صورة: محمد أصغر، مراسل خاص لوكالة أنباء أسوشيتد برس الباكستانية (APP) في الصين |
26 فبراير 2021/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أكد محمد أصغر، مراسل خاص لوكالة أنباء أسوشيتد برس الباكستانية (APP) في الصين، أن أول انطباع تجاه مركز التدريب والتعليم المهني زاره في كاشغر، منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم في عام 2019 إيجابي لما يتمتع به من التنظيم، والفساحة، والأمل والحيوية المفعمة. وأن ما رآه بأم أعينه في المركز يختلف اختلافًا تامًا عما تتداوله تقارير وسائل الإعلام الغربية بأنها "معسكرات اعتقال مروعة ويائسة ".
قال محمد أصغر خلال لقاءه مع صحيفة الشعب اليومية أونلاين مؤخرا، إنه قبل زيارته لما يسمى بـ " المعسكر التدريبي" كان يعتقد أنه مكانًا مزدحمًا بالناس، ومحاط بأسلاك شائكة مع ظروف معيشية مروعة، والبوابات محاطة بحراس يحملون بنادق، لكنه اندهش لما رآه، حيث أن المركز أشبه بحرم جامعي بدلا من معسكر تدريب، يحتضن خمسة مبانٍ من خمسة طوابق، تستوعب كل غرفة اثنين من المتدربين، وهناك مقهى فسيحة تتسع لأكثر من 500 شخص تقدم يوميًا طعامًا متنوعًا ولذيذًا للمتدربين، بالإضافة إلى الطعام الحلال للمسلمين.
لقد زار محمد إلى جانب أربعة صحفيين آخرين من المملكة المتحدة وروسيا وكازاخستان وإندونيسيا، مركزين في هوتان، وأشار الى أنهما متماثلان إلى حد ما.
لدى محمد قصص وذكريات عالقة في ذهنه عن زيارته للمركز، حيث قال: "ذهبت إلى فصل الموسيقى، حيث عزف أمامنا بحماس أكثر من 30 طالبًا من الشابات والرجال على حد سواء. ورأيت الكثير من المتدربين خارج حجرة الدراسة يلعبون كرة القدم وألعاب أخرى في ملعب واسع. وبدا لي أن الجميع سعداء ومتحمسون للغاية ".
وعلم محمد من حديثه إلى بعض المتدربين الأويغور الذين تأثروا سابقًا بالتطرف الديني أو العاطلين عن العمل بسبب نقص المهارات، أنهم انضموا إلى البرنامج التدريبية طواعية في محاولة لبناء حياة أفضل لأنفسهم. ويمكن للمتدربين زيارة عائلاتهم أو أصدقائهم في عطلات نهاية الأسبوع أو خلال الإجازات، ويقدم المركز دورات مجانية مثل الطبخ، والخياطة، ودروس التجميل، والماندرين، والدين، والقانون، وكلها مجانية تمامًا.
عديلة، امرأة عاطلة عن العمل سابقًا مستواها التعليمي ابتدائي فقط، تعرفت على المركز من عضو لجنة القرية للحزب الشيوعي الصيني. وتقدمت بطلب لدخول المركز وتتعلم الآن تقديم الطعام. وأخبرت محمد أنها سعيدة لأن جميع المرافق مجانية، وأعربت عن أملها في تعلم لغة الماندرين واكتساب مهارات أخرى حتى تتمكن من العثور على وظيفة جيدة في المستقبل.
ومن جانبه، قال عبد الله، مزارع سابق كان يأمل في إدارة مشروع تجاري عند الانتهاء من تدريبه، لـمحمد أنه تعلم الكثير وأنه راضٍ عن التدريب والتسهيلات والعلاج وانضم عبد الله إلى المركز طواعية ويمكنه العودة إلى المنزل لرؤية والديه مرة واحدة في الأسبوع.
صورة: متدربون يرقصون في مركز للتعليم والتدريب المهني في شينجيانغ
قال محمد لأولئك الذين يريدون تصديق أن هؤلاء المتدربين ربما تم ادخالهم بإكراه أو تم تنظيم أفعالهما:" انه مستحيل أن تجد الحكومة الصينية هذا العدد الكبير من الممثلين الرائعين". مضيفا، أن الزيارة غيرت انطباعه بشكل جذري عن مركز التدريب، الذي يعتقد أنه فكرة رائعة لمواجهة الإرهاب، فضلاً عن أنها فكرة رائعة وهي حقا في صالح مجموعات الأقليات العرقية.
