بكين 12 فبراير 2020 (شينخوا) تواصل الصين معركتها في مواجهة تفشي فيروس كورونا الجديد، وحشد جميع الإمكانيات والطاقات للقضاء عليه. حيث نشرت البلاد خدمات صحة نفسية شاملة وفورية عبر أرجائها، كجزء من معركتها لمكافحة تفشي الفيروس، ولمساعدة العامة على تجاوز صدمة انتشار الوباء والتعامل معه بشكل مناسب وصحيح.
حصد الفيروس أرواح أكثر من 1100 شخص حتى يوم الثلاثاء الماضي في البر الرئيسي الصيني، وأصاب أكثر من 44 ألف آخرين، بينما كانت مدينة ووهان بمقاطعة هوبي بوسط الصين ضحيته الأكثر تضرراً.
المساعدة في المركز
حرصاً على تهدئة مخاوف العامة من المجهول ومعالجة المشاكل التي تتعلق بالصحة النفسية، افتتحت مدينة ووهان خطوطاً ساخنة تعمل على مدار 24 ساعة في الـ 23 يناير الماضي، وذلك بعد أن إغلاق المدينة الضخمة، حيث تم توفير الخدمات المذكورة عبر مستشفى تشونغنان التابع لجامعة ووهان، وجمعية هوبي للاستشارات النفسية.
وقال شياو جين سونغ رئيس جمعية هوبي للاستشارات النفسية: "نستقبل نحو 100 مكالمة هاتفية من العامة يومياً بشكل وسطي، إلا أن نحو خمسة منها فقط من موظفين طبيين".
وأضاف شياو: "معظم الموظفين الطبيين العاملين في الخطوط الأمامية يركزون بشكل كامل على عملهم حالياً، إذ ليس لديهم وقت تقريبا للحصول على قسط من الراحة، ما قد يؤثر على عواطفهم بشكل سلبي. وإلى جانب ذلك؛ فإن بعض المُسعِفين يعملون ضمن ظروف ضغط مرتفعة وهو أمر لا يساعد على استقرار صحتهم العقلية".
وشجع شياو الموظفين على الخطوط الأمامية على صرف مشاعرهم السلبية لتهدئة أنفسهم قبل العودة لمباشرة أعمالهم.
وفيما تتواصل معركة القضاء على تفشي الوباء، فإن ووهان لن تُترك وحيدة أبداً.
فقد تم إرسال دفعة ثانية من 148 موظفاً طبياً من شانغهاي في 28 يناير الماضي لتوفير المساعدة والدعم في مستشفى ووهان الثالث. حيث قام الفريق بتأسيس غرف استشارات نفسية تضم أطباء نفسيين وممرضين متخصصين، وذلك في مناطق عملهم والفندق الذي يمكثون فيه، بهدف توفير خدمات صحة نفسية مباشرة وشخصية للمرضى والموظفين الطبيين.
وفي هذا السياق؛ قال شي وي شيونغ عضو الفريق الطبي المذكور: "إن خدمات الصحة النفسية متاحة أيضاً عبر الإنترنت، حيث يمكن لأولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتنا القيام بمسح رمز الاستجابة السريعة (كيو آر) على تطبيق "ويتشات" الصيني الشهير للتواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن خبراء في شانغهاي يمكن التواصل معهم أيضاً لعرض مساعداتهم النفسية عبر الإنترنت".
وفي 4 فبراير الجاري، تم إرسال فريق إنقاذ طبي للطوارئ من مستشفى شرقي شانغهاي التابع لجامعة تونغجي إلى مدينة ووهان، يضم 55 عضواً، حيث أطلق الفريق المذكور تدريبات متخصصة في مجال الصحة النفسية لأعضائه، فضلاً عن توفير دعم نفسي للموظفين والعاملين الطبيين العاملين على الخطوط الأمامية في ووهان.
وبحسب ليو تشونغ مين رئيس مستشفى شرقي شانغهاي التابع لجامعة تونغجي، فإن المستشفى جمع أيضاً كتاباً حول المساعدة والإنقاذ الذاتي النفسي، حيث تم توزيع أكثر من 95 ألف نسخة مجاناً للمقيمين في هوبي وشانغهاي، كما يمكن في ذات الوقت الحصول على نسخها الإلكترونية عبر تحميلها بشكل مجاني.
