أصبحت الفواكه واللحوم المستوردة وسلع الأرياف الجبلية لا تخلو منها مائدة طعام بمناسبة الأعياد في الصين. وتعد عطلة عيد الربيع فرصة لتذوق مختلف الأطباق والأذواق في مختلف أرجاء الصين. وبفضل ترقية هيكل الاستهلاك، وزيادة حجم الواردات، وتحسن البنية التحتية واللوجستية، ووفرة المنتجات السياحية، بات أمام الناس المزيد من الخيارات لقضاء عيد الربيع. فماذا تقول البيانات الضخمة عن ترقية هيكل الاستهلاك في الصين؟
المنتجات المستوردة تزين موائد العائلات الصينية في عيد الربيع
"الروبيان الأحمر الأرجنتيني، الكرز التشيلي، سمك القد النيوزيلندي ... أتطلع حقًا أن أرى هذه الأطعمة الطازجة على مائدة عائلتي في العيد." تقول تساى جيا التي بدأت اقتناء مختلف مكونات عشاء رأس السنة الجديدة. بالإضافة إلى المأكولات التقليدية، اشترت تساي هذه السنة العديد من المنتجات الغذائية الطازجة المستوردة: "لقد أصبح شراء السلع المستوردة الآن أكثر سهولة، وبات بامكاننا تذوق أطعمة مختلف البلدان على مائدة عشاء رأس السنة."
يذكر أن الصين قد عملت خلال السنوات الأخيرة على زيادة حجم وارداتها من الأسواق الأجنبية. فبالتزامن مع ترقية الهيكل الاستهلاكي في الصين، وتوسع قاعدة الطبقة المتوسطة وازدياد الطلب على السلع الاستهلاكية، ارتفع حجم اسيتراد السلع والخدمات الاستهلاكية عالية الجودة. الشيء الذي أثرى سلّة اختيارات المستهلكين المحليين.
وتظهر بيانات جينغ دونغ الكبيرة أن استهلاك الفواكه المستوردة خلال مهرجان التسوق بمناسبة عيد الربيع، قد زاد بنسبة 2.2 مرة مقارنة بنفس الفترة من ديسمبر 2019. وسجل الموز الفلبيني والكرز التشيلي وعين التنين التايلاندي وغيرها من الفواكه المستوردة المبيعات الأعلى من بين السلع الطازجة المستوردة. في هذا السياق، تبين الارقام الاحصائية حول الاستهلاك، أن مستوى الاستهلاك في مدن المستوى الثالث قد سجل ارتفاعا بمقدار 5.6 مرة على أساس سنوي، وسجل استهلاك السلع المستوردة في هذه المدن ارتفاعا بنسبة 9.8 مرة. وتعد الفواكه والحليب والحلوى والشوكولاته أكثر السلع المستوردة شيوعًا بين سكان مدن المستوى الثالث والرابع.
خلال مهرجان سلع رأس السنة الذي نظمته منصة التسوق الالكتروني تيمول، برزت العديد من السلع الغذائية كحصان أسود للسلع الاستهلاكية. على سبيل المثال، ازدادت مبيعات الخضروات نصف الجاهزة المعبأة في أوعية بقوانغدونغ بنسبة 179٪ على أساس سنوي، حيث بيع منها ما يزيد عن 100 ألف وعاء. كما تم بيع أكثر من مليوني كيس من معكرونة الحلزون. مما يعكس التغيرات في عادات الاستهلاك للعام الصيني الجديد.
استهلاك سلع الأرياف الجبلية يسهم في زيادة دخل القرويين والتخلص من الفقر
"قبل عيد الربيع لهذا العام، اشتريت بضع كمية من الجوز وأذن الخشب وغيرها من السلع الجبلية. بعد استلام البضائع، وجدت أن الجودة كانت جيدة حقا"، قال لي وينجي، المدرس في كلية تشانغشا بمقاطعة هونان. ويضيف لي وينجي هناك العديد من المنتجات الزراعية عالية الجودة في المناطق الجبلية الفقيرة. لكن كان من الصعب في السابق تسويقها إلى المدن بسبب سوء الخدمات اللوجستية وغيرها من الأسباب، أما اليوم فباتت تصل بسهولة إلى المدن.
ومع التحسن المستمر للبنية التحتية لعمليات التوزيع والتسويقع وتطور نماذج الأعمال الناشئة مثل التجارة الإلكترونية، فإن بعض المنتجات الزراعية المميزة التي عانت سابقًا من صعوبات في المبيعات بسبب الخدمات اللوجستية لم تدخل فقط في سلة عدد أكبر من المستهلكين الحضريين فحسب، ولكنها أصبحت أيضا تؤثر على الاستهلاك في الحضر. وقد أسهم ذلك بطبيعة الحال في زيادة دخل المزارعين في المناطق المنتجة.
يذكر أن منصة تيمول قد افتتحت هذا العام، مساحة خاصة للسلع ذات الطابع المحلي. حيث تخطط لمساعدة المزارعين في جميع أنحاء البلاد على بيع 300 مليون رطل من المنتجات الزراعية، ما يساعد كل مزارع مشارك على زيادة دخله بـ 1000 يوان على أساس سنوي. وتشير البيانات إلى أن نحو 80 ألف تاجر للمنتجات الزراعية المنتجة في المقاطعات الفقيرة قاموا بفتح متاجر على منصة تاوباو تيمول. مما ساعدهم على رفع متوسط دخلهم السوق السنوي إلى مايزيد عن 82000 يوان. وشارك أكثر من 56 مليون مستهلك في حملة مساعدة المزارعين في المناطق الفقيرة على زيادة دخلهم.
السياحة في عطلة عيد الربيع تصبح موضة جديدة
"سآخذ الأسرة للاحتفال بالعام الجديد هذا العام، والاستمتاع بتجربة مختلفة في عطلة رأس السنة"، يقول قوه هاو، الذي يعمل مسؤولا في شركة للتجارة الخارجية بشنغهاي. وقد وضع قوه هاو وأسرته برنامج السفر قبل أكثر من الشهر من العيد.
وأصبحت السياحة خيارا جديدا لعدد متزايد من الصينيين لقضاء عيد الربيع. حيث تشير بيانات الحجز لمنصات السفر الرئيسية، أن حجوزات السفر للوجهات السياحية الأكثر شعبية خلال عطلة عيد الربيع قد زادت بشكل ملحوظ. إذ تُظهر البيانات الصادرة عن وكالة أسفار "ليوماما للسياحة" أن الحجوزات السياحية لعطلة عيد الربيع قد زادت بشكل سريع ابتداءا من 18 يناير الجاري، وستصل إلى ذروتها في عشية رأس السنة (24 يناير) واليوم الثاني من العيد (26 يناير).
تعتمد سياحة عطلة عيد الربيع بشكل أساسي على السفر العائلي، حيث تزيد نسبة السفر العائلي لثلاثة أشخاص أو أكثر عن 70٪، أي أعلى بنسبة 18٪ من عطلة العيد الوطني. فيما يتعلق بالجولات المحلية، فإن الذهاب جنوبًا لتجنب البرد، والذهاب شمالًا للاستمتاع بالثلج، تعد أكثر الأنماط السياحية الرائجة خلال عطلة عيد الربيع لهذا العام.