وتساءل محمد قائلا:" أين العيب في أن يساعد مركز التدريب الناس على الاندماج في المجتمع، وجعلهم مواطنين نافعين، وتحقيق مستقبل واعد وحياة أفضل؟"
إن الاستنتاجات التي توصل إليها محمد من زيارته مدعومة بإحصاءات وحقائق. وفقًا للكتاب الأبيض الذي أصدرته الحكومة الصينية في عام 2019، لم تحدث أي حوادث إرهابية في شينجيانغ منذ بدء حملة التعليم والتدريب. وفي عام 2018، نمت السياحة في شينجيانغ بسرعة: بلغ إجمالي عدد السياح القادمين من داخل الصين وخارجها أكثر من 150 مليونًا، بزيادة سنوية قدرها 40 في المائة. ووصل عدد السائحين الأجانب إلى 2.6 مليون، بزيادة سنوية تقارب 12 بالمائة، واستقبلت شينجيانغ أكثر من 200 مليون زيارة من السياح في عام 2019، بزيادة 41.6 في المائة على أساس سنوي.
تغييرات هائلة في شينجيانغ على مدى عقود
لقد مرت 28 عاما منذ أول زيارة قام بها محمد أصغر إلى كاشغر في شينجيانغ، وعلى مدى العقود القليلة الماضية، زار شينجيانغ خمس مرات، أحيانًا كسائح، وأحيانًا كعضو في الوفد البرلماني الباكستاني، ولكن في الغالب كمراسل خاص لوكالة أسوشيتيد برس الباكستانية في الصين.
عندما زار محمد كاشغر كسائح لأول مرة في عام 1993، بدت الفجوة بين شينجيانغ وبقية المناطق الصينية أوسع بكثير من جميع النواحي التي يمكن قياسها من حيث الاقتصاد أو الأمن. وبالنسبة للعالم، بدت شينجيانغ في حالة بدائية ومتخلفة -أمجاد ثقافة الأويغور وجمالها الطبيعي وفنونها الشعبية كانت غير معروفة أو تم تجاهلها أو احتقارها.
الصورة: يمكن للمتدربين اختيار المحاضرات المتنوعة حسب هوايتهم والتي يمكن زيادة فرصهم في العثور على وظيفة جيدة بعد إتمام التدريب، والعديد من المتدربات تفضلن دروس الخياطة
أحبط التطرف الديني والإرهاب المتفشي في شينجيانغ طموحات الأخيرة بأن تصبح المركز الاقتصادي في شمال غرب الصين. وبين عام 1990 ونهاية عام 2016، دبر الانفصاليون والمتطرفون الدينيون والإرهابيون ونفذوا آلاف الأعمال الإرهابية مثل التفجيرات والاغتيالات والتسمم والحرق العمد والاعتداءات وأعمال الشغب في جميع أنحاء شينجيانغ، أدى إلى مقتل عدة مئات من ضباط الشرطة أثناء أداء واجبهم، وعدد لا يحصى من المواطنين الأبرياء، وكبدت خسائر هائلة في الممتلكات.
وكما يتذكرها محمد، كانت كاشغر في عام 1993منطقة راكدة بلا حيوية أو نظام، وكان الباعة الغاضبون خلف أكشاكهم المتهالكة، وبضاعتهم متناثرة في فوضوية فوق الأرض الموحلة، وعربات تجرها الحمير تشق طريقها بين الحشود، مما أثار الغبار في جميع أنحاء المدينة. وكان المتشردون الذين يحملون السكاكين مبعثرة في جميع أنحاء المدينة، مما يحول حياة المارة على جحيم.
لكن، ما أذهل محمد عند زيارة اشغر مرة أخرى بعد عقد من الزمان، هو التغييرات التي مرت بها المدينة، حيث استبدلت العربات التي تجرها الحمير بالسيارات الحديثة وأنظمة النقل القوية، وتحول فندق تشيني باغ الصغير من ثلاث طوابق حيث سكن فيه عام 1993، اليوم، إلى فندق خمس نجوم مع أكثر من 30 طابقًا. ويبدو أن الازدهار والتنمية قد انتشرتا في جميع أنحاء المدينة.
