الجزائر 11 فبراير 2020 (شينخوا) عرض رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد اليوم (الثلاثاء) لخطة عمل الحكومة الجديدة أمام المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى في البرلمان)، متعهدا بـ"تطهير الإرث الكارثي" من عهد النظام السابق من خلال ممارسات جديدة.
وقال جراد، أمام نواب المجلس الشعبي، إن الجزائر شهدت في السنوات الأخيرة "تسييرا كارثيا للدولة وممارسات تسلطية أدت إلى نهب ثروات البلاد والقيام بعملية هدم ممنهج لمؤسساتها ولاقتصادها بهدف الاستيلاء على خيراتها".
واعتبر أن هذه الممارسات أفضت إلى تهميش الكفاءات الوطنية "المخلصة والنزيهة" وإلى "زعزعة أسس الدولة مهددة بذلك لحمة شعبها".
وأوضح أن هذا الواقع "المرير" هو الذي دفع بالجزائريين للخروج في مسيرات عارمة في 22 فبراير 2019 لرفض "محاولة إضعاف بلادنا... لكي لا يتكرر ذلك مرة أخرى" وهو ما أدى في الأخير إلى استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 إبريل الماضي.
وقال إن الحكومة ستعمل على "تطهير ذلك الإرث الكارثي" من خلال ممارسات جديدة تهيئ "الطريق السلس لبلوغ التغيير السياسي والاقتصادي المنشود" والذي سيبنى وفق عقد جديد أساسه "التنمية البشرية والانتقال الطاقوي واقتصاد المعرفة والرقمنة".
وأكد أن أحد أهم تحديات الحكومة هو إخراج الجزائر من "مرحلة سياسية واقتصادية حرجة إلى عهد جديد تستعاد فيه ثقة الشعب في مؤسسات البلاد عبر إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة تمكن الجزائر من تجاوز الأزمة التي عرفتها".
وأشار إلى أن برنامج الرئيس عبد المجيد تبون يهدف إلى "استعادة مصداقية الحياة السياسية وفعالية النشاط الاقتصادي وتصحيح الفوارق الاجتماعية".
كما أكد على أن حكومته ستتبنى مبدأ الحوار في تعاملها مع الآخر على اعتبار أن الجزائر "تبنى بسواعد كل أبنائها على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم".
وأوضح أن مخطط عمل الحكومة يهدف إلى بناء "الجمهورية الجديدة" عبر "تكريس ديمقراطية فعلية من خلال مراجعة المنظومة التشريعية المؤطرة للانتخابات" وأيضا "تعزيز ضمانات ممارسة حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وترقية مجتمع مدني متحرر من القيود الإدارية بما يجعله سلطة مضادة حقيقية، إلى جانب الصحافة ووسائل الإعلام التي سيتم تأكيد حريتها واستقلاليتها واحترافيتها".
وبشأن إصلاح القضاء، أكد جراد أن حكومته ستقوم بـ "مراجعة عميقة للمنظومة التشريعية من أجل تعزيز حق الدفاع وضمان احترام مبدأ تناسب العقوبات وتأكيد قرينة البراءة من خلال تحديد اللجوء المفرط إلى الحبس المؤقت والوقاية من الأخطاء القضائية, وأخلقة العمل القضائي".
واكد أن حكومته ستعمل على تعزيز آليات استرجاع الأموال العمومية المنهوبة (في النظام السابق) وتوفير حماية أكبر للمبلغين عن الفساد و"تشديد العقوبات المسلطة على جرائم الفساد وتبييض الأموال".
وتعهد بمراجعة ما يسمى بالامتياز القضائي الذي يمنح محاكمة خاصة لكبار المسؤولين في الدولة، وذلك على نحو يكرس "مبدأ المساواة" أمام القضاء.
وبشأن الوضع المعيشي للشعب، قال جراد إن حكومته "ستعمل على تحسين القدرة الشرائية للمواطن وتدعيمها من خلال رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون، وتوفير متطلبات العيش الكريم لكل المواطنين دون إقصاء وعبر كامل ربوع الوطن".
واعترف جراد بأن البلاد تشهد وضعا ماليا صعبا.
وقال إنه بفضل برنامج الحكومة الذي يستند لبرنامج رئيس الجمهورية فإنها "قادرة على التغلب على الوضع الاقتصادي والمالي الصعب".
وأضاف أن "الوضع الصعب والدقيق الذي تعرفه البلاد على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ستواجهه الحكومة بكل مسؤولية وثبات".
وأكد أن الحكومة ستعمل من أجل تحقيق هذا الهدف على "القضاء على الانحرافات التي طبعت تسيير الشؤون العامة للدولة وعلى التأثيرات السلبية للقوى غير الدستورية على القرار السياسي والاقتصادي للبلاد" في إشارة إلى جماعات الضغط.
وأوضح أن الوضع المالي للبلاد يبقى "هشا" ومرتبطا بتقلبات السوق العالمية للنفط، مشيرا إلى تفاقم عجز الموازنة العامة خلال 2019 وارتفاع عجز الميزان التجاري إلى 10 مليارات دولار بنهاية 2019، وتراجع احتياطات الصرف بأكثر من 17 مليار دولار خلال نفس العام، فضلا على زيادة الدين العام الداخلي ليصل إلى 45 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مقارنة بـ 26 بالمائة في 2017 .
وشدد على أنه بالرغم من صعوبة وتعقد هذه الوضعية "إلا أن الحكومة لن تستسلم لليأس".
وأكد أن الحكومة بحاجة إلى مراجعة "اختلالات" موازنة 2020 التي وضعتها الحكومة السابقة برئاسة نور الدين بدوي وهي حكومة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
من ناحية أخرى، أكد جراد أن الحكومة ستقوم بإعادة النظر في طرق ومناهج التعليم.
كما ستعمل على تحقيق نسبة اكتفاء ذاتي من صناعة الأدوية تقدر بـ 70 في المائة.
وبشأن السياسة الخارجية، أكد جراد أهمية تعزيز دور الجزائر ونفوذها على الساحة الدولية وفي إفريقيا من خلال "تعميق علاقات تعاونها مع كافة شركائها".
كما أكد التزام الحكومة بمواصلة "تعزيز الأمن والدفاع الوطني بغرض الحفاظ على السلامة الترابية وتعزيز استقرار البلاد".
وعين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في 28 ديسمبر الماضي عبد العزيز جراد رئيسا للوزراء.