بكين 10 يناير 2020 (شينخوا) قدم الرئيس الصيني شي جين بينغ جائزة العلوم الصينية العليا لهوانغ شيوي هوا وتسنغ تشينغ تسون اليوم (الجمعة) لمساهماتهما البارزة في الابتكار العلمي والتكنولوجي.
ومنح شي، وهو أيضا الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، ميداليات وشهادات الجائزة لهما في حفل سنوي عقد في بكين لتكريم علماء ومهندسين بارزين وإنجازات بحثية متميزة.
وتصافح شي معهم وهنأهم.
وحضر الحفل قادة آخرون، من بينهم لي كه تشيانغ ووانغ هو نينغ وهان تشنغ.
وهوانغ شيوي هوا أكاديمي بالأكاديمية الصينية للهندسة وهو كبير مصممي الجيل الأول للغواصات النووية في الصين.
ولد هوانغ في مقاطعة قوانغدونغ في عام 1926، وانضم فيما بعد إلى معهد أبحاث تابع لشركة صناعة بناء السفن الصينية السابقة، وقد شارك في أنشطة بحث وتطوير الغواصات النووية لمدة 30 عاما تقريبا. كما فاز بميدالية الجمهورية في عام 2019 لمساهماته البارزة للبلاد.
وقال هوانغ "الغواصات النووية هي هدفي الذي امتد طيلة حياتي، وليس هناك ما أندم عليه."
وتسنغ تشينغ تسون، البالغ من العمر 85 عاما، عالم مشهور في مجال الأرصاد الجوية من معهد فيزياء الغلاف الجوي التابع للأكاديمية.
ووفرت نظريته للتنبؤ العددي بالطقس حلا لمشكلات التوقيت والاستقرار في حساب عمليات تغيير الطقس متعددة النطاق وهي أساس تكنولوجيا التنبؤ العددي بالطقس العالمية.
وتعلم تسنغ القيام بالأعمال الزراعية وكان مدركا لصعوبة توقع أحوال الطقس حينما كان صغيرا. وفي سنوات دراسته الجامعية، تأثر بشدة بنوبة صقيع حادة أدت إلى تجمد 40 بالمئة من القمح في مقاطعة خنان وسط الصين. ويستحضر تسنغ هذه الحادثة ويعلق عليها قائلا "إذا استطعنا التنبؤ بالطقس مقدما واتخذنا الإجراءات الاحترازية، سنستطيع بالتأكيد تقليل الخسائر."
وحصلت دراسة تسنغ الثاقبة بشأن تغير المناخ العالمي على عدد من الجوائز والإشادة الدولية، بما في ذلك الجائزة العالمية العليا لأعمال الأرصاد الجوية.
وكرّم حفل يوم الجمعة أيضا 296 مشروعا، فازت 46 منها بجائزة الدولة للعلوم الطبيعية، و65 بجائزة الدولة للاختراع التكنولوجي، و185 بجائزة الدولة للتقدم العلمي والتكنولوجي.
كما فاز عشرة خبراء أجانب بجائزة التعاون الدولي في العلوم والتكنولوجيا.
دفعة علمية-تكنولوجية
وبالنيابة عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة، أعرب رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ عن تهنئته للفائزين وشكر الخبراء الأجانب على دعمهم للتنمية العلمية والتكنولوجية الصينية.
وقال لي، وهو أيضا عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إنه منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تحققت إنجازات رائعة في التنمية العلمية والتكنولوجية، حيث شهد العام الماضي عددا من أوجه التقدم على الصعيد الدولي.
وأشار إلى أن الصين تسعى إلى تحقيق الهدف المئوي الأول وهو بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل في 2020.
شدد رئيس مجلس الدولة على أهمية اتباع فكر شي جين بينغ بشأن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، ودفع تطبيق استراتيجية التنمية التي يقودها الابتكار وتسريع التكامل المتعمق للعلوم والتكنولوجيا مع الاقتصاد، في محاولة للحفاظ على النمو الاقتصادي في إطار معقول ودعم تنمية عالية الجودة.
ودعا إلى تعزيز البحث الأساسي كونه أساس الابتكار العلمي- التكنولوجي.