أثارت التغييرات الكبيرة في كاشغر اهتمام محمد، الذي زار مدنًا ومناطق أخرى في شينجيانغ في ثلاث مناسبات أخرى في 2014 و2015 و2019. وقد تم تأجيل رحلته السادسة إلى شينجيانغ بسبب جائحة كوفيد -19 الحالي، لكنه حريص على زيارة المزيد من الأماكن في شينجيانغ لمراقبة تطور المنطقة.
قال محمد: " استغرقت رحلتي البرية من أورومتشي إلى توربان، ثم من توربان إلى جبل فلامينغ الشهير يومًا كاملاً، وغطت جزءًا كبيرًا من شينجيانغ. وأكثر ما أدهشني هو أن كل الأماكن التي زرناها خلال الرحلة سواء كانت مراكز صناعية في أورومتشي ، أو مزارع العنب في توربان مليئًا بالحيوية والفرص، وتلقينا ترحيبا حارا من السكان المحليين اينما ذهبنا." مضيفا:" على مدار الـ 28 عامًا الماضية، رأيت تطور شينجيانغ بأم عيني. لقد زرت العديد من الأماكن وتحدثت إلى العديد من السكان المحليين. وفي كل مكان ذهبت إليه، رأيت السلام والوئام، وكان كل من تواصلت معه سعيدًا، من الاستفادة من فرص العمل الوفيرة والازدهار والتنمية المجموعات العرقية، مثل الأويغور. وعلى عكس تقارير بعض وسائل الإعلام الغربية، لم أر شيئًا مزعجًا على الإطلاق خلال جميع رحلاتي في شينجيانغ ".
ويدرك محمد بصفته باكستانيًا أهمية السلام والأمن، حيث عانت بلاده أيضًا من الإرهاب والتطرف الديني، مما أدى إلى خسائر اقتصادية ومعاناة كبيرة للشعب. ويعتقد أن أمن واستقرار شينجيانغ ليس مفيدًا للصين فحسب، بل وأيضًا لبقية العالم. حيث قال:” لا تنمية دون سلام ولا أمن. لقد قامت الحكومة الصينية بعمل رائع بتأمين تنمية شينجيانغ وسلامة الجمهور. كما أطلقت خطط تنمية مختلفة لانتشال شينجيانغ من الفقر. ورأيت أنه تم إنشاء نظام مترو أنفاق في أورومتشي في عام 2019، بينما أصبحت البنية التحتية للطرق أفضل وأفضل في جميع أنحاء شينجيانغ، وهذه حقائق لا يمكن لأحد أن ينكرها."
وأشار محمد إلى أن شينجيانغ تقع على حدود عدة دول، وهي نقطة حيوية لربط الصين وبقية العالم. كما سيؤثر ازدهار شينجيانغ وأمنها بشكل إيجابي على الدول والمناطق المجاورة، مثل بلده، باكستان، في إطار الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان. مضيفا، أن استقرار شينجيانغ في المستقبل لن يكون مفيدا للصين فحسب، بل أيضا باكستان والدول المجاورة الأخرى.
التقارير الضميرية مقابل الأكاذيب ذات النوايا السيئة
بعد أن رأى محمد التطورات التي تشهدها شينجيانغ بأم عينيه، وجد أن تقارير بعض وسائل الإعلام الغربية المنطقة تختلف تمامًا عما اختبره شخصياً هناك.
وحول تقارير وسائل الاعلام الغربية التي تزعم أن الأويغور محرومون من حقوقهم الدينية، تحدث محمد إلى أئمة من مساجد مختلفة، وكذلك الأويغور في مراكز التعليم والتدريب المهني. وقال في هذا الصدد:" تحدثت إلى إمام مسجد في هوتان وإمام آخر من مسجد عيد كاه في كاشغر، وقد عبروا جميعًا عن رضاهم عن الحرية الدينية المحلية، حيث يمكن لأي مسلم الذهاب الى المسجد بكل حرية. كما أخبرني متدربون في مركز التدريب المهني، أنهم يستطيعون الصلاة دون قيود، وأن معتقداتهم الدينية محترمة تمامًا ".