الانتشار عبر أرجاء البلاد
أصدرت اللجنة الوطنية للصحة دلائل توجيهية وإرشادية للسلطات المحلية لتعزيز التدخل في الازمة النفسية للمرضى والعاملين الطبيين والعامة الخاضعين للملاحظة والمراقبة الطبية.
كما فتحت الصين خطاً ساخنا للصحة النفسية للعامة الذين يعانون قضايا معنية تتعلق بالصحة النفسية الخاصة بمواجهة الوباء، وذلك وفقاً لجامعة بكين للمعلمين المشهورة بدراساتها النفسية، والتي بدأت بتوفير الخدمات المذكورة في 27 يناير الماضي.
أما وزارة التربية والتعليم، فقد شجعت بدورها على تأسيس المزيد من خدمات الاستشارات عبر الهاتف والإنترنت عبر عموم أرجاء البلاد.
وحتى الآن؛ افتتحت مقاطعات تشمل هوبي و شانشي و شنشي و شاندونغ و فوجيان و تشجيانغ و سيتشوان و جيانغسو و خنان خطوطاً ساخنة معنية وسط تفشي الوباء لتوفير خدمات متعلقة تساعد العامة على التعامل والوقاية من الوباء بشكل صحيح ومناسب.
وقال تشن جيون الخبير من مركز الصحة العقلية في شانغهاي إن بعض المرضى لديهم مخاوف وقلق وحزن وإحباط من انتشار وتفشي الوباء، وهم يحتاجون إلى الدعم النفسي. كما أن عاملين طبيين أيضاً يحتاجون إلى دعم نفسي، خاصة وأنهم يعملون لأوقات طويلة تحت ضغط كبير وشعور بالذنب تجاه عائلاتهم.
وأضاف تشن: "إن تحقيق وضع عقلي ونفسي مستقر أمر هام من شأنه المساعدة على تخفيف حدة الانفعالات والقلق، والمساعدة على العلاج بشكل مناسب. كما أن من شأن ألاطباء النفسيين لعب دور هام في معركة القضاء على تفشي الوباء عبر توفير استشارات نفسية وأدوية مناسبة ".
أما في مقاطعة هونان بوسط الصين، فقد أطلقت لجنة الصحة المحلية في مدينة تشوتشو خطاً ساخناً في أول فبراير الجاري، يوفر الاطباء النفسيون من خلاله خدمات نفسية مجانية متعلقة على مدار الساعة للعامة يومياً.
وقال تشن شيانغ تشينغ نائب رئيس المستشفى الثالث في تشوتشو خلال رده على إحدى المكالمات الواردة: " هناك عملية لمراقبة الوباء والسيطرة عليه، ومن المتوقع تواصل ارتفاع عدد الحالات المؤكد إصابتها، فيما سنصل إلى نقطة انعطاف بعد بلوغ الذروة".
وتشير إحصاءات متعلقة الى أن الخط الساخن المعني في تشوتشو تلقى أكثر من 300 اتصال حتى يوم الثلاثاء الماضي.
دعم إلكتروني
بفضل التنمية السريعة لوسائل التواصل الاجتماعي، تم تأسيس العديد من فرق الأطباء النفسيين على شبكة الإنترنت، التي توفر خدمات مريحة لأولئك الذين يعانون مخاوف وصدمة تفشي الوباء.
كما أسست جامعة ووهان وجامعة هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا مجموعات دعم نفسي متعددة عبر منصة "كيو كيو" الإلكترونية الصينية الشهيرة للتواصل الاجتماعي.
ومن خلال أكثر من ألفي طبيب يوفرون خدمات متعلقة على مدار الساعة، بدأت شركة "جي دي" الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية توفير خدمات استشارية نفسية للمستخدمين في 26 يناير الماضي.
وفي ذات اليوم، فتح حساب "اعرف نفسك" على تطبيق "ويتشات" قناة خضراء للعاملين الطبيين في الصفوف الأمامية والمرضى وأعضاء عائلاتهم، على أمل مساعدتهم في تخفيف حدة المخاوف والقلق الذي يعانون جراء تفشي الوباء.
وذكر الحساب المذكور:" في هذه المرحلة الخاصة، فإننا نشجع العامة على التحدث والإصغاء إلى بعضهم البعض، للتعبير عن جميع المشاعر المعقدة أثناء الاستماع للآخرين بتفاعل ودون نقد.