القاهرة 26 أغسطس 2021 (شينخوا) اعتبر خبراء اقتصاديون مصريون أن زيادة واردات الدول العربية من الصين خلال العام 2020 رغم تداعيات أزمة تفشي مرض فيروس كورونا الجديد كوفيد- 19، تؤكد متانة العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.
وأوضح الخبراء في حوارات أجرت معهم وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين الجانبين تجاوزت تداعيات أزمة كورونا، و"في تطور مستمر" في ظل الشراكات الاستراتيجية بين الصين والدول العربية ومبادرة "الحزام والطريق" التي عززت العلاقات والانفتاح الصيني على الأسواق العربية.
ووفقا لإحصاءات وزارة التجارة الصينية، فقد بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية 239.8 مليار دولار أمريكي في عام 2020.
وبلغت واردات الدول العربية من الصين 123.1 مليار دولار خلال العام الماضي بزيادة 2.2 بالمائة على أساس سنوي.
بينما وصل رصيد الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية إلى 20.1 مليار دولار حتى نهاية عام 2020، في حين بلغ إجمالي استثمارات الدول العربية في الصين 3.8 مليار دولار.
وتغطي تلك الاستثمارات العديد من المجالات مثل النفط والغاز والبنية التحتية والتصنيع والخدمات اللوجستية والطاقة الكهربائية وغيرها.
وقال أمين عام اتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي لـ((شينخوا)) إن الصين هي أكبر شريك تجاري للدول العربية، وعزا هذا الأمر إلى استيرادها البترول الذي يشكل النسبة الأكبر من صادرات العالم العربي.
فقد استوردت الصين خلال العام 2020 حوالي 250 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية بما يعادل نصف إجمالي واردات البلاد من النفط الخام خلال العام الماضي.
وأضاف بيومي، وهو مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن "العرب يحملون للصين مودة عاطفية ونحن في مصر نتباهى في السياسة الخارجية بأن مصر أول دولة عربية وأفريقية اعترفت بجمهورية الصين الشعبية".
وتابع أن "سمعة الصين طيبة في إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأيضا المشروعات العملاقة، وهي تقوم حاليا بتنفيذ مشروعات كبيرة في مصر مثل حي المال والأعمال، والقطار الكهربائي، ومدينة المنسوجات وغيرها".
وبدأت الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية (CSCEC) تنفيذ حي المال والأعمال في العاصمة الإدارية الجديدة لمصر في مايو 2018 ومن المتوقع الانتهاء منه في أوائل عام 2023.
ويضم المشروع 20 برجا باستخدامات متنوعة، من بينها أعلى برج في مصر وافريقيا بارتفاع حوالي 385.5 مترا .
وأردف بيومي أن "جائحة كورونا لها تداعيات على اقتصادات العالم التي عانت بسبب حركة النقل، لكن العلاقات الاقتصادية بين الصين والدول العربية تجاوزت تداعيات كورونا".
وأرجع هذا الأمر إلى أن العلاقات بين الصين والدول العربية "طيبة وتتجاوز أي عقبات"، وأشار إلى أن جودة المنتجات الصينية تضاهى أفضل المنتجات في العالم.
واستطرد "أعتقد أن العلاقات الاقتصادية بين الصين والدول العربية في تطور مستمر. وهذا أمر طبيعي، لأن هناك شراكة استراتيجية بين الطرفين في كافة المجالات".
وأوضح أن مبادرة "الحزام والطريق" تعزز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، خاصة أن الدول العربية رحبت بهذه المبادرة.
ونوه بأنه بسبب هذه المبادرة تضخ الصين استثمارات في مصر، لاسيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة أستاذ الاقتصاد الدولي إن حجم واردات الدول العربية من الصين ارتفع خلال العام الماضي و"أعتقد أنه سيشهد ارتفاعا مستمرا لعدة أسباب".
ومن بين الأسباب وفقا للعمدة، وهو محاضر بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أن العلاقات بين الدول العربية والصين ليس فقط علاقات تجارية لكن شراكات اقتصادية متكاملة.
وأضاف العمدة لـ((شينخوا)) أن "العلاقات بين الصين والدول العربية هي علاقات استراتيجية ويوجد توجه من الجانبين نحو التعاون المشترك".
ورأى أن "إقامة منطقة التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين أمر يتفق مع المصالح المشتركة للجانبين، لما لديهما من مقومات التكامل الاقتصادي القوية في ظل الحاجة الملحة للتعاون التجاري والاقتصادي الموسع بين الجانبين ورغبة دول الخليج في تنويع نشاطها التجاري في القطاعات غير النفطية من خلال التبادلات التجارية البينية وتنويع مصادر وارداتها والاستفادة من الطفرة التكنولوجية التي حدثت في الصين".
وكان عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف بن فلاح الحجرف، قد أكدا خلال لقاء في 24 مارس الماضي أهمية استئناف محادثات التجارة الحرة والسعي للتوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن لتعميق التعاون الثنائي.
واعتبر العمدة أن "زيادة الواردات العربية من الصين تدل على قوة العلاقات العربية الصينية"، مضيفا أن "العلاقات تشهد تطورا مستمرا في معدل التجارة، والاستثمار في تزايد، وآفاق التعاون كبيرة في ضوء الانفتاح الصيني على الأسواق العربية، وتطبيق مبدأ الكل رابح.. ودون شك العلاقات السياسية القوية بين الجانبين تنعكس على العلاقات التجارية والاقتصادية".
وشاطره الرأي مدير مركز البحوث والدراسات الصينية المصرية بجامعة حلوان الدكتور ياسر جاد الله الذي توقع زيادة حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية في إطار طريق الحرير الذي يربط بين الصين وغالبية الدول العربية وعلى رأسها مصر.
وقال جاد الله لـ((شينخوا)) إن "زيادة الواردات العربية من الصين تؤكد قوة العلاقات بين الطرفين وانتصارا للتجارة الإلكترونية التي ظهرت أكثر بسبب الجائحة، لأن هناك دولا كان لديها خوف وقامت بالإغلاق فيما حولت الصين الجائحة من مشكلة إلى نقطة تميز لها".
ورأى أن العلاقات التجارية بين الطرفين تجاوزت تداعيات أزمة كورونا إلى حد ما، وواصل أن "العلاقات الاقتصادية بين الصين والدول العربية ستشهد في المرحلة المقبلة تطورا بشكل أفضل من المتاح حاليا".
ولفت إلى أن "مبادرة الحزام والطريق تلعب دورا مهما في تعزيز هذه العلاقات".