لندن 22 ديسمبر 2020 (شينخوا) بالنسبة للبريطانيين والأوروبيين وربما لعدد كبير من الناس في جميع أنحاء العالم، تكون عطلة الكريسماس (عيد الميلاد) القادمة غير مسبوقة - "كريسماس فيروس كورونا"، حيث يبقى الناس إلى حد كبير، في منازلهم، ومواجهة وقت مليء بالتحديات معا.
لقد دقت سلالة جديدة شديدة العدوى من فيروس كورونا الجديد تم الإبلاغ عنها مؤخرا في بريطانيا، إنذارا جديدا بشأن كوفيد-19، الذي أصاب أكثر من 77 مليون شخص، وتسبب بوفاة أكثر من 1.7 مليون في جميع أنحاء العالم.
هذا النوع الجديد من الفيروس أدى إلى وضع البريطانيين، خاصة، في دوامة أخرى "من القلق" في مشاعرهم، مع إلغاء التخفيف المخطط لقواعد فيروس كورونا الجديد في فترة الكريسماس، وتحويلها لإجراءات جديدة أكثر صرامة تم طرحها يوم السبت.
هناك دول أخرى فعلت نفس الشيء بالإعلان عن خطط لحظر الرحلات الجوية من بريطانيا بسبب مخاوف من انتشار المزيد من سلالة الفيروس الجديدة في هذه المعركة الخطيرة بين الفيروس واللقاحات.
"خارج السيطرة"
وفقا لبيانات رسمية صادرة يوم الإثنين، أثبتت الاختبارات إصابة 33364 شخصا آخر في بريطانيا بفيروس كوفيد-19، بما يرفع إجمالي الإصابات على مستوى البلاد إلى 2,073,511، وعدد الوفيات الناجمة عن الفيروس بمقدار 215 إلى 67616.
وحذر وزير الصحة البريطاني مات هانكوك يوم الأحد، من أن السلالة الجديدة من كوفيد-19 "خارجة عن السيطرة" في بريطانيا.
وقال "سيكون من الصعب جدا جعلها تحت السيطرة، حتى نقوم بطرح اللقاح"، و"نحن نعلم مع هذا النوع الجديد (للفيروس) أنه يمكنك التقاطه بسهولة أكبر من وجود كمية صغيرة من الفيروس".
قال كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، باتريك فالانس، إن النوع الجديد، قد شوهد لأول مرة في منتصف سبتمبر في لندن وكينت.
وبحلول ديسمبر، أصبح هذا النوع الجديد من الفيروس هو "النوع السائد" في لندن، وبحلول الأسبوع المنتهي في 9 ديسمبر، بات يمثل 62 في المائة من الحالات في لندن، و59 في المائة في شرقي إنكلترا، و43 في المائة في الجنوب-شرق، وفقا للمستشار فالانس.
أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون يوم السبت عن قيود أقوى بشأن فيروس كورونا الجديد ، لمكافحة الزيادة المقلقة في الإصابات المرتبطة بالسلالة الجديدة شديدة العدوى.
وقال في مؤتمر صحفي افتراضي في داونينغ ستريت، إن "النوع الجديد قد يكون أكثر قابلية للانتقال بنسبة تصل إلى 70 في المائة "، مضيفا أن التفشي مدفوع بالنوع الجديد للفيروس.
إنذار جديد ينطلق
أثارت السلالة الجديدة لكوفيد-19، إنذارا جديدا للدول التي تكافح لاحتواء فيروس كورونا الجديد المستشري أصلا.
في بريطانيا، تم إلغاء التخفيف المخطط لقواعد فيروس كورونا الجديد قبيل الكريسماس، والذي كان يسمح باجتماع 3 أسر خلال 5 أيام حول فترة الكريسماس، في جزء كبير من جنوب شرق إنكلترا، وتم تقليصه ليوم واحد لبقية المنطقة، وفقا لرئيس الوزراء.
واعتبارا من صباح الأحد، انتقلت لندن وجنوب شرق وشرق إنكلترا إلى قيود المستوى الرابع، التي تستوجب على السكان البقاء في منازلهم، مع استثناءات محدودة. ووُجهت أيضا دعوة للناس للعمل من المنازل إذا كان ذلك ممكنا، وينبغي ألا يدخلوا أو يغادروا مناطق مستوى القيود الرابع.
