اعتمد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا قرارا يدعو إيران إلى التعاون التام مع الوكالة، والسماح لمفتشيها بالوصول إلى منشأتين نوويتين في إيران. وردت وزارة الخارجية الإيرانية بأن " القرار غير بناء وغير مسؤول وغير مقبول."
القرار موضع تساؤل كبير
حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية، فإن صياغة مسودة القرار كانت من قبل فرنسا وبريطانيا وألمانيا يدعون فيها إيران بالتوقف عن منع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول موقعين قديمين والتعاون الكامل مع الوكالة.
وردا على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، إنه يجب على الوكالة ألا تعتمد على مزاعم جهاز المخابرات الاسرائيلي. وأن إيران تدين بشدة تقديم بريطانيا وفرنسا وألمانيا للقرار، وحثت الوكالة على طرح الأسئلة على أساس الحقائق وعلى أساس قانوني.
وأشار سون دي قانغ، باحث في معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان، في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية الصينية إلى أن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يظهر محاولة القوى الغربية تشكيل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتسييس القضية النووية الإيرانية، ومحاولة عزل إيران سياسيا من خلال تمرير قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالتعاون مع الحصار ثلاثي الأبعاد والضغط الشديد الذي تمارسه الولايات المتحدة على إيران.
كما دعا وانغ تشون، الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة في فيينا في خطابه، الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران الى مواصلة الحوار والتعاون للوصول الى حل القضية النووية، وذلك لتجنب الإضرار بالاتفاق النووي الإيراني الشامل، وجعل القضية النووية الإيرانية تسقط في دائرة مفرغة من "الضغط والمواجهة".
الولايات المتحدة مصدر القلق المستمر
قال وزير الخارجية الأمريكي بومبيو مؤخرا إنه إذا لم تستطع إيران تلبية متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسرعة، فإن واشنطن ستضغط من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد إيران.
وأشار تحليل وسائل الإعلام الأمريكية إلى أن القرار الذي تم تمريره الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا هو أول قرار بشأن التعاون مع الوكالة ترفضه الحكومة الإيرانية منذ عام 2012. وأن تحرك الوكالة الدولية للطاقة الذرية "يوفر ذخيرة جديدة" لجهود الحكومة الأمريكية في تعليق الاتفاقية النووية الإيرانية.
أعلنت الولايات المتحدة من جانب واحد انسحابها من الاتفاقية النووية الإيرانية الشاملة في مايو 2018، وفي وقت لاحق، أعادت وجددت الحكومة الأمريكية سلسلة من العقوبات القاسية ضد إيران. وفي الفترة الأخيرة، عملت الولايات المتحدة بشكل متكرر لإلغاء إعفاء العقوبات للمشاريع ذات الصلة بالاتفاق الشامل بشأن القضية النووية الإيرانية، ودفع مجلس الأمن الدولي علنا لتمديد الحظر المفروض على الأسلحة التقليدية في إيران، مبينا عن أنها ستدمر الاتفاقية الشاملة بالكامل، ما يلقي بظلاله على آفاق حل القضية النووية الإيرانية.
“تشهد العلاقات الامريكية ـ الإيرانية توترا مستمرا منذ أن مزقت الحكومة الأمريكية من جانب واحد الاتفاق النووي الإيراني. وردا على ذلك، علقت إيران تنفيذ بعض بنود الاتفاق النووي الإيراني اعتبارًا من مايو 2019، لكن في الوقت نفسه، شددت دائمًا على التعددية ودعوة المجتمع الدولي إلى مقاومة الأحادية والهيمنة معا، والعودة إلى آلية المفاوضات المتعددة الأطراف للاتفاق النووي الإيراني. " أشار سون دي قانغ إلى أن الولايات المتحدة تعاني حاليا من التفشي الخطير لكوفيد -19، واستمرار تخمر المظاهرات المناهضة للعنصرية، وأن محاولة الحكومة الأمريكية اللعب بالورقة الإيرانية ما هو إلا لتحويل الانتباه المحلي. وقد تثير هذه الخطوة من قبل الولايات المتحدة المشاعر القومية الإيرانية، وتعمق عدم ثقة إيران بالولايات المتحدة وأوروبا، وتفاقم الاضطرابات الإقليمية ومخاطر الانتشار النووي.
إمكانية حل القضية من خلال الحوار
قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مؤخراً إن إيران حافظت على شفافية كاملة في تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أظهرت تقارير الوكالة الـ 15 أن إيران أوفت بالتزاماتها.
واكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان مؤخرا إن الصين دائماً ما دعمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أداء واجباتها في الحفاظ على الأمن الإيراني بطريقة موضوعية ومهنية ومحايدة وتعارض تسييس عمل الوكالة. موضحاً، أن شؤون ضمان مراقبة إيران ليست عاجلة ولا تشكل خطر انتشار كما أن الجانب الإيراني قد أعرب بوضوح عن رغبته في حل القضية من خلال الحوار مع الوكالة. مؤكدا أنه في ظل هذه الظروف، لا توافق الصين على أي إجراءات من شأنها تكثيف الصراعات بشكل مصطنع وتصعيد الوضع.
"يتطلب الحل السياسي للقضية النووية الايرانية جهودا مشتركة من المجتمع الدولي". أشار سون دي قانغ، اولا، يجب على الولايات المتحدة ان تعود الى الآلية المتعددة الأطراف للاتفاق النووي الايراني. ثانيًا، يجب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية الالتزام بمبدأ الحياد، وتجنب تسييس القضية النووية الإيرانية، وتجنب التحول إلى أداة للنضال الجيوسياسي للقوى الكبرى. ثالثًا، يجب على القوى الكبرى في العالم تحمل مسؤولياتها، والالتزام بمبادئ التعددية وتسوية الخلافات عن طريق التفاوض، وتجنب اللجوء الى العقوبات أو التهديدات باستخدام القوة.