وأوضح لي "سنزيد من الدعم المالي وسندفع القوى الاجتماعية، من بينها الشركات، نحو زيادة الاستثمار"، مضيفا أن آليات ضمان التمويل وتقييم الإنجازات ومكافأة المواهب ينبغي تحسينها.
وستدعم الصين الباحثين في التركيز في أعمالهم دون أي تشتيت، وستخلق المزيد من الإنجازات الأصلية عن طريق احترام القواعد والتسامح مع الإخفاقات، بحسب لي.
ويتعين الإشادة بمن كرسوا أنفسهم للعمل العلمي على الرغم من قضائهم عقود دون شهرة، ومكافأتهم، وفقا لما قال.
وأكد رئيس مجلس الدولة أنه يتعين أن يلبي الابتكار العلمي-التكنولوجي الحاجات الملحة للتنمية الاقتصادية ومعيشة الشعب.
وأوضح أن الصين ستسرع تطوير التكنولوجيات الرئيسية وتحويل الإنجازات البحثية إلى منتجات للمساعدة في تسريع التحديث الصناعي.
كما ينبغي تكثيف أنشطة البحث والتطوير في منع الأمراض والسيطرة عليها وكذلك الإدارة البيئية، ما يعزز استفادة الشعب من التكنولوجيا والابتكار، بحسب لي.
وأكد لي أهمية دور الشركات في الابتكار التكنولوجي ودعا إلى بذل الجهود لتحسين قدرتها وعزمها على الاستثمار بشكل أكبر في الابتكار عن طريق تطبيق سياسات تخفيض الضرائب والرسوم وكذلك احترام وحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها.
ولتوسيع التعاون الدولي في الابتكار، تعهد لي بتسهيل قدوم العلماء والفنيين، وكذلك الشركات، من مختلف دول العالم إلى الصين للتبادلات والتنمية.
وترأس نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هان تشنغ، وهو أيضا عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، مراسم الاحتفال الذي حضره نحو 3300 شخص.
وقبل الاحتفال، التقى شي وقادة آخرون ممثلي المكرمين.
إنجازات متنوعة
أبرز احتفال هذا العام الإنجازات الكبرى التي تحققت في مجال البحوث الأساسية، فقد فاز الكيميائي تشو تشي لين، 63 عاما، وفريقه بالمرتبة الأولى من جائزة الدولة للعلوم الطبيعية عن اختراع عامل حفاز عالي الكفاءة جرى استخدامه على نطاق واسع بين شركات الدواء العملاقة في إنتاج الأدوية.
وقد حصلت برامج بحثية أخرى على جائزة الدولة للعلوم الطبيعية، بينها دراسات عن المواد الكمية الطوبولوجية وموصلات الحديد الفائقة والتحكم في ظروف تكون الجرافين وخصائصه الإلكترونية.
وقال تشو "الكثير من المشكلات المحيرة تبدو وكأنها مشكلات تكنولوجية. في الواقع، لا يدعم حل تلك المشكلات بحوث علمية قوية. وبدون الفهم الواضح للمشكلات العلمية الأساسية، لا تستطيع الحصول على نتائج مبتكرة."
وشهد الاحتفال أيضا تكريم مجموعة من العاملين في البحوث الخاصة بالتكنولوجيات الأساسية الموجهة للتطبيقات الصناعية، مثل مشروع الطائرة النفاثة (ايه ار جيه 21).
وتعد (ايه ار جيه 21)، التي طورتها شركة الصين لصناعة الطائرات التجارية، أول طائرة ركاب نفاثة إقليمية ذات مروحة توربو تطورها الصين محليا.
وتم منح جوائز لعدد آخر من البحوث التكنولوجية التي طبقت في الصناعات والمشروعات الهندسية الكبيرة، منها تكنولوجيات لبناء الأنفاق الكبيرة وتكنولوجيات لضمان السلامة على الطرق السريعة في المناطق الجلبية ذات الطبيعة الجغرافية المعقدة والخطرة، إلى جانب تكنولوجيات في المحركات الهجين للمركبات التجارية.
كما منحت جوائز لدراسات في مجال الحيوان واختراقات طبية وتكنولوجيات زراعية.
