بكين 20 فبراير 2020 (شينخوا) 16 يوما، 200 جهاز تطهير، رجل واحد. قد يبدو الأمر بالغ الصعوبة، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لرجل صيني قرر القيام بدوره في المساعدة لمواجهة تفشي فيروس كورونا الجديد.
يوان تشوان وي، مسؤول بورشة صغيرة لإنتاج الآلات الدقيقة في مدينة سوتشو بشرقي الصين، لم يلتزم منزله كالآخرين للوقاية من تفشي وباء فيروس كورونا الجديد، لأنه شعر في أعماق نفسه بأن الوضع يتطلب موقفاً مختلفاً، فما دام قادراً على مد يد العون والمساعدة ببذل جهود مضاعفة فإنه لن يتوانى أو يُقصّر في عمله الذي يتقنه.
ولذلك؛ شمّر عن ساعديه وبدء وحيداً في الورشة مهمة إنتاج 200 قطعة من أجهزة التطهير خلال 16 يوما فقط، دون أن يدخر جهداً في ضمان تشغيل خط إنتاج عادة ما يُشغله خمسة عمال.
فبدأ العمل منذ استلامه الطلب يوم 26 يناير الماضي وحتى إرسال المعدات إلى مقاطعة هوبي بوسط الصين، الأكثر تضررا بفيروس كورونا الجديد في أسرع وقت ممكن، لسد الطلب المُلح في المستشفيات وسط المعركة العنيفة ضد الوباء.
وقال يوان: "إنه لمن حسن حظي أني أستطيع تشغيل كل المراحل لخط الإنتاج." مشيرا إلى أن كل جهاز يحتوي على بضعة عشرة قطعة، كما أن مهمة إنتاج 200 جهاز تستغرق عادة 15 يوما في حال وجود كامل العمال.
وغادر يوان أسرته ورجع إلى الورشة من بلدته ليلة اليوم الذي استلم طلب الإنتاج عبر الهاتف، حيث كان اليوم الثاني من رأس السنة الصينية الجديدة.
وعلى الفور؛ اتصل بموردي المواد الخام والشركاء لضمان إمداد المواد بعد إعادة الإنتاج، وعمل الإجراءات المعنية مع السلطات المحلية لإعادة الإنتاج، لكن واجه مشكلة كبيرة تمثلت بعدم إمكانية عودة العمال الذين كانوا قد غادروا إلى بلداتهم في مقاطعتي خنان وفوجيان بمناسبة عيد الربيع، وفشلوا في العودة إلى الورشة بسبب ظروف تفشي الوباء، حيث تم عزل بعض القرى من أجل ضمان الوقاية من عدوى فيروس كورونا الجديد.
ولذا؛ لم يكن من بُدٍّ أمام يوان إلا أن يقوم بكامل العمل وحده، بدءاً من البرمجة وشراء المواد الخام وإعداد الماكينات، مروراً بالتصنيع، وصولا إلى التصنيع وفحص الجودة ومن ثم التسليم وغير ذلك من مراحل الصناعة.
ضحى يوان كثيراً بساعات راحته وحياته الشخصية خلال تلك الفترة، حيث لم ينم إلا ساعتين تقريبا كل يوم، كما استحمم لمرة واحدة فقط خلال الفترة تلك، قائلا: "صحيح، لقد كنت متعباً للغاية، لكني سرعان ما كنت أتناسى التعب والإرهاق عندما أتخيل حجم المعاناة هناك في المناطق المنكوبة بالوباء، حيث يلقى الناس مصرعهم بسبب الفيروس."
قرر يوان البقاء في الورشة طوال النهار والليل لتوفير الوقت والعمل على مدار الساعة، واستغل فترة العمل التلقائي للماكينات المستمرة لـ 20 دقيقة لكي يأخذ قيلولة على الأريكة.
وفي قرارة نفسه، لطالما كان يوان يشحذ قوته بالقول: "إنه سيساعد المزيد من الناس في الجبهة الأمامية في هوبي للوقاية من الفيروس إذا ما استطاع إكمال الإنتاج بيوم مقدما."
وبجهود متواصلة وعزيمة لا تلين، نجح يوان في إنتاج إجمالي 200 جهاز تطهير بمادة بيروكسيد الهيدروجين وتسليمها في يوم 12 فبراير الجاري، مستغرقا 16 يوما فقط، يوم إضافي واحد عما كان فريق مؤلف من خمسة عمال قادر على إنتاجه.
وتزامنا مع استئناف العمل في الشركات الشريكة للورشة وتحسن النقص المؤقت في إمداد المواد الخام، قرر يوان أن يستلم طلبا آخرا لإنتاج 210 أجهزة أخرى ليستمر في المكافحة ضد الفيروس.
وحول ذلك قال يوان: "لم أشعر أبداً بأني أحارب بوحدي، بل شعرت وكأني أحارب مع كل من يكافح الوباء في البلاد، وخاصة العاملون الطبيون والموظفون في نقاط الحجر الصحي الذين يساهمون بالقسط الأكبر من المهمة من خلال تضحياتهم الجليلة."
واتخذت السلطات المحلية في البلاد العديد من الإجراءات والسياسات الداعمة لإعادة العمل وسط تفشي الوباء، بما في ذلك تنظيم رحلات القطارات والرحلات الجوية لنقل العمال إلى أعمالهم وضخ المزيد من الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة المتأثرة بالوباء.
وأعلنت اللجنة الوطنية للصحة اليوم الخميس أنها تلقت تقارير عن 394 حالة إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا الجديد و114 حالة وفاة يوم الأربعاء، بينما خرج 1779 شخصا من المستشفيات بعد تعافيهم، ليصل إجمالي عدد المتعافيين إلى 16155 شخصا.