القاهرة 30 سبتمبر 2021 (شينخوا) أكد خبراء أن اتجاه الدولة المصرية للتوسع في إقامة محطات معالجة وتحلية المياه يأتي لمواجهة الشح المائي والتنمية العمرانية المتزايدة التي تشهدها البلاد.
وشددوا على أن هذا الاتجاه للتوسع في معالجة مياه الصرف الزراعي وتحلية مياه البحر، ليس له أي علاقة بأزمة سد النهضة، وإنما نتيجة الشح المائي الذي تعاني منه مصر نتيجة الزيادة السكانية الكبيرة وثبات حجم المياه، فضلا عن التوسع العمراني الكبير والتخطيط للانتشار السكاني على نسبة 14% من مساحة مصر بدلا من 7 % في السابق.
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم (الاثنين) الماضي، محطة بحر البقر، أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعي في العالم، والتي تستهدف زراعة 500 ألف فدان بسيناء، شمال شرق القاهرة، فضلا عن خفض التلوث الذي يحدثه المصرف ببحيرة المنزلة.
كما افتتح السيسي في نفس اليوم ، أربع محطات لتحلية مياه البحر بسيناء، وهي محطة مدينة أبو زنيمة بطاقة انتاجية 20 ألف متر مكعب/ يوم، ومحطة تحلية مدينة دهب بطاقة انتاجية 15 ألف متر مكعب / يوم، محطة تحلية مياه مدينة نويبع بطاقة انتاجية 15 ألف متر مكعب/ يوم، ومحطة تحلية مدينة رأس سدر بطاقة انتاجية 3000 متر مكعب / يوم.
وقال الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن مصر تعتبر أقل دول العالم في مستوى الأمطار ليس لديها موارد مائية داخلية، واعتمادها الرئيسي على مياه نهر النيل التي تأتي من خارج حدودها، حيث تعتمد عليه في 97 % من احتياجاتها المائية.
وأضاف شراقي، لوكالة أنباء (شينخوا) أن حصة مصر من مياه النيل والبالغة 55.5 مليار متر مكعب لم تتغير منذ عام 1968، عندما كان عدد السكان 32 مليون نسمة ، حتى تضاعف هذا العدد ليصل حاليا إلى نحو 110 ملايين نسمة.
وشدد على أن اتجاه مصر للتوسع في معالجة مياه الصرف لتحسين نوعية المياه وإعادة استخدامها أكثر من مرة في الزراعة يأتي باعتبار ذلك أحد وسائل التصدي لظاهرة الشح المائي التي تواجهها مصر، مشيرا في هذا الصدد إلى افتتاح محطة بحر البقر أكبر محطة في العالم لمعالجة مياه الصرف واستخدامها في زراعة 500 ألف فدان بسيناء.
وفيما يتعلق بتحلية مياه البحر، نوه الدكتور عباس شراقي، إلى أنه يوجد بمصر حاليا نحو 80 محطة لتحلية مياه البحر، وأنه يتم العمل حاليا لإقامة 20 محطة أخرى لتحلية المياه.
وأوضح أن تحلية مياه البحر ليس لها علاقة بالشح المائي، وإنما هي ضرورة تفرضها خطط التنمية والتوسع العمراني والانتشار السكاني وإقامة المجتمعات العمرانية الجديدة خاصة على البحرين المتوسط والأحمر وفي سيناء، وذلك نظرا لابتعادها عن مياه النيل، مشيرا إلى أن مد خطوط مياه لهذه المناطق سيكون مكلف للغاية مقارنة بإقامة محطات لتحلية مياه البحر.
وأشار إلى قيام مصر حاليا بإنشاء 16 مدينة جديدة، بعضها ساحلية، ما يجعلها تحتاج إلى مياه الشرب والتنمية الصناعية والسياحية الضخمة التي تشهدها مصر في السنوات الأخيرة.
