人民网 2020:02:12.17:01:12
الأخبار الأخيرة
الصفحة الرئيسية >> تبادلات دولية
أخبار ساخنة

أخبار بصور

ملفات خاصة

مقالة خاصة: بين نافذتين

2020:02:12.13:40    حجم الخط    اطبع
مقالة خاصة: بين نافذتين

ماجد القطواني

طالب في جامعة شمال شرق الصين

كعادتي بعد نزول هذا الوباء ضيفًا علينا، استيقظ كل صباح لأفتح نافذتي الصغيرة على العالم، اتصفح هاتفي لأعرف أين وصل عداد الإصابات بالفيروس، كم شخصًا مات وكم شخصًا تعافى؟ وكيف أصبح منحنى الإصابات؟ لطفك يا الله، فلا يزال الرقم في صعود. افتح رابطًا لمشاهدة البث المباشر لعملية بناء المستشفى الخاص بإصابات الوباء في ووهان، لم يتبق الكثير، لا زال العمال يكابدون البرد والتعب. يا لجلدهم! لم ينل منهم التعب والإعياء وهم في لحاف البرد يعملون، أهمس لنفسي: يبدو أن الأيام القادمة لازالت تحمل الكثير. أتحسس جبهتي لأتأكد من درجة الحرارة، ثم أتحسس أنفي لأتأكد إن كان كل شيء على ما يرام. انتقل بعد ذلك لمطالعة لحظات الويتشات، عبارات التضامن والدعم من الصغار والكبار لمدينة ووهان وللصين، الكلام نفسه، الوجوه نفسها، التعابير نفسها، وحتى الألوان. يلفت انتباهك لحظات الأصدقاء والزملاء الصينين، لا زالت تجري كعادتها، حيث لا خوف فيها ولا هلع، فهذا شخصٌ يعرض هواتف للبيع، وزميل يشارك طعام إفطاره، وصديقٌ ينشر رسمًا لصغيرته.انتقل بعد ذلك للمواقع الإخبارية الأجنبية، لأقرأ هناك أخبار قيام الساعة من الصين، محاولات السبق الصحفي لأي خبرٍ كان دون مراعاة الحقيقة. لا مانع لدى البعض من اقتباس لقطة معينة في فيلم هوليودي وتصويرها على أنها تحدث الآن في الصين، وآخر يقول أن الصينيين قد بدأوا إحراق منازلهم لمحاربة الوباء، أسأل نفسي هل هناك صينٌ أخرى يتكلمون عنها ؟ ثم أُغلق نافذة هاتفي، لأفتح نافذة غرفتي.

تطرق خيوط الشمس على استحياء نافذتي لتؤذنني بميلادها الجديد، فلا أملك إلا أن افتح لها لتنشر بعضًا من دفئها، أفتح النافذة فأرى العالم لازال كما هو، لايزال المبنى المقابل ذي العشرين طابقًا كماهو شامخًا لم يحترق كما يزعمون، في إحدى الشقق ثمة رجلٌ يلاعب صغيرته، والجدة إلى جواره جالسةُ على كرسيها تحيك قطعة من القماش، الهدوء يعم المكان، أتحسس أنفي مرة أخرى ثم أنظر إلى الأسفل، رجلٌ يحمل شيئًا على ظهره وبيده عصا طويلة، أتفحص ماذا يصنع؟ إنه يمر على مداخل البنايات ليرش مبيدًا مكافحًا للفيروسات. إلى الأمام منه قليلًا، عامل النظافة يتأكد من فرز المخلفات بشكل جيد. ثمة رجلٌ يندفع مسرعًا حاملًا شيئًا في يده، ما الأمر! لا شيء، إنه عامل توصيل الاحتياجات المنزلية. أهمس لنفسي: نعم هدأت الحركة مقارنةً بما اعتدتُ عليه هنا، لكن لا يزال الناس كما هم، وما زالت الصين كما هي، إن هي إلا نافذتان، نافذة صغيرة صنعها الإعلام لي وعلي إما تصفيتها أو إغلاقها، ونافذة فتحتُها فقط.

المؤكد أن الفيروس سيزول وينتهي، والمؤكد أن الصين كعادتها تأخذ من الظروف الصعبة أفضل دروسها. كشف هذا الوباء مقدرة الدولة الفائقة على إدارة الأزمات ومقدار الاستجابة السريعة من المواطنين لتوجيهات الدولة، لا نتكلم عن آلاف أو ملايين قليلة يتم توجيهها، نتكلم عن مليار وأربعمائة مليون شخص يعملون في تناسق عجيب للحد من انتشار الفيروس. ولكي نأخذ لمحة عن هذا التناسق يكفي أن ننظر إلى مشروع مستشفى العشرة أيام، فهو مشروع تم بدون تخطيط سابق ولجان مراجعة، وتم في وجود مئات العمال وعديد الشركات التي تعمل في نفس الوقت بتناغم وانسجام. لم يكن البث المباشر الذي تابعه أكثر من مائة مليون متابع نوعًا من الترف، بل كان مشاركة حقيقية لمائة مليون شخص في عملية البناء. كان ما رأيناه في عملية بناء المستشفى عبر البث المباشر ليس سوى صورة مصغّرة لما حدث في نفس الوقت على مستوى الصين بأكملها، وإن كنت لا تراه، فأنت على الأقل تشعر به.

كشف هذا الفيروس أيضًا التنميط الذي يرسم العالم بريشة الرجل الأبيض. المنطق لديهم أن الفيروس إن ظهر في الصين فهو صيني وإن ظهر في أفريقيا فهو أفريقي، وأما إن ظهر في بلاد الرجل الأبيض فهو فيروس فقط، هذا التنميط وامثاله تجده سائدًا في أوساط الثقافة الغربية بإعلامها وفنها وأعمالها السينمائية. التنميط العنصري أشد مضاضة من الكورونا، وهذا الوباء أكد المؤكد ووضّح الواضح.

الكلمات الرئيسية

الصينالحزب الشيوعي الصينيشي جين بينغالصين والدول العربيةصحيفة الشعب اليوميةالثقافة الصينيةكونغفوشيوسالعلاقات الدولية كونغفوالأزمة السوريةقضية فلسطينالمسلمون الصينيونالإسلام في الصين

الصور

السياحة في الصين

الموضوعات المختارة

المعلومات المفيدة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×