وبعد الإعلان عن سلالة الفيروس الجديدة، أصبحت هولندا أول دولة أوروبية كبيرة تعلن عن حظر الرحلات الجوية إلى بريطانيا، تلتها بلجيكا المجاورة التي أوقفت أيضا القطارات المتجهة إلى بريطانيا عبر نفق القنال.
وأعلن الوزير الأول الاسكتلندي نيكولا ستورجيون، إغلاق الحدود مع إنكلترا فعليا، معلنا أنه لا يمكن للناس دخول اسكتلندا أو مغادرتها. وقالت شرطة اسكتلندا إنها ضاعفت عدد منتسبيها المتمركزين على الحدود مع إنكلترا.
وحذت المزيد من الدول، ومنها كندا وسويسرا وفرنسا وألمانيا، هذا الحذو، وحظرت الرحلات الجوية من بريطانيا وسط مخاوف متزايدة من السلالة الجديدة شديدة العدوى.
وتسببت هذه القيود ومعها حظر السفر، بإحداث فوضى في خطط الكريسماس، لمئات الآلاف من الأشخاص في بريطانيا ودول أوروبية أخرى ممن يعتزمون قضاء الإجازات مع العائلات والأصدقاء على جانبي القنال الإنكليزي.
الفيروس مقابل اللقاحات
مع استمرار الوباء في إضعاف الاقتصادات وإرباك أنظمة الصحة، تعلق الكثير من الدول آمالها على اللقاحات في دحر الوباء.
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وحتى 16 ديسمبر، يتم تطوير 222 لقاحا مرشحا ضد كوفيد-19، في جميع أنحاء العالم، و56 منها قيد التجارب السريرية.
الخبر السار هو أنه لم يتم العثور على دليل حتى الآن على أن السلالة الجديدة يمكن أن تؤثر على فعالية هذه اللقاحات.
قالت العالمة البارزة في منظمة الصحة العالمية، سوميا سواميناثان، في مؤتمر صحفي يوم الإثنين، إنه "حتى الآن، ورغم أننا شهدنا عددا من التغيرات، أو عددا من الطفرات، لكن لم يكن لأي منها تأثير كبير على قابلية الفيروس بمقاومة أي من العلاجات أو الأدوية المستخدمة حاليا أو اللقاحات قيد التطوير".
في الوقت نفسه، ووفقا لمايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، فإنه حتى مع أحدث نوع من فيروس كورونا الجديد في بريطانيا، "لا يوجد دليل في هذه المرحلة على وجود أية زيادة في الخطورة مرتبطة بهذا المرض".
وأكد مجددا على أنه لا توجد متغيرات (أنواع) أثبتت نفسها حتى الآن على أنها "لديها مستوى أعلى من الخطورة، أو تطغى على تشخيصاتنا، أو تتخفى من اللقاحات، أو (تنجو) من فاعلية اللقاحات".
قالت ماريا فان كيركوف، وهي قائدة فنية في برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية المعني بالاستجابة للوباء، إن النوع المتغير في بريطانيا لا يؤثر حاليا على معظم الاختبارات التشخيصية لكوفيد-19، لأن معظم الاختبارات تبحث في أهداف متعددة ضمن الجينوم.
ولكن عددا قليلا جدا من الاختبارات التي بحثت فقط في هدف واحد قد تتأثر باكتشاف هذا النوع بالذات، حسب قولها.
وبالإضافة إلى حثّ الناس على الاستمرار في تنفيذ إجراءات الصحة العامة الحالية، وخاصة ارتداء الكمامات ونظافة اليدين والتباعد الاجتماعي، أكد خبراء منظمة الصحة العالمية أيضا على أهمية المراقبة المستمرة لما يحدث لهذا الفيروس، مع التركيز على كبح انتقال العدوى وجعلها بأدنى قدر ممكن.
قال رايان "هذا (النوع المتغير في بريطانيا) قد عقّد الأمور قليلا؛ ولحد ما، إنه يعني أنه يتوجب علينا العمل بجدية أكبر"، و"حتى لو أصبح الفيروس أكثر فاعلية قليلا في الانتشار، يمكن إيقافه".