الجزائر 11 ديسمبر 2019 (شينخوا) تشهد الجزائر غدا الخميس، انتخابات رئاسية هي الأولى منذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الثاني من إبريل الماضي تحت ضغط مسيرات شعبية رافضة لنظامه، وسط توقعات بالذهاب إلى دور ثان بسبب اشتداد المنافسة بين خمسة مرشحين متقاربين في الحظوظ.
وتأتي هذه الانتخابات بعدما كانت ألغيت لمرتين متتاليتين في 11 إبريل و4 يوليو الماضيين بسبب رفض الحراك الشعبي والمعارضة بكل أطيافها تنظيمها احتجاجا على بقاء بعض رموز نظام بوتفليقة في الحكم.
وفي ظل استمرار القبضة الحديدية بين الجانبين، قررت السلطة الذهاب إلى انتخابات رئاسية تراها مفصلية ومصيرية في تاريخ البلاد، وأنشأت لأجل ذلك لأول مرة في تاريخ البلاد هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات تحت اسم السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات.
وتتولى الهيئة الإشراف التام على كل العملية الإنتخابية بكل تفاصيلها بعيدا عن أي تدخل حكومي في عملها، بينما كانت وزارة الداخلية في السابق هي التي تتكفل بالعملية كلها.
ويتنافس على منصب رئيس الجمهورية كل من رئيس جبهة المستقبل المعارض عبدالعزيز بلعيد، ومرشح حزب طلائع الحريات المعارض علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق (2001-2003)، ووزير السياحة الأسبق رئيس حركة البناء الوطني المعارض عبد القادر بن قرينة (إسلامي).
كما تضم القائمة رئيس الوزراء الأسبق عبدالمجيد تبون (2017)، والأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي وزير الثقافة الأسبق.
ويبلغ عدد الناخبين أكثر من 24.4 مليون ناخب من أصل قرابة 44 مليون نسمة، بينهم أكثر من 914 ألف ناخب يصوتون في الخارج، بحسب رئيس السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات محمد شرفي.
ويشرف على مكاتب الاقتراع أكثر من 501 ألف شخص منهم قرابة 428 ألف في مكاتب التصويت و66.4 ألف في مراكز التصويت فضلا عن وجود 6164 مشرفا على اللجان الانتخابية البلدية و147 مشرفا على اللجان الانتخابية الولائية و456 مشرفا على اللجان الانتخابية الدبلوماسية أو القنصلية بالخارج.
وخصصت الهيئة المستقلة أكثر من 61 ألف مكتب تصويت عبر كامل البلاد منها 135 مكتب متنقل في المناطق النائية بالخصوص في الصحراء.
وتوقع أستاذ الإعلام بالمدرسة العليا للصحافة الدكتور محمد هدير الذهاب إلى دور ثان لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في الجزائر.
وقال هدير لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن السلطة هذه المرة جادة في إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وقدمت لذلك ضمانات قوية ستقود حتما إلى دور ثان بسبب اشتداد المنافسة بين المرشحين الخمسة.
كما توقع بأن تكون نسبة المشاركة ما بين 35 و 40 بالمائة.
وقال إن "الجزائريين إذا تعلق الأمر بأمن واستقرار البلد في ظل التحديات والمخاطر الخارجية، يتصرفون بوعي كبير ولا يهمهم أمر آخر غير مصلحة الدولة قبل كل شئ".
من جهته، رأى المحلل السياسي جلال بوعاتي بأنه حتى وإن كانت نسبة المشاركة في الدور الأول ستتراوح ما بين 30 و 35 في المائة إلا أنها ستكون أقوى في الدور الثاني، على اعتبار أن الجزائر ستشهد لأول مرة دورا ثانيا في الانتخابات الرئاسية بسبب تقارب حظوظ المترشحين وفي ظل ضمانات النزاهة.
وقال بوعاتي لـ ((شينخوا))، إنه في هذه المرة لن يكون هناك تزوير لأصوات الناخبين، ولأول مرة في تاريخ البلاد الرئيس القادم غير معروف مسبقا "بفضل المنطق الجديد الذي فرضه الجزائريون عبر الحراك الشعبي".
وتوقع بوعاتي أن تتقارب نتائج أربعة مترشحين على الأقل وهم بن فليس وتبون وميهوبي وبن قرينة، بينما تبدو حظوظ عبدالعزيز بلعيد "ضئيلة".
وعشية الانتخابات، كشفت مذكرة مسربة عن حزب جبهة التحرير الوطني، حزب الغالبية البرلمانية، نشرها اليوم الموقع الإلكتروني لصحيفة ((الخبر)) الجزائرية واسعة الإنتشار، أن الحزب قرر مساندة عز الدين ميهوبي.
ووجهت المذكرة التي وقعت من قبل الأمين العام بالنيابة علي صديقي، لأمناء المحافظات ورؤساء لجان الحزب، بحيث دعتهم إلى "مواصلة تعبئة المناضلين والمحبين والمتعاطفين والمواطنين وتحسيسهم بضرورة المشاركة المكثفة لضمان الفوز لمرشح القطب الوطني السيد عز الدين ميهوبي".
وتطرح مساندة جبهة التحرير الوطني لعز الدين ميهوبي باعتباره الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أكثر من سؤال بحكم أن المرشح عبدالمجيد تبون عضو في اللجنة المركزية للحزب، وهو ما يشير إلى أن الاتجاه العام في نظر أحزاب الموالاة يسير لصالح ميهوبي.
وشكل التجمع الوطني الديمقراطي الغريم السياسي للجبهة منذ نشأته عام 1997، مع جبهة التحرير قبل استقالة بوتفليقة ما سمي بأحزاب السلطة أو أحزاب الموالاة.
وأصدرت مجموعة من الشخصيات السياسية بينهم وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الابراهيمي، ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، والوزير الأسبق عبد العزيز رحابي، بيانا عشية الانتخابات دعوا فيه المقاطعين للإنتخابات الى تفادي الاحتكاك بالمشاركين في الانتخابات.
وقال البيان إنه ينبغي عدم التعرض لحقوق الآخرين في التعبير عن آرائهم رغم الاختلاف في الاجتهادات، ووجود "قطاعات واسعة من الشعب الجزائري ترفض إجراء الانتخابات في هذه الظروف المتوترة".
واعتبر البيان أن انتخابات 12 ديسمبر هي "محطة سيجتازها الحراك الشعبي بنجاح بفضل وعيه وسلوكه الحضاري، حتى يحافظ على سلميته بعد هذا التاريخ" في إشارة على أن الحراك الشعبي سيستمر رغم إجراء الانتخابات.
وطمأن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات بأنه "من المستحيل" تزوير الانتخابات