بكين ٢٦ مارس ٢٠٢٠ (شينخوا) من المقرر أن يعقد قادة من دول مجموعة العشرين قمة استثنائية عبر دائرة الفيديو اليوم (الخميس)، برئاسة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بهدف بحث سبل المضى قدما في تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة فيروس كورونا الجديد والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي.
مع تصاعد منحنى إصابات فيروس كورونا الجديد عالميا، تتعرض عشرات الآلاف من الأرواح للتهديد. يذكر أن فيروس كورونا الجديد المسبّب لمرض "كوفيد-19" الذي صنفته منظمة الصحة العالمية "جائحة" حول العالم، أودى بحياة ما لا يقل عن 19000 شخص في العالم منذ ظهوره للمرة الأولى في ديسمبر الماضي، كما تم تشخيص أكثر من 430 ألف إصابة في 181 بلدا ومنطقة.
وتولي الأوساط المختلفة بمنطقة الشرق الأوسط اهتماما كبيرا لهذه القمة الاستثنائية من جهتين، أولا، مناقشة إجراءات بشأن مكافحة الوباء، ثانيا، مناقشة إجراءات للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي خلال فترة الوباء وما بعده.
بالإضافة إلى قادة أعضاء مجموعة العشرين، سينضم إليهم قادة من الدول المدعوة: إسبانيا والأردن وسنغافورة وسويسرا ، إلى جانب ممثلين عن تسع منظمات دولية: الأمم المتحدة، ومجموعة البنك الدولي ، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومجلس الاستقرار المالي، ومنظمة العمل الدولية، صندوق النقد الدولي، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية".
كما تمثل المنظمات الإقليمية فيتنام بصفتها رئيسا لرابطة دول جنوب شرق آسيا، وجنوب أفريقيا بصفتها رئيسا للاتحاد الأفريقي، ودولة الإمارات العربية المتحدة بصفتها رئيسا لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورواندا بصفتها رئيسا للشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا.
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيحضر القمة.
وقال الرئيس شي خلال محادثة هاتفية جرت بينه وبين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الأربعاء إن الصين مستعدة للعمل مع جميع الأطراف الأخرى لتعزيز التنسيق في مواجهة كوفيد-19 وكذا تعزيز الثقة في المجتمع الدولي، مؤكدا أن الفيروسات لا تعرف حدودا، وهي تحد مشترك تواجهه البشرية... لا يمكن لأي دولة أن تبقى بمعزل عن المرض أو تكون محصنة منه.
وقال الدكتور عبد العزيز إسماعيل داغستاني، رئيس دار الدراسات الاقتصادية بالرياض، إن إعلان منظمة الصحة العالمية كوفيد-١٩ جائحة عالمية استدعى التنسيق بين الدول الفاعلة في العالم لدعم الجهود المشتركة على أصعدة التوعية والوقاية والعلاج والتحوط للمستقبل.
وأضاف أن "المملكة العربية السعودية من جانبها تحملت المسؤولية، وحثت على التعاون والتآزر في أوقات الشدة، ولذلك جاءت دعوتها لعقد هذه القمة الاستثنائية".
ومن جانبه، قال محمود ريا، مدير موقع ((الصين بعيون عربية)) إنه مع انتشار الفيروس في معظم دول العالم، يصبح من الطبيعي العمل بشكل مشترك وجماعي لمكافحته والقضاء على آثاره، ويبرز في هذا الوقت بقوة دور الكتل الإقليمية والدولية المختلفة التي ينبغي أن تعمل متحدة في مواجهة الفيروس.
وأشار إلى أن هذه القمة تعد "مناسبة مهمة" للدول الكبرى لكي تبحث مستجدات الوضع الوبائي لكوفيد-19 والنظر في اجراءات محدثة لمكافحته وتطويق تأثيره.
وأشاد ريا بتحرك الصين ومساعدتها للدول التي تعاني من آثار الفيروس في العالم، "ما يشير إلى نمط مختلف في التعاطي مع الأزمة في مقابل نزعة انعزالية حكمت تصرف بعض الدول الكبرى في مواجهة الفيروس"، مؤكدا أن العالم بحاجة إلى اتباع النمط الصيني لمجابهة التحدي الذي يواجه البشرية جمعاء.
وقال ريا إن وجود كل الدول الكبرى، والعديد من الدول الناهضة اقتصاديا في مجموعة العشرين، يجعل من هذه المجموعة خط مواجهة أول للتداعيات المختلفة للوباء، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، ويصبح الدور المنوط بها أكثر حيوية من أي منظمة أخرى على المستوى العالمي.
وفي ظل انتشار فيروس كورونا الجديد، يعاني الاقتصاد العالمي من تأثيرات سلبية، وقال الدكتور علي بن حمد الخشيبان، الكاتب والمحلل السياسي السعودي، إن جدول أعمال هذا الجمع سيتناول بشكل مباشر ومحدد دراسة الآثار المحتملة لهذا الوباء وكيفية معالجتها، وما يمكن أن تقوم به الجهات المالية في العالم من أجل تخفيف تلك الآثار الاقتصادية الناجمة عن الوباء.
وأفاد رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور بندر حجار في مقالة نشرت له في جريدة ((اقتصاد)) السعودية بأن أزمة كوفيد-١٩ أصابت بالفعل أسواق رأس المال في مقتل وتبدو الصورة قاتمة لآفاق النمو الاقتصادي في عام 2020.
وأدى انتشار الفيروس إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية وإيجاد ظروف تجارية سيئة، وكانت الشركات الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر تضررا في بعض الدول الأعضاء ومرشحة لوضع أكثر تدهورا.
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يفقد العالم 25 مليون وظيفة نتيجة للوباء وفق العديد من الدراسات، مضيفا أن حزمة استجابة البنك الإسلامي للتنمية بحاجة إلى عمل مشترك، بما في ذلك بناء القدرة على التأهب لمواجهة الجائحة بالتعاون مع المبادرة العالمية لمجموعة العشرين.
وتواجه القمة موضوعات اقتصادية واجتماعية معقدة، وخاصة التعقيدات الناجمة عن زعزعة سوق الطاقة، بسبب الخلاف بين عضوي أوبك، السعودية وروسيا، حول سعر النفط.
وقبل القمة، اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين افتراضيا، لمناقشة آفاق الركود الاقتصادي والتحضير لقمة القادة. وأكد الوزراء على الحاجة لتكثيف الجهود المشتركة لمجموعة العشرين واتخاذ قرارات حازمة بشكل منسق لتقديم الدعم للشعوب والأعمال التجارية، والحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي، والأسواق المالية العالمية، واستعادة الثقة العامة، والحيلولة دون وقوع آثار اقتصادية سلبية عميقة طويلة الأمد.
تضم مجموعة العشرين التي تأسست في عام 1999، كلا من: الولايات المتحدة وتركيا وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي، فيما تحتل نسمتها ثلثي عدد سكان العالم، وتمثل حوالي 90 بالمائة من إجمالي الناتج العالمي.