الشامل ومن المخطط أن تُنجز جميعها بحلول عام 2022 وتدخل طور العمل.
وفي عام 2020 ، لم تقف خطوات الشركات الصينية في الاستثمار وإطلاق الأعمال التجارية في المنطقة، حيث وقعت ثلاث شركات على اتفاقيات، شملت قيام شركة انتليف (أبو ظبي) المحدودة لمعدات النفط والغاز الذكية بتوسيع مساحة الأراضي التي تستأجرها في المنطقة إلى ثلاثة أضعاف في غضون عام واحد.
وقالت تشو لي فونغ، وهي من أصحاب الأسهم بالشركة، إن "الإمارات تتميز بموارد النفط الغنية والموقع الجغرافي الاستراتيجي الممتاز بين قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا، ونتخذ من الإمارات منصة مهمة في خارطتنا الدولية، كما تقدم لنا المنطقة النموذجية خدمات ملحقة كاملة في مجالات التسجيل والشؤون الضريبية والتخليص الجمركي والتمويل المصرفي وغيرها، لكي نقوم باستثمارات بشكل أيسر وأسهل".
وحسب بيانات رسمية من وزارة الخارجية الصينية، تعد الإمارات أكبر سوق للصادرات وثاني أكبر شريك تجاري للصين بين الدول العربية، وشهدت العلاقات الثنائية تطورا شاملا وسريعا وعميقا في السنوات الأخيرة.
وكشف هاو أن الإمارات تطور حاليا اقتصادا غير نفطي لتحفز التحول الاقتصادي والارتقاء الصناعي في البلاد، مشيرا إلى أن البنية التحتية والطاقة النظيفة والشؤون المالية والطب أصبحت قطاعات هامة، وهو ما يتيح فرصا ثمينة تستغلها الشركات الصينية للدخول إلى السوق المحلية .
هذا وقال مهند سليمان النقبي، القنصل العام الإماراتي بمدينة شانغهاي، في مقابلة خاصة مع مراسل (شينخوا)، إن الإمارات والصين تحتضنان مجالات عديدة صالحة للتعاون، معربا عن أمله في أن يعمل الجانبان على تقوية التنسيق والترابط وتوسيع الاستثمارات والتجارة الثنائية، علاوة على تعميق التعاون الإبداعي وتعزيز الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وغيرها من المجالات .