مروان حسن سلام (马朗)
طالب دكتوراه – مقاطعة تشجيانغ
كعربي مقيم في الصين ومتابع لوسائل التواصل الاجتماعي وأخبار وسائل الاعلام الأجنبية، لاحظت الكثير من الإشاعات والأخبار الزائفة التي تتناقلها وسائل الإعلام وتوظفها بعيداً عن سياقها الصحيح. هذه الأخبار خلقت حالة من الذعر والهلع ليس لدى الأجانب المقيمين في الصين فحسب، ولكن عند الأهالي والأصدقاء والمتابعين في مختلف دول العالم. لذلك فجهود محاربة كورونا وحدها لا تكفي، بل يجب محاربة الشائعات والأخبار الزائفة التي لا تقل خطورة عن الفيروس في حد ذاته.
على المستوى الشخصي وخلال الأسبوعيين الماضيين تلقيت العديد من الاستفسارات والصور ومقاطع الفيديو من الأهل والأصدقاء من دول عربية مختلفة يسألونني عن صحتها. وأغلبها إن لم يكن جميعها إشاعات أو أخبار زائفة، بعضها كانت مُختلقة من الأساس وبعضها مفبركة وبعضها مأخوذة من أفلام وبعضها أخبار حقيقية تم تفسيرها في غير سياقها الطبيعي لتعطي معنى وانطباعاً آخر والهدف في المحصلة بث الرعب والهلع بين الناس والإساءة لصورة الصين.
فعلى سبيل المثال تم تصوير إغلاق المحلات التجارية وخلو المدن من الكثير من المارة أثناء إجازة عيد الربيع على أنه هروباً من المواطنين وخوفاً من انتشار فيروس كورونا، وعلى أن المدن تحولت إلى مدن أشباح بسبب هذا الفيروس، ومن يعرف الصين وعاش فيها يدرك أن هذا أمر طبيعي فعيد الربيع أهم عيد بالنسبة للصينيين وأغلبهم إن لم يكن جميعهم يحرصون على العودة إلى أهاليهم وقضاء إجازة رأس السنة معهم.
كما أن إجراءات حظر التنقل في بعض المدن، وتوصيات السلطات الصحية بالبقاء في البيوت والخروج عند الضرورة ، تم تقديمها في الإعلام على انها دليل على أن هناك كارثة كبيرة تحصل في الصين وأن السلطات الصينية تخفيها وأن هذه الإجراءات هي دليل على حجم الكارثة. وسعوا من وراء ذلك للتشكيك في الأرقام التي تقدمها الحكومة الصينية عن الحالات المسجلة للمصابين والوفيات وتحدثها لحظة بلحظة بكل شفافية. ومن يقيم في الصين يعرف قدر الحزم والمسؤولية التي تتعامل به السلطات الصينية في القضايا التي تهدد أمن وسلامة المواطنين ويعرف جيداً أن هذه الإجراءات هي إجراءات احترازية ووقائية وطبيعية الهدف منها منع انتشار العدوى والسيطرة على الوباء بأسرع وقت ممكن وبأقل الخسائر البشرية والاقتصادية.
ونُشرت صور ومقاطع تصور بأن البشر يتساقطون موتى بالمئات في الشوارع من فيروس كورونا الجديد، وهو توظيف سيء لمقاطع من أفلام أو صور وأحداث لا علاقة لها بالواقع ولا بفيروس كورونا. حتى أن صيحات المؤازرة والتعاضد مع مدينة ووهان التي أطلقها بعض السكان في بعض المدن من على شرفات المنازل تم ترويجها ونشرها على أنها صرخات ذعر واستنجاد من السكان خوفاً من موت وشيك أحاط بهم. هذه بعض الأمثلة فقط، وهي كثيرة وتتجدد كل يوم.
صحيح بأن فيروس كورونا المستجد تفشى في شهر يناير الماضي من مدينة ووهان، وشكل تحدياً حقيقياً للنظام الصحي في الصين. خاصة أنه حدث في فترة ما قبل عيد الربيع وهي فترة عودة السكان إلى أهاليهم لقضاء إجازة العيد، إلا أن الصين بذلت جهوداً كبيرة واتخذت إجراءات صارمة للسيطرة على هذا الوباء، وكلنا على ثقة بأن الصين قادرة بكفاءاتها وإمكانياتها على التغلب على هذا الفيروس، واعادة الحياة الطبيعية في كل أرجاء الصين في القريب العاجل. ومما لا شك فيه أيضاً بأن الصين تعرضت لهجمة إعلامية شرسة خلال هذه الفترة من الإعلام الغربي كان هدفه بشكل أساسي محاربة الصين لا محاربة انتشار كورونا وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل، فالأدلة كثيرة وبارزة لكل متابع حصيف.
ولقد وقعت بعض وسائل الإعلام العربية في فخ هذه الحملة الإعلامية الموجهة التي تقودها مواقع وحسابات غربية وتداول العديد من الأشخاص تلك الصور ومقاطع الفيديو والأخبار الزائفة في وسائل التواصل الاجتماعي بجهل أو بحسن نية ظناً منهم بانها الحقيقة، ولكنهم لو عرفوا الحقائق كما هي لكان لهم موقفاً آخر. ومن هنا كان على الجميع واجب الوعي أولاً وتمحيص كل خبر أو معلومة قبل تداولوها والمساهمة في وسائل التواصل الاجتماعي ونقل الأخبار والمعلومات الصحيحة والتصدي للإشاعات والأخبار الزائفة كواجب اخلاقي ودور مسؤول حتى لا يقع الكثيرين ضحايا للرعب والقلق الموجه الذي يهدف للإضرار بالمواطنين والمقيمين والصين على حد سواء.