وفي هذا الإطار، فاز وي فو ون، الأكاديمي بالأكاديمية الصينية للعلوم، وفريقه بالمرتبة الثانية لجائزة الدولة للعلوم الطبيعية، تقديرا لبحوثهم على الباندا العملاقة.
وتركزت بحوث وي وفريقه على تطور الأنواع البيولوجية القديمة، وساهمت في الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض.
وفاز الفريق الذي قاده الطبيب سون لينغ يون، الذي يعمل في مستشفى (درام تاور) في نانجينغ شرقي الصين، بجائزة الدولة للاختراع التكنولوجي، عن تطوير علاج للذئبة الحمامية باستخدام الخلايا الجذعية.
وفاز آخرون بجوائز عن بحوث تتعلق بالأمراض، شملت دراسات عن انتقال عدوى الانفلونزا الحيوانية إلى البشر، ودراسات حول نشوء المرض وعلاج الاكتئاب.
ومُنحت جوائز أيضا لبرامج بحثية متعلقة بالعذاء الآمن والإنتاج المستقر للحبوب، من بين ذلك بحوث عُنيت بتطوير تكنولوجيات لرصد الملوثات بدقة في المنتجات الزراعية واستنبات أنواع جديدة من القمح وفير الإنتاج.
بلد ابتكاري
منذ المؤتمر الوطني ال18 للحزب الشيوعي الصيني في 2012، قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وفي القلب منها شي، تبنّي استراتيجية تنمية مدفوعة بالابتكار، وشددت على أن الابتكار العلمي والتكنولوجي يوفر دعما استراتيجيا لزيادة الإنتاج وتعزيز القوة الوطنية الشاملة.
وكما أكد شي، الابتكار هو القوة الدافعة الرئيسية للتنمية.
أجرى شي خلال السنوات القليلة الماضية عددا من الزيارات لمعاهد البحث العلمي والجامعات وشركات التكنولوجيا الفائقة، ومناطق التنمية الصناعية ذات التكنولوجيا الفائقة التي تبلغ فيها عناصر الابتكار أوج نشاطها.
ولم تدخر الصين جهدا في بناء بيئة ابتكارية محلية عبر خطة ممنهجة طبقت بمنتهى العزم.
ونشرت الصين في مايو 2016 توجيها إرشاديا بشأن استراتيجية وطنية تضع ثلاث خطوات رئيسية لتعزيز التنمية المدفوعة بالابتكار في البلاد.
وتبنت هذه الاستراتيجية تعهدا بأن تجعل من الصين دولة ابتكارية بحلول 2020 ورائدة دولية في الابتكار بحلول 2030، وقوة محركة عالمية للابتكار العلمي-التكنولوجي بحلول 2050.
وشهدت الصين خلال ثلاث سنوات متعاقبة نموا "ثنائي الرقم" في الإنفاق على البحث والتطوير. ومنذ عام 2013، تحل الصين في المرتبة الثانية من حيث الإنفاق على البحث والتطوير على مستوى العالم، وفقا لبيانات صدرت في أغسطس عن المكتب الوطني للإحصاءات.
ووصل إنفاق الصين على البحث والتطوير حدا قياسيا في 2018 بلغت نسبته 2.19 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بارتفاع نسبته 0.04 نقطة مئوية مقارنة بعام 2017.
وفي الوقت ذاته، تحسن الصين آليات التحفيز وبيئة السياسات، عبر إصدار مجموعة من وثائق الإصلاح الخاصة بتعزيز التطور العلمي-التكنولوجي، وإحداث تحول في الإنجازات العلمية-التكنولوجية، ونظام الجوائز العلمية الوطني.
وخلال الفترة من 2000 إلى 2018، منحت الصين جائزة الدولة للعلوم الطبيعية لـ636 مشروعا، وجائزة الدولة للاختراع التكنولوجي لـ946 مشروعا، وجائزة الدولة للتقدم العلمي والتكنولوجي لـ4246 مشروعا. وشملت هذه المشروعات المواد فائقة التوصيل عند درجة حرارة عالية، وبرنامج الفضاء المأهول، وخط السكة الحديد تشينغهاي-التبت، والحواسيب الخارقة، والأرز الهجين.