مضيفا: " "شاركت بنفسي في العديد من المناسبات الدينية في مسجد عيد كاه في كاشغر والمركز الإسلامي في أورومتشي، ورأيت أن المسلمين الأجانب مثلي والسكان المحليون يصلون معًا. لقد كانت تجربة رائعة وذاكرة جيدة بالنسبة لي، وأعتقد أن المزاعم ضد سياسات الصين الدينية في شينجيانغ هي مجرد شائعات ".
الصورة: يُمنح المتدربون الموهوبون في الفن فرصة لتحسين مهاراتهم في المركز
وعن اتهامات وسائل الإعلام الغربية بأن الصين تدمر ثقافة الأويغور وتجبرهم على دراسة لغة الماندرين وتنفيذ إبادة جماعية في مراكز التدريب المهني، قال محمد: "إن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة."
كما قال: "كان السوق الرئيسي في أورومتشي مليئًا بأشخاص من مجموعات عرقية مختلفة، وكان هناك الكثير من الحماس للحياة. و يمكن للمرء أن يرى في السوق، لافتات باللغتين الصينية الماندرين والأويغورية ، بينما تم إنشاء مدارس ثنائية اللغة في جميع أنحاء شينجيانغ ويتم الحفاظ على الثقافة المحلية جيدًا ، وهو ما يتعارض مع صورة شينجيانغ التي تصورها وسائل الإعلام الغربية."
وبالحديث إلى المتدربين في مراكز التدريب، علم محمد أن العديد منهم قد تأثروا في السابق بالتطرف الديني، وأدى عدم معرفتهم بالقانون إلى ارتكابهم جرائم عن غير قصد. وأن معظمهم العاطلين عن العمل لم يكنوا يحدثون لغة الماندرين وليس لديهم خلفية تعليمية قبل دخولهم مراكز التدريب.
وهنا تساءل محمد:" كيف للمواطن لا يستطيع التحدث بالصينية في بلده أن يحصل على وظيفة جيدة؟ كيف يمكنه الذهاب إلى المحافظات الأخرى والتواصل مع الآخرين؟ كيف يمكنه إدارة شركة مع أشخاص يعيشون في مقاطعات أخرى؟ إن تعلم اللغة الوطنية ومعرفة القوانين الأساسية مفيدان للغاية، حيث يمكنهم الاندماج مع المجتمع، والانضمام إلى التيار الرئيسي للحصول على حياة أفضل بعد انهاء دراستهم."
أكد محمد أن لا أحد يريد الإرهاب. قائلا:" لقد شهدنا في باكستان إرهابًا تسبب في ألم لشعبنا وأثر سلبيًا على اقتصادنا. ومن طبيعتنا أن نرغب في السلام والازدهار، وأعتقد أن المتدربين الذين قابلتهم عبروا عن مشاعرهم الحقيقية وأملهم في حياة أفضل. وأستطيع أن أرى من خلال تعبيراتهم ولغة جسده أنهم سعداء ".
وكصحفي محترف، يعتقد محمد أن تقديم تقارير واقعية عن الوضع الحالي في شينجيانغ هو أفضل طريقة لمساعدة العالم على فهم تطور هذه المنطقة التي كانت تعاني من الفقر والجريمة. واقترح أن تذهب وسائل الإعلام الغربية لإلقاء نظرة على ما يحدث بالفعل في شينجيانغ إذا كانت لديهم أي شكوك وأسئلة. وقال:" لقد عرضت الحكومة الصينية فرصًا للصحفيين في جميع أنحاء العالم لدخول المراكز المهنية وأماكن أخرى في شينجيانغ، ولم يتدخل المنظمون الذين رافقوني في رحلتي في مقابلاتي نهائيا. على العكس من ذلك، لقد قدموا لنا ثقة كبيرة ومساعدة كبيرة ".
وخلص محمد قائلا:” أين الخطأ في أن يساعد مركز التدريب الناس على الاندماج في المجتمع، وجعلهم مواطنين نافعين، ويقدم لهم مستقبلًا واعدًا وحياة أفضل؟ إنها فكرة رائعة وهي حقًا لصالح الأويغور".