بكين 27 إبريل 2021 (شينخوا) يعمل حفارو القبور في إيران على مدار الساعة، وبدأت مداخن محارق الجثث في الهند في الذوبان. فالبلدان يكافحان ارتفاعا في حالات الإصابة والوفاة بكوفيد-19 مع وجود حاجة ماسة إلى توفير اللقاحات.
فالعامل المشترك وراء النقص الملحوظ في اللقاحات في العديد من البلدان يتجسد في العقبة الهائلة التي وضعتها واشنطن. بالنسبة للهند، يتمثل في قيود التصدير التي فرضتها الولايات المتحدة على المواد الخام المستخدمة في إنتاج اللقاحات، أما بالنسبة لإيران، فيتمثل في العقوبات الأحادية التي تعرقل مشترياتها من اللقاحات.
بهذه السياسات الأنانية، إن لم تكن الخبيثة، تفقد الولايات المتحدة بوصلتها الأخلاقية في سباق التطعيم العالمي لإنقاذ الأرواح.
وقد قالت الولايات المتحدة يوم الأحد إنها رفعت القيود المفروضة على صادرات إمدادات اللقاحات لمساعدة شركات تصنيع اللقاحات في الهند على توسيع الإنتاج. جاء هذا القرار المتأخر عقب تزايد الكشف عن وجود فائض من اللقاحات في الولايات المتحدة وعقب انتقادات حادة لقومية اللقاحات في واشنطن.
ومنذ بداية الجائحة، سارعت الولايات المتحدة إلى تأمين صفقات اللقاح. ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن برنامج تتبع اللقاحات التابع لـ((بلومبرغ))، فإن الولايات المتحدة، التي لا يتجاوز عدد سكانها 4.3 في المائة من سكان العالم، لديها 22.7 في المائة من اللقاحات في العالم.
وذكرت شبكة ((إن بي سي نيوز)) في يناير أنه في الوقت الذي لا تزال فيه اللقاحات غير متاحة للكثيرين في العالم النامي، ينتهي المطاف بآلاف اللقاحات المضادة لكوفيد-19 في القمامة في جميع أنحاء الولايات المتحدة يوميا.
لقد أصبحت واشنطن في الواقع معطلا رئيسيا في سلسلة التوريد العالمية للقاحات وغذت ما وصفه رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بـ"اختلال صادم" في توزيع اللقاحات المضادة لمرض فيروس كورونا الجديد بين الدول الغنية والفقيرة.
ومن ناحية أخرى، فإنه على الرغم من تداعيات الجائحة على حقوق الإنسان الأساسية للناس مثل الحياة والصحة، واصلت الولايات المتحدة ممارسة أقصى الضغوط ضد دول مثل إيران وفنزويلا، ما جعلها تواجه صعوبة في شراء اللقاحات المضادة لكوفيد-19 بأموالها المودعة في حسابات أجنبية أُغلقت بسبب العقوبات الأمريكية.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد قال في وقت سابق من هذا الشهر إن الولايات المتحدة منعت وصول إيران إلى 10 ملايين جرعة من لقاح مضاد لكوفيد-19 من خلال الضغط على الموردين المعنيين.
علاوة على ذلك، انغمست الولايات المتحدة في تحركات جعلت التعاون العالمي في مجال اللقاحات جزءا من المنافسة الجيوسياسية.
واستمر بعض المسؤولين في واشنطن، إلى جانب بعض وسائل الإعلام الأمريكية، في تشويه سمعة التعاون في مجال اللقاحات بين الصين وروسيا ودول أخرى، وعملوا على إثارة أي شكوك واهية بشأن فعالية اللقاحات التي تنتجها الدولتان.
في الواقع، إن الولايات المتحدة هي التي قامت بتسييس الفيروس، وهو ما يقوض بشكل كبير التضامن والتعاون العالميين.
وقد ذكرت ماريا فان كيرخوف، أخصائية الأوبئة في منظمة الصحة العالمية، لصحيفة ((واشنطن بوست)) حول التفاوتات في توزيع اللقاحات العالمية "إنه أمر مشين أخلاقيا ومعنويا وعلميا"، مضيفة بقولها "لدينا كل عوامل الإشعال التي قد تضرم الحرائق في كل مكان. إننا نجلس على برميل بارود".
إن إعلان واشنطن رغبتها في مساعدة نيودلهي موضع ترحيب في العالم لأنه قد يشير إلى عودة الولايات المتحدة إلى التعاون في مكافحة كوفيد-19. ويؤمل في أن تترجم القوة العظمى الوحيدة الأقوال إلى أفعال وتقدم مساهمات أكثر إيجابية. فالساعة تدق والأرواح على المحك. ولا يستطيع العالم تحمل مزيد من التأخير في هذه المعركة.