تعليق: مواجهة " بريكس " للمشاكل والتحديات ... حكمة ومرونة

يواجه بناء آلية بريكس، مثل آليات التعاون المتعددة الأطراف الأخرى، مشاكل وتحديات جديدة في عملية التكامل. ومع ذلك، تعمل دول البريكس في ظل الدفع المستمر للصين وروسيا والدول الأعضاء الأخرى، على ترسيخ وضع جديد وسط التغييرات، والعمل معًا لتلميع "اللافتة الذهبية" لبريكس.

وإن أهم المشاكل والتحديات التي يواجهها التعاون المتعدد الأطراف في " بريكس" : ـ

التغييرات في البيئة السياسية للدول الأعضاء تعيق تطوير آلية البريكس

يتأثر تقدم آليات التعاون المتعدد الأطراف بسهولة بالتغييرات في الإيكولوجيا السياسية للدول الأعضاء، وغالبًا ما تقيد عوامل مثل الصراعات الحزبية، وتغييرات الأنظمة، وتعديلات السياسة التقدم السلس لآليات التعاون متعدد الأطراف. على سبيل المثال، كان لديها موقف إيجابي تجاه تعاون بريكس خلال النظام اليساري في البرازيل، وقد تم الاعتراف بدورها بشكل كامل من قبل الدول الأعضاء الأخرى. لكن، بعد وصول حكومة بولسونارو اليمينية إلى السلطة، أدى موقفها الميل للولايات المتحدة إلى تراجع استعداد البرازيل للتعاون مع دول البريكس، ودوافعها للتعاون غير كافية إلى حد ما. ومع ذلك، يمكن استبعاد إمكانية استعادة البرازيل لمحرك تعاون بريكس وزيادة التعاون مع سقوط ترامب، وانتشار الوباء، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البرازيل. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء وتشغيل المركز الإقليمي لأمريكا الجنوبية التابع لبنك التنمية الجديد لبريكس في ساو باولو، والترويو البرازيلي بصفته الرئيس الجديد لبنك التنمية الجديد في بريكس، سيحفز الرغبة والدافع في تعاون البرازيل مع مجموعة بريكس. على وجه الخصوص، تأمل البرازيل في الترشح لعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من 2022 إلى 2023، وهي بحاجة ماسة إلى دعم دول البريكس، ومن المتوقع أن يقوم بولسونارو بتعديل موقفه السياسي بشأن تعاون بريكس.

الجهود الغربية المتزايدة لتشويه سمعة دول البريك وتفكيكها

يُصادف هذا العام الذكرى السنوية العشرين لطرح مصطلح "بريك" الذي تم صياغته لوصف الإمكانيات الاقتصادية للبرازيل وروسيا والهند والصين. وعلى مر السنين، لم تتوقف الدوائر السياسية والأكاديمية ووسائل الإعلام الغربية عن تشويه سمعة دول البريكس والافتراء عليها. كما تسعى الولايات المتحدة والغرب في الوقت الحالي، إلى تفكيك دول البريكس، مركزين على الهند في محاولة تعزيز انفصالها عن بريكس. وفي ظل استدراج الغرب للهند، ارتفعت أصوات في الأخيرة تنادي بالحاجة إلى الانفصال عن دول بريكس، مطالبين بأن الهند يجب أن تعمل مع الغرب للدفاع عن نظام القيم الديمقراطي، والتحول إلى آلية الحوار الثلاثية "الهندية، البرازيل، جنوب افريقيا " المكونة من الدول الديمقراطية، وتعزيز تحالف "الدول العشر الديمقراطية" لتشكيل تحالفا أيديولوجيا.

