بقلم حسام عبد العليم، رئيس القسم الدبلوماسى بجريدة الاخبار المصرية
لن أنسى أبدا تلك اللحظة التى كنت أقرأ فيها لأول مرة خبر نشرته احدى وكالات الانباء العالمية، حول الإعلان عن أول اصابة مجموعة من المواطنين الصينىن بفيروس مجهول فى مدينة ووهان، أطلق عليه فيما بعد " فيروس كورونا المستجد"، كان ذلك منتصف ديسمبر الماضى ، وقتها كنت اتصفح المواقع الاخبارية المحلية والعالمية على هاتفى المحمول متوجهاً الى مقر عملى مستقلا مترو الأنفاق، وقتها انتابتنى حالة من القلق عما قد تحمله الأيام القادمة من خفايا؟ كنت أتابع الأخبار الجديدة كل ساعة حول ظروف هذا الفيروس، كانت الأخبار والتقارير المنشورة لا تبشر بالخير، خاصة بعد تأكيد وفاة أول مصاب بهذا الفيروس فى 9 يناير الماضى.وقتها عدت بذاكرتى إلى عام 2002 وأزمة فيروس سارس ، حينها سألت نفسى هل هذا الفيروس الجديد بنفس حدة أو قدرة القتل لدى فيروس سارس؟ وكيف ستتعامل الصين مع هذا الأمر ؟
كانت وتيرة نشر التقارير والأخبار الى جانب تعليقات وتصريحات المسئولين الصينيين تتزايد كل يوم طوال الشهرين الماضيين ،أرقام الوفيات والاصابات فى تزايد مستمر، ليخرج الفيروس خارج حدود الصين، وتعلن دولة تلو الاخرى عن اكتشاف اصابات مؤكدة بالفيروس. لأ اخفى سراً ، بأن كنت أشعر بالقلق الشديد ازاء هذا الفيروس القاتل.. ولكن؟
هنا، أؤكد انه من خلال تجربنى ومعايشتى فى الصين لفترات طويلة، واعتبر نفسى أكثر حظاً من غيرى ممن لهم علاقة بالصين، حيث شرفت بزيارة العديد من المقاطعات الصينية فى مختلف انحاء الصين وليس العاصمة بكين فقط، اثبتت زياراتى تلك مدى وعى وثقافة الشعب الصينى وحبة واحترامة لقياداته ،شغفه وايمانه بعملة ايا كانت طبيعته، وهذا ينطبق على جميع القوميات ال56.
لذلك، أرى ان الصين قادرة على احتواء والسيطرة على انتشار فيروس كورونا على المستوى الداخلى، وقد نجحت بالفعل فى هذا الأمر، لقد حطمت الرقم القياسى فى انشاء مستشفى فى مدينة ووهان فى 10 أيام فقط، هذا الانجاز الكبير لا يأتى من فراغ، انما من ارادة قوية تمثل القاعدة الأساسية لأى مواطن صينى.
الفترة الزمنية بين وقت انتشار فيروس سارس وفيروس كورونا الان 18 عاما تقريبا، هذا الرقم كبير جدا عندما تقارن امكانية وقوة الصين منذ ذلك الحين والوقت الحالى، لقد اصبحت الصين اكثر خبرة وامكانيات وتتميز بتطبيق التكنولوجيا الحديثة التى اصبحت تمثل اسلوب حياة الصينيين انفسهم، حيث الاعتماد عليها فى كل شئ ، بديل انه يمكن ان تقوم بكل مهامك التى تقوم بها فى عملك وانت فى المنزل خلال الفترة الماضية، اصبحت الصورة اكثير ايجابية فى الوقت الحالى عندما سمحت الحكومة بعودة الموظفين الى العمل.
الاجراءات الوقائية التى اتخذتها الحكومة الصينية للحد من انتشار هذا الوباء ، والتى منها إلغاء الاحتفالات بمناسبة السنة الصينية الجديدة، وغلق اماكن التجمعات فى كل المناطق، ومطالبة المواطنين الصينيين بالزام منازلهم ، وتأجيل الدراسة فى المدارس والجامعات، جميعها اجراءات وان كانت تبدوا صعبة، إلا انها كانت فى الصميم وخطوة ايجابية تحسب للحكومة الصينية وتمثل استجابة غير مسبوقة في التاريخ. كما تعكس تلك الاجراءات مدى حجم المسئولية التى تتحملها على عاتقها تجاه نفسها وتجاه العالم اجمع، فى الوقت الذى يلبي المواطنون الصينيون انفسهم والبالغ عددهم 1.4 مليار نسمة تقريبا طوعاً دعوات الحكومة المستمرة لمحاربة الوباء، ومما لا شك فيه ان تلك الإجراءات الوقاية قد ساهمت على نحو بالغ في تحقيق السلامة العامة على مستوى العالم وليس الصين فقط.
أعلم جيدا أن الصين تمتلك قدرة هائلة على التعبئة وخبرات كبيرة في التعامل مع حالات طواريء للصحة العامة، وانا على ثقة بانها تمتلك القدرة على الفوز في المعركة ضد الوباء. ولا أجزم حين أقول إن جهود الصين العملية نجحت فى أن حولت أمة لا يشغلها سوى مواجهة الوباء منذ أن تفشى، وأن تلك الجهود تثمر في الوقت الراهن عن نتائج إيجابية، انما هى فقط مسألة وقت.
الصين دولة قوية ، ويجب على العالم كله بجانب اعدائها الوقوف بجانبها حتى تنتهى من هذه الأزمة، لأن تلك الازمة لا تخص الصين وحدها أو دولة بعينها ، انما تهم العالم كله ، فهذا الفيروس لن يفرق بين اسيوى او عربى او افريقى او امريكى، الكل سوف يتضرر فى حالة تفشى هذا الوباء، ناهيك عن انهيار الاقتصاد العالمى، الأزمة معادلة الكل فيها خسران ، اذا نظر الناس نظرة عنصرية او معادية للصين، كما كنت أقرأ فى من تعليقات عنصرية على مواقع التواصل الاجتماعى او فى وسائل الاعلام المعادية، ان تشويه صورة الصين لم يكون له جدوى لأي طرف.
كما أرى ان خطورة فيروس كورورنا على الاقتصاد العالمى يتمثل فى احداث حالة من الذعر النفسى لدى الاشخاص او المؤسسات الاستثمارية او الاقتصادية العالمية، واجزم أن وسائل الاعلام الغربية هى أول من قامت بتهويل ازمة فيروس كورونا ، كما أنها زادت من التهويل اكثر مما ينبغى ، خاصة ان هناك مئات الحالات تعافت ، وان الارقام الرسمية اظهرت ان حوالى 80% من الوفيات كانت فوق سن ال60 وكانت لديهم أمراض اخرى. التهويل هو من تسبب فى الذعر النفسى على الاشخاص أكثر من حقيقة الفيروس نفسه.