24 اكتوبر 2019، طلبة صينيون وأجانب بمعهد ناتونغ المهني للتكنولوجيا بجيانغسو يرسمون رسوما حول السلام لاستقبال يوم الأمم المتحدة. شي بيسين/ صورة الشعب |
احتفلت منظمة الأمم المتحدة بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسها، تحت شعار "المستقبل الذي نصبو إليه، الأمم المتحدة التي نريدها: إعادة تأكيد التزامنا الجماعي بتعددية الأطراف." بهذه المناسبة، تمت دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ لحضور سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى عبر الفيديو، كما ألقى كلمة هامة.
يعيش العالم اليوم، تحوّلات كبرى في الوقت الذي يواجه في التبادل والتعاون الدولي العديد من العقبات، بسبب اتخاذ بعض الدول اتجاهات حمائية وأحادية خطيرة. وبات من الضروري التفكير في أي مستقبل يمكن أن تواجهه البشرية، وكيف يجب أن تكون الأمم المتحدة.
وفي كلمته قال الرئيس شي جين بينغ، "على المجتمع الدولي أن يتحلّى بوعي مجتمع المصير المشترك للبشرية، وأن يتبادل مشاعر التضامن والمساعدة، والعمل معًا على مواجهة المخاطر والتحديات، وبناء وطن أفضل للبشرية على كوكب الأرض. وبمناسبة الذكرى الـ 75 لقيام الامم المتحدة، حريّ بالمجتمع الدولي أن يعيد التأكيد على التعهدات بتعددية الأطراف، ويعزز الحوكمة العالمية على أساس الأمم المتحدة."
مازال العالم اليوم يتألف من دول ذات سيادة. وفقط من خلال الالتزام بمبدأ المساواة في السيادة يمكن أن تترسخ أسس النظام الدولي. لكن العالم اليوم، بات يواجه مخاطر تخلي بعض الدول عن مبدأ المساواة في السيادة. حيث أصبح التدخل في الشؤون الداخلية وأعمال التنمر والجهل بالقواعد ممارسات شائعة. وظهرت مقولات من قبيل " العولمة الاقتصادية باتت تترنح على حافة الانهيار"، و"التعددية تواجه مصير الفشل"، و"الحرب الباردة تلوح في الأفق من جديد".
في هذا الصدد، حذّر غراهام أليسون، الأستاذ بجامعة هارفارد، من أن النظام الدولي بات يواجه احتمالات الفوضى. بينما أظهر الوباء أنه لا يمكن لأي دولة أن تعيش بمفردها، وأن الدول بحاجة إلى "تحقيق المصالح المشتركة في إطار التعاون والمنافسة المعقدة". وأشار جون إيكينبري، الأستاذ بجامعة برينستون إلى أنه إذا أراد العالم استمرار الجو المنفتح لنظام ما بعد الحرب، فإن مختلف الأطراف بحاجة إلى إنشاء بنية تحتية متينة للتعاون متعدد الأطراف.
وتمثل تعددية الأطراف مبدأ هاماً يقوم عليه وجود الأمم المتحدة. فهي تمثل حق جميع البلدان في المشاركة في الحوكمة العالمية على قدم المساواة والسعي إلى إضفاء الديمقراطية على العلاقات الدولية. وفي عصر العولمة، يجب ألا تقوم مجموعة من الدول بقيادة أخرى أو معارضة أخرى، وإنما العمل سويا من أجل التنمية المشتركة. وأكد فولكان بوزكر، الذي تولى للتو منصب رئيس الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن الأحادية ستجعل العالم يبتعد عن الأهداف المشتركة. واضاف: "اننا نتحمل مسؤولية تعزيز ايمان الدول بالتعاون متعدد الاطراف على ان تكون الامم المتحدة مركز هذا التعاون."
أما البروفيسور جارالد دايموند، مؤلف كتاب "البنادق والجراثيم والحديد"، فيرى أن الكثير من الناس يتطلّعون إلى التعاون الدولي في "فترة ما بعد الوباء". "لا شك في أن وباء كوفيد 19 هو مأساة إنسانية، لكن هذه الأزمة قد تكون أيضًا فرصة لجعل العالم مكانًا أفضل وأن يمثل بداية تعاون نشط بين الدول لحل المشكلات العالمية". ويضيف جارالد قائلا، " إن تحويل الأزمات إلى فرص تختبر حكمة وقدرة السياسيين، في ظل مرحلة تاريخية خاصة ووضع دولي خاص. ويؤكد بوزكر على أن الوقت قد حان للوحدة من أجل الصالح العام.
وفي كلمته بمناسبة الذكرى الـ 75 لتأسيس الأمم المتحدة، وضح الرئيس الصيني شي جين بينغ موقف الصين من النظام الدولي قائلا: " علينا أن نتفطن إلى طبيعة مختلف أنواع الفوضى ونفهم القوانين من الدروس التاريخية. حيث أن الاتجاه العام للعولمة الاقتصادية بات لا رجعة، لذا فإن التعاون المربح للجميع هو الطريق الصحيح بالنسبة لمختلف دول العالم. وإن الصين تؤيد بشدة مبدأ تعددية الأطراف المرتكز على الأمم المتحدة، وحماية النظام الدولي على القانون الدولي وتسعى إلى تعزيز بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية ".
يتماشى دعم الأمم المتحدة ودعم مبدأ تعددية الأطراف مع التوجه القيمي للصين منذ آلاف السنين. ولطالما دعت الحضارة الصينية إلى "الانسجام بين الأمم" واعتبار العالم أسرة واحدة. وهذه قيم متجذرة بعمق في دماء الأمة الصينية. وبعد أكثر من 40 عامًا من الإصلاح والانفتاح، تحولت هذه الرؤية إلى قيم الدبلوماسية الصينية في العصر الجديد.
وقد انضمت الصين إلى جميع المنظمات الدولية الحكومية تقريبا، وانضمت إلى أكثر من 500 اتفاقية دولية، كما توفي بأمانة بالتزاماتها الدولية وتتقيد بدقة بالالتزامات الدولية.
مع دخول العالم فترة من التحوّلات الكبرى، ستعمل الصين دائمًا على ربط مصيرها بشكل وثيق بمصير شعوب العالم، وستجمع دائمًا مصالح الشعب الصيني مع المصالح المشتركة لمختلف الشعوب، وستكون دائمًا بانية للسلام العالمي ومساهمًة في التنمية العالمية، مدافعة عن النظام الدولي.
ويتطلع العالم في الوقت الحالي، إلى تعمل مختلف الدول على بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية تحت راية الأمم المتحدة، ورسم مستقبل أفضل للمجتمع البشري.