الذهب الحقيقي لا يخاف من النار

يعتقد وانغ يو مينغ ، مدير معهد شؤون البلدان النامية في معهد الصين للدراسات الدولية ، باحث أول في مركز الفكر الاقتصادي لدول بريكس بمركز الصين في الاقتصاد العالمي (CCWE) ، جامعة تسينغهوا، أنه على الرغم من التحديات المستمرة، ولكن مع تضافر جهود الصين وروسيا ودول أخرى، تتحسن آلية تعاون بريكس يومًا بعد يوم، وتواصل آليات التعاون الرئيسية الثلاث )الأمن السياسي والاقتصاد والتجارة والتمويل والتبادلات الشعبية والثقافية( في إضافة زخم جديد، من بينها ست نقاط بارزة بشكل خاص، مما يبرز مرونة وحيوية آلية بريكس.

أولاً، تكاتف للاستجابة لحالات الطوارئ الصحية العامة وإظهار قوة البريكس

عقدت دول البريكس اجتماعًا خاصًا لوزراء الخارجية للتعامل مع الوباء في أول وقت بعد انتشار كوفيد-19، لمناقشة الاستراتيجيات الجيدة لمكافحة الوباء وتعزيز إنشاء "مركز بريكس لأبحاث وتطوير اللقاح" في أسرع وقت ممكن. كما أطلقت الصين وروسيا وباكستان بشكل مشترك المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاحات. وفي أوقات الأزمات، قدم بنك التنمية الجديد بريكس للدول الأعضاء قروضًا طارئة تصل إلى 10 مليارات دولار أمريكي لمكافحة الوباء.

ثانياً، خطة عمل لمكافحة الإرهاب

بعد الجهود المتواصلة التي تبذلها مجموعة عمل مكافحة الإرهاب في بريكس، توصلت الدول الأعضاء إلى خطة عمل لمكافحة الإرهاب ستعمل بشكل مشترك على تعميق التعاون في مجالات مثل مكافحة الإرهاب، وإزالة التطرف، ومكافحة الإرهاب السيبراني .

ثالثاً، تعزيز تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي بشكل أكبر، والموافقة على "شراكة بريكس الاقتصادية 2025"

تعتبر هذه الوثيقة نسخة مطورة من "شراكة بريكس الاقتصادية"، والتي توفر دليلاً هامًا لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري لمجموعة بريكس في ظل الوضع الجديد، ما يعزز التعاون الاقتصادي والتجاري لدول البريكس ليكون "قويًا ومنهجيًا ومؤسسيًا".

رابعاً، بنك التنمية الجديد في بريكس ينجح في زيادة عدد موظفيه

افتتح بنك التنمية الجديد "المركز الإقليمي الأوروبي الآسيوي" في روسيا وسيفتتح أيضًا مكتبًا إقليميًا في الهند. كما أحرز بنك التنمية الجديد تقدماً في زيادة عدد أعضاءه وسوف يستوعب ثلاث دول أعضاء جديدة: الإمارات العربية المتحدة، وأوروغواي، وبنغلاديش.

خامساً، تحقيق اختراقات في التعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة

إن التعاون الذي طال انتظاره بشأن أقمار الاستشعار عن بعد لدول البريكس يؤتي ثماره أخيرًا. وعلى مدى السنوات الست الماضية، توصلت الوكالات الفضائية في دول بريكس إلى اتفاق لبناء "كوكبة افتراضية من الاقمار الصناعية للاستشعار عن بعد" بشكل مشترك لمساعدة دول الاعضاء على الاستجابة للتحديات الأمنية غير التقليدية مثل تغير المناخ والكوارث الكبرى.

سادساً، قاعدة ابتكار لشراكة بريكس بشأن ثورة صناعية جديدة في مدينة شيامن، الصين

استثمرت الصين قوة بشرية ضخمة وموارد مادية لإنشاء قاعدة ابتكار تعاونية في مدينة شيامن بجنوبي الصين من أجل تسريع إقامة شراكة بريكس للثورة الصناعية الجديدة، والتي ستصبح قاعدة الابتكار بطاقة أعمال مشرقة أخرى لبريكس بعد "بنك التنمية الجديد للبريكس".