وخلال الأسبوع الجاري افتتحت مصر محطة معالجة مياه "مصرف بحر البقر"، الأكبر عالميا، بتكلفة تبلغ نحو 18 مليار جنيه مصري (الدولار يساوي 15.60 جنيه)، وذلك على مساحة 155 فدانا، وتنتج نحو 5.6 مليار متر مكعب في اليوم من مياه الري، بإجمالي حوالي 2 مليار متر مكعب سنويا.
وقال السيسي، خلال افتتاح المحطة، إن الدولة المصرية أخذت على عاتقها تنفيذ هذه المشروعات الضخمة لأنها تمثل "موضوع أمن قومي" لها متعدد الجوانب بما يشمل الزراعة والأمن الغذائي والثروة السمكية والبيئة وفرص العمل والتجمعات السكنية والتصدير والتنمية ومكافحة الإرهاب.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور شريف الخريبي عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن مشروعات معالجة مياه الصرف متعددة الأغراض، وهي مشروعات تنموية بامتياز تستهدف تحقيق التنمية المستدامة وإقامة مجتمعات عمرانية واقتصادية جديدة.
وقال الخريبي لوكالة أنباء (شينخوا) إن مشروعات معالجة وتحلية المياه تعتبر من أهم المشروعات التي تشهدها مصر في الفترة الأخيرة، تستهدف الاستغلال الأمثل لكل إمكانيات وقدرات مصر وعدم هدر هذه الموارد، وتعظيم الاستفادة منها إلى أقصى درجة ممكنة.
وأضاف أن مثل هذه المشروعات من شأنها أن تزيد الرقعة الزراعية في مصر، وتساهم في إقامة العديد من الصناعات الزراعية وغيرها، كما أنها تحقق المزيد من فرص العمل، وتعيد التوزيع السكاني بما يحقق الاستغلال الأفضل للموارد ويخفف الضغوط على الوادي والدلتا.
ولفت إلى أن هناك مساحات شاسعة في مصر تصلح للزراعة، ولكن كان ينقصها فقط توافر الموارد المائية التي تعاني منها مصر نتيجة ثبات مصادر المياه وتزايد أعداد السكان، مشيرا إلى أن اللجوء إلى معالجة مياه الصرف من شأنه أن يساهم في توفير الفرص اللازمة لاستغلال المزيد من الأراضي الصالحة للزراعة في مصر.
وخلال افتتاح الرئيس المصري لمحطة معالجة مياه بحر البقر، التقت وكالة أنباء (شينخوا) مع وكيل مجلس النواب السابق سليمان وهدان، الذي أكد على أهمية اتجاه مصر للتوسع في إقامة محطات معالجة المياه، باعتبارها تمثل نقلة نوعية هائلة اقتصادية وتنموية وبيئية، مشيرا إلى حجم الأضرار البيئية البالغة التي تخلفها مياه المصارف على مدار سنوات طويلة، فضلا عن الهدر الكبير في المياه وعدم استغلالها الاستغلال الأمثل رغم ما تعانيه مصر من شح مائي.
وأوضح وهدان، أن محطات معالجة المياه لن تساهم في استصلاح وزراعة مساحات واسعة صالحة للزراعة فقط، وانما أيضا في تحسين الوضع البيئي المتردي للكثير من البحيرات، ومن ثم استغلالها في تربية واستزراع الأسماك بعد أن نجحت الدولة في تطهيرها والقضاء على الاعتداءات عليها.
وأشار إلى أن محطات معالجة المياه من شأنها أن تساهم أيضا في تحسين التربة، بتقليل ملوحة مياه المصرف، وبالتالي تحسين إنتاجية الأراضي، ومن ثم العائد الاقتصادي وتوفير فرص عمل وخلق مجتمعات عمرانية جديدة.
وتستهدف مصر استصلاح نحو 500 فدان بسيناء بالاعتماد على معالجة مياه مصرف بحر البقر، ولديها الخطط الخاصة بإقامة ما يعرف بالدلتا الجديدة التي تستهدف استصلاح وزراعة 2 مليون فدان اعتمادا على معالجة مياه الصرف، من خلال محطة مدينة الحمام شمال غرب القاهرة الجاري العمل بها والتي تستهدف معالجة نحو 7 ملايين متر مكعب مياه/ يوم.