د.فارس الأحمدي - طالب دكتوراه وباحث في الأنظمة الذكية – جامعة نانجين للغابات
تعد جمهورية الصين الشعبية من بين أسرع دول العالم في مجال تطوير التكنولوجيا وتوظيفها في الحياة اليومية. لاسيما في مجالات الأمن والطب والصناعة، وقد باتت هذه التكنولوجيا في متناول الجميع، ممايجعل الشعب الصيني يتقدم بخطوة نحو المستقبل عن بقية الشعوب.
لقد جاء عام 2020 ليختبر ذكاء التكنولوجيا الصينية، وجاهزية الصين للمواجهة. وقد تمكنت الصين من اجتياز هذا الاختبار، وجابهت أزمة كورونا العاصفة، من خلال توظيف التكنولوجيا بشكل ذكي وسريع. وليس هذا بغريب عن بلد مثل الصين، التي لعبت دورا مهمّا في نقل التكنولوجيا الى العالم وجعل حياة الناس اكثر سهولة.
في الداخل، استعانت الصين من قبل بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالكوارث الطبيعية، وفي الكشف عن الجرائم المحتملة، من خلال قراءة ملامح الأشخاص الذين يبدو عليهم نزوع نحو الاجرام وتحليلها، ووقف الجريمة جنينيا .وغير ذلك من التقنيات التي لا يتسع الوقت لسردها.
والآن، ومنذ بدء انتشار فيروس كورونا في الصين،أتاح الذكاء الاصطناعي الصيني عدة برامج لمتناول الجميع .والتي تقدم نشرة فورية على صعيد المقاطعة أو المدينة او الحي السكني وحتي الاسرة. وتبيّن هذه البرامج عدد المصابين بالإضافة الى حالات الاصابة المحتملة، بسبب تواجدها مع حالات مؤكدة على متن نفس الرحلات الجوية او البرية و غيرها من الأماكن. وهو ما يعزز القدرة على الجمع بين مصادر البيانات المتعددة. على سبيل المثال، يمكن للخوارزميات البحث في الأسماء من خلال تذاكر الطائرات، ومقارنة هذه المعلومات مع البيانات من مصادر أخرى، للتنبؤ بالأشخاص الذين سافروا نحو مناطق معينة. وقد حققت تحاليل التنبؤات المذكورة تقدماً كبيراً مقارنة بعام 2009 . ولو كان هناك هذه التقنية في ذلك الوقت، لتم انقاذ أرواح الكثيرين، ولما انتشر المرض من الولايات المتحدة الامريكية الى 213 دولة حول العالم. الأمر الذي أدّى إلى انتشار العدوى بين ملايين الأشخاص، ووفاة قرابة 300 الف انسان.
قامت مراكز الأبحاث والجامعات الصينية بتوظيف الذكاء الاصطناعي في الكشف عن حالات الاصابة المحتملة في الوقت المناسب. وقد نشرت جامعة بكين في 24 ينايرالماضي، مقالة علمية حول طرق الحد من انتشار الفيروس. وان وظيفة هذه التقنية هو التعرف على الحالات المحتمل اصابتها بالفيروس مسبقا. فمن أجل بحث وتوقع حاضن فيروس كورونا الجديد، قام فريق البروفيسور جوخوي تشيو بتصميم نموذجًا لخوارزمية VHP. والتي تعمل على جمع ومقارنة الجينات الخاصة بفيروس كورونا الجديد مع قاعدة بيانات جينات الفيروسات الموجودة. عبر استعمال عمليات حسابية وتحليلية، تقوم ببحث واسع النطاق في البيانات الجينية للفيروسات. ويمكن لهذه العمليات الحسابية من خلال الذكاء الاصطناعي إيجاد وتوقع الحاضن الطبيعي للفيروسات التاجية الجديدة.
التعلم العميق: الذكاء الاصطناعي + الطب
على مستوى تطبيق الذكاء الاصطناعي، تعدّ الصناعة الطبية واحدة من الصناعات التي تتمتع بأوسع آفاق التطبيق. مثل مجال المعلوماتية الحيوية؛ والبحث والتطوير الدوائي من قبل شركات الأدوية؛ والبيانات الصحية التي يتم جمعها بواسطة المعدات الطبية؛ وتشخيص المرضى وتحديد العلاج؛ كل هذه المعلومات تمثل بنكا يمكن من خلاله تغذية خوارزميات التعليم العميق للحصول على تقنيات أكثر ذكاء، من أجل ايجاد حلول طبية اكثر كفاءة. ففي الوقت الحالي يوجد الكثير من التطبيقات المستخدمة للتعلم العميق والموجودة في مجالات رؤية الحاسوب (Computer Vision ) .وتمتلك تكنولوجيا رؤية الحاسوب فضاءا واسعا للتطبيق في المجالات الطبية، و مثال على ذلك التعرف على الصور الطبية. وبدون أدنى شك، يمكن القول إن للذكاء الاصطناعي دورا كبيرا في المجالات الطبية، و مساعدة الناس على مواجهة الكوارث والأمراض المعدية والمفاجئة، مثل" فيروس كورونا الجديد "، والتصدي لها بكل قوة.
لقد اثبتت جمهورية الصين الشعبية قدرة عالية على التحكم في حركة الفيروس ووجودا في كل شبر من مدنها وقراها وجاهزية قصوى للتصدي للفيروس. كما تحركت بحزم للتصدي لكورونا، وحاصرته في الوقت المناسب وبدقة عالية. وفي وسط ظروف، يصعب فيها التحكم والتعامل مع الأمراض المعدية، نظرا للتعداد السكاني الهائل، والذي يفوق المليار وأربعمئة، خاصة اذا علمنا أن الازدحام هو أحد أكبر التحديات التي يمكن أن تواجه الدول في معالجة الازمات. يمكن القول أن الصين قد استطاعت بالحكمة والحزم أن تتغلّب على كل تلك الصعاب. لذلك، من الضروري أن نكون أكثر ثقة في جهود الحكومة الصينية، وأن يتحلّى الناس بالمزيد من الشجاعة والحكمة واتباع التعليمات لمواجهة تحديات الفيروس الجديدة! (تحرير: وليد)