بكين 18 يناير 2021 (شينخوا) في العاشرة صباحا، بمحافظة بني سويف جنوب القاهرة، أخذ خليفة سلامة، مدير أول موارد بشرية بمصنع ((كونكا)) الصيني للأجهزة الكهربائية، يتفحص عشرات السير الذاتية وهو يستمع إلى مجموعة من الشباب المصري الباحثين عن فرصة عمل حيث كانت هذه هي الدفعة الثانية من المتقدمين في ذلك اليوم. "فمع الشهرة الكبيرة التي حققتها الشركة في بني سويف، يتزايد عدد سكان المنطقة المتقدمين بطلبات للعمل فيها"، حسبما قال سلامة.
بعد إجراء مقابلة مع آخر متقدم للوظيفة، توجه سلامة إلى داخل المصنع لتفقد خط التجميع. ومشى إلى مبنى المصنع المفتوح والمشرق تحت أشعة الشمس، حيث كان الجميع هناك يعمل بجد وحماسة. وعلى خطي إنتاج يبلغ طولهما حوالي 200 م، انهمك العمال المصريون في تجميع مكونات التليفزيون بمهارة وبسرعة، وبدا الصوت الصادر عن احتكاك المكونات ببعضها البعض وأزيز الآلات والمراوح وكأنهم يعزفون سيمفونية جماعية.
-- إتاحة فرص عمل وخبرات
يتمتع سلامة (43 عاما) بخبرة وفيرة في هذه الصناعة، وقد مرت حتى الآن ثماني سنوات منذ التحاقه بالعمل في الشركة الصينية، وهو مسؤول بشكل أساسي عن التوظيف وفحص جودة خطوط تصنيع التليفزيون. وقد توجه إلى "المصنع يوم إنتاج المكونات الإضافية" وراجع بعناية سجلات تأهيل المنتج في ذلك اليوم، وسجل النماذج التي لم تحقق الأداء المطلوب وكمياتها في دفتر لتدوين الملاحظات يحمله معه دائما.
وذكر سلامة أن "الشركة تمنح الجميع فرصا للتطور. فالكثير من الموظفين ليس لديهم خبرة سابقة. وقد نظمت الشركة العديد من الدورات التدريبية لهم. كما سافر بعضهم إلى الصين للحصول على دورات مركزة لرفع مستوى الكفاءة. وإذا أراد الموظفون الانتقال إلى مناصب إدارية، فيتم تحويلهم إلى الكوادر الاحتياطيين إذا اجتازوا التقييم. وفي الوقت الحالي، يعمل بالشركة حوالي 600 موظف مصري في مصنعها ببني سويف، وأغلب موظفي الإدارة من المصريين.
وتابع سلامة قائلا إن "الشركة تقوم ببناء مصنع جديد. وبعد بدء تشغيله، سيصل حجم الإنتاج السنوي من أجهزة التليفزيون إلى 1.6 مليون وحدة ومن الغلايات الكهربائية إلى 5 ملايين وحدة، وهو ما من شأنه أن يخلق 1600 فرصة عمل". وأضاف أن "سيتم توفير عدد كبير من فرص العمل للشباب. وهذا سيساعدهم على تحسين مهاراتهم المهنية، والمساهمة بشكل كبير في التنمية الاقتصادية المحلية والاستقرار الاجتماعي، وكذلك حل مشكلة توظيف الشباب".
-- تحقيق طموحات وتطلعات
خلال فترة الوقاية من جائحة كوفيد-19 ومكافحتها، عززت الشركة الإنتاج بثبات مع تنفيذ تدابير صارمة للوقاية من الجائحة. وفي ورشة العمل، أخذ الفني عبد الله حسين (في سن الثلاثين تقريبا) يعمل بتفانٍ، فقد التحق بالعمل في مصنع ((كونكا)) منذ سبع سنوات ويتمتع بمهارات عالية. وربت سلامة على كتفه وأشاد به قائلا "حسين يعمل بدقة وضمير. ولا يخطئ أبدا". وعند سماعه الثناء، ابتسم حسين بثقة وقال "لقد عاصرت نمو الشركة خطوة بخطوة. أحب العمل مع الشركاء الصينيين، فمعهم تطورت لدي عادة الجدية والدقة والانضباط الذاتي. ويمكن للشباب تعلم الكثير من المهارات الحقيقية هنا". فيما أشار أحد مراقبي الجودة في المصنع بحماس إلى أنه "في كل مرة يرى فيها الآباء منتجات ((كونكا))، يفخرون بأن ابنهم يعمل هنا!"
وبعد عمليات التفتيش التي أجراها سلامة في ورشة العمل، أخذ يتابع بعينيه الشباب وهم يعملون بنشاط على طول خط الإنتاج. كان تعبيرات وجه سلامة تنم عن إحساس قوي بالإنجاز، وقال "أنا شخصيا أعين أكفاء في مناصب مدراء خط الإنتاج. إنهم مفعمون بالطاقة".
