مسقط 6 مارس 2021 (شينخوا) أكد عمانيون أن ما أعلنته جمهورية الصين الشعبية أخيرا من انتصارها في معركتها ضد الفقر، ونجاحها في القضاء عليه بصورة نهائية في البلاد وهو ما أطلقت عليه "الانتصار الكبير"، وذلك من خلال تمكين الدولة لنحو 98.99 مليون مواطن ريفي فقير من تجاوز مستوى خط الفقر الذي حددته الحكومة وفقا لنصيب الفرد من الدخل السنوي الذي حددته الأمم المتحدة، لهو تجربة محل تقدير واحترام ويجب أن يدرسها ويتعلم منها العالم، خاصة وأنها تمت خلال 8 سنوات فقط.
وقال أستاذ التاريخ العماني، والمتخصص في العلاقات العمانية - الصينية الدكتور محمد المقدم إن الصين بلد ونموذج للعمل في صمت ودون ضجيج، فهم بلد وشعب لا يحب الكلام الكثير ولا ظاهرة "علو الصوت" وإنما هم يعملون ويقدرون قيمة العمل، ولذا ففي كل مرة يحققون نجاحا باهرا تجد العالم أو البعض وكأنهم يصدمون بهذا النجاح، وتجربتهم في التعامل مع الفقر والقضاء عليه تجربة بحق تستحق التأمل والإشادة، بل وعلى العالم وخاصة الدول المماثلة أي التي لديها معاناة من الفقر أن تتعلم من هذه التجربة الصينية الفريدة.
وأوضح المقدم، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الدارس أو المتابع للشأن الصيني يعلم تمام المعرفة أن الصين كان لديها معدل مرتفع جدا من الفقر، فلنا أن نتخيل أن هناك عشرات الملايين في هذه الدولة كانوا تحت مستوى خط الفقر، وكانت الدولة تعلن عن ذلك بكل صراحة ودون خجل، ولكنها كانت في نفس الوقت تعمل وتواجه ذلك بجرأة وشجاعة وتخطيط وبطرق عملية يتشارك فيها الجميع من أعلى سلطة في الدولة، الرئيس نفسه كقيادة سياسية والحزب والحكومة والشعب، وجميع الأطراف، ولذا شاهدنا وفوجئنا جميعا بأن الدولة الصينية تعلن عن انتشال قرابة 100 مليون صيني من براثن الفقر المدقع.
وكانت الصين قد أعلنت أخيرا نجاحها في الانتصار في معركة الفقر، وذلك خلال حفل رسمي ضخم أقيم في في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين، وتمكين 98.99 مليون فقير من تجاوز مستوى خط الفقر، وهو الإنجاز الذي أشاد به الرئيس الصيني شي جين بينغ ووصفه بـ "الانتصار الكبير"، وذلك لأن الدولة كانت قد تعهدت في العام 2016، رسميا بأنه بنهاية العام 2020 ستنتشل 832 محافظة فقيرة-وهو الهدف حققته فعليا في نوفمبر الماضي.
وقال عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية السابق الإعلامي على المطاعني لوكالة أنباء ((شينخوا)) "ما أعلنته الصين أخيرا من نجاح في القضاء على الفقر وبهذا العدد الضخم من الملايين - قرابة 100 مليون نسمة - ليس بغريب ولا مستغرب على الحكومة ولا الشعب الصيني، فهي بلد وشعب عملي، وهي بلد أفعال وليس أقوال".
وأوضح المطاعني أن الصين والصينيين بطبيعتهم لا يميلون إلى التصريحات الكثيرة حول ما يفعلون، كما لا يميلون إلى ظاهرة نحن سنفعل "كذا"، وإنما يعملون في صمت ولا يعلنون عن الشيء إلا بعد أن يتم، ولذا وعلى سبيل المثال تجدهم حققوا طفرات كثيرة بدءا من الوصول إلى ثاني أكبر وأقوى اقتصاد في العالم - ويتوقع لهم خلال سنوات أن يصبحون الأول - ونجاح شركة مثل هواوي لتكون ثاني أقوى شركة تكنولوجيا في العالم وتنافس أمريكا في تقنية الجيل الخامس، وتجربة نجاح محرك البحث "بايدو" لينافس جوجل، ونجاحها في تصنيع أضخم طيارة في العالم وغيرها العشرات من النماذج التي يمكن أن تقيس عليها في نجاح وتفوق الصين دون ظاهرة صوتية أو ضجيج.
أما رئيس مجلس إدارة مركز تكنولوجيا الصحافة والإعلان، ورئيس تحرير مجلة (الواحة) الإعلامي حمود الطوقي، قال إن ما أعلنته الصين ووصلت إليه في القضاء على الفقر لهو بحق تجربة تستحق الإشادة والاحتفاء به عالميا لتكون نموذجا تستفيد وتتعلم منه كثير من الدول التي لديها نماذج شبيهة من المعاناة من الفقر.
وقال الطوقي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن ما تحقق للصين من القضاء على الفقر ليس وليد الصدفة ولا عملا عشوائيا، وإنما هو إنجاز جاء نتيجة تخطيط، والمتتبع للصين خلال العقود والسنوات الماضية يجد أنها توجهت لسياسة اسمتها "الاصلاح والانفتاح" وهي ما أتت ثمارها، فكأن الاصلاح للداخل، والانفتاح على الخارج.
وأوضح الطوقي أن المتتبع للصين يجد أنها بحق حققت نجاحا عظيما في القضاء على الفقر وأرجع الطوقي هذا النجاح في تغلب الصين على الفقر إلى اتباع الحكومة لطرق وأساليب غير تقليدية في التعامل مع تلك المشكلة، واعتماد ما يسمى بالتجربة ذات الخصائص الصينية والتي تقوم على فلسفة للحزب الحاكم هناك، وهدف محدد وهو السعي نحو تحقيق "رخاء مشترك" للجميع.
وأضاف "زرت الصين ومتابع لشأنها وكنت بالفعل أرى كيف يعمل الصينيون على محاربة الفقر وذلك من خلال تجارب حية وعملية، وذلك من خلال توجههم لقرى وأحياء بأكملها وتبنى الفقراء بها وعمل مشاريع لهم يكونوا شركاء فيها"، وتحدث عن نموذج قائلا "زرت وشاهدت تجربة قرية صينية ذات طبيعة خاصة وهي تمتعها بخصائص سياحية وكيف أن الحكومة نجحت في أخذ أرض أو بيوت بعض الفقراء والانفاق عليها وتطويرها لهم وحولتها إلى شقق فندقية أو مطاعم أو مشاريع صناعية وفتحت في القرية محلات لبيع المنتجات الريفية والحرفية التي ينتجها أهالي تلك القرية ليصبح الجميع ينتج ولديه دخول شهرية وأضعاف ما كان يحصلون عليه سابقا".
وأكد أن هذا مجرد نموذج ولكن كلي ثقة أن هناك العشرات من النماذج حول تعامل الصين في مواجهة الفقر والانتصار عليه ولذا فهي تجربة تستحق الدراسة والتأمل بل والتعلم والاستفادة منها.