وأثناء الحديث، سار سلامة إلى المنطقة المعزولة في نهاية الورشة -- غرفة الكشف عن الأجسام الغريبة التي قد تصيب تقنية الإضاءة الخلفية. وعبر النافذة، يمكن رؤية العمال وهم يقومون بتركيب عواكس وموزعات وأغشية على الهيكل الأوسط للتليفزيون، وكذلك الكشف عن تلك الأجسام الغريبة. ومعظمهم موظفات، يرتدين جميعا كمامات وقفازات وقبعات، ويراقبن بدقة العاكس الأبيض تحت الضوء القوي، دون ترك أي بقع سوداء.
وحنان هي أول مديرة لفريق عمل نسائي منذ إنشاء المصنع. ومنذ التحاقها بالعمل فيه، لم يستغرق الأمر سوى 3 سنوات حتى أصبحت مديرة فريق. وقالت "عائلتي فخورة بي لأنني أعمل هنا، وأشعر أنني أحقق تدريجيا طموحاتي وتطلعاتي في الحياة".
أعد سلامة كوبا من الشاي وقال متأثرا "هذه الوظيفة تجعلني مسؤولا للغاية. أنا ممتن للثقة التي وضعتها الشركة الصينية في عملي. إن حجم المصنع يكبر ويكبر، وأشعر حقا أن أمامنا طريق طويل علينا أن نقطعه. فالعلامات التجارية الصينية تسعى إلى التميز في الجودة. وجميع أجهزة التليفزيون ماركات صينية!"
-- بلوغ محطات مهمة في الحياة المهنية
في قلب الظهير الصحراوي لمحافظة المنيا بصعيد مصر، تظهر من بعيد بريمة حفر عالية محاطة بالمعدات الثقيلة، وكذلك المهندسين والعاملين وهم يرتدون ملابس العمل الحمراء والخوذات البيضاء وأقنعة الوجه.
وتعد هذه البريمة واحدة من ثلاث بريمات حفر تابعة لشركة الحفر الصينية الكبيرة ((زيبك))، التي قامت حتى الآن بحفر ما يزيد عن 120 بئرا من أصل 300 بئر مياه لمشروع شركة ((القناة للسكر)) المصري - الإماراتي المشترك، الذي يبلغ حجم الاستثمار فيه مليار دولار أمريكي. ويهدف المشروع إلى استصلاح مساحة ضخمة من صحراء غرب المنيا لإنشاء أكبر المزارع في الشرق الأوسط، وكذلك تشييد أكبر مصنع للسكر في العالم.
إن معظم أعضاء فريق عمل الشركة مهندسون وعمال مصريون يدعمهم عدد قليل من الفنيين الصينيين، وهم يعملون يدا بيد لتحويل الصحراء المصرية إلى أراض خضراء عن طريق جلب المياه الجوفية إلى السطح.
وقال لي وي مدير فرع شركة ((زيبك)) في مصر "لقد جلبنا معداتنا وتقنياتنا وخبراتنا إلى مصر منذ أن جئنا إلى هنا في عام 2016، ونحن نقدم التدريب لفريقنا المصري ونوفر فرص عمل للمصريين ونشارك خبراتنا وثقافاتنا في إطار من الصداقة والتعاون"، معربا عن سعادته بمساهمة ((زيبك)) في عملية التنمية بمصر، ومؤكدا أن "هذه كلها جوانب من التعاون بين الصين ومصر ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تهدف إلى التنمية المشتركة".
وذكر علاء الجمال، أحد مهندسي الحفر المصريين لدى شركة ((زيبك))، "أعمل لدى شركة ((زيبك)) منذ ثلاث سنوات، وهي محطة مهمة للغاية في حياتي المهنية، لأن ((زيبك)) شركة عالمية ومحترفة، وقد تعلمت الكثير من تقنياتها الجديدة في هذا المجال".
وأوضح أمير محمد، أحد مديري التشغيل بشركة ((زيبك))، أن الشركة الصينية واجهت تحديات عديدة عندما بدأت المشروع لأنها أول من دخلت هذه المنطقة، مشيرا إلى أن حفر البئر الأولى استغرق ما يقرب من شهرين، لكن فريق العمل يستطيع الآن حفر البئر الواحد في غضون 10 إلى 15 يوما.
وتسعى ((القناة للسكر)) لإنتاج 400 ألف طن من السكر الأبيض سنويا عندما تبدأ الإنتاج في عام 2021، مع التخطيط للوصول إلى كامل طاقتها الإنتاجية التي تبلغ 900 ألف طن سنويا في عام 2023.
وأعرب القائمون على المشروع عن رضاهم عن أداء شركة ((زيبك))، التي ساعدتهم في استصلاح جزء كبير من المساحة الإجمالية للمشروع البالغة 181 ألف فدان، منها 50 ألف فدان للزراعة في غضون الأشهر الستة المقبلة.
وقال آرون بالدوين، مدير المشروع الزراعي بشركة ((القناة للسكر))، "لدينا علاقة طويلة الأمد مع ((زيبك))، وقد عملت الشركة الصينية معنا في إطار من الشراكة على مدار العامين ونصف العام الماضي"، مضيفا أن "علاقتنا مع ((زيبك)) قوية للغاية، وتستمر في التطور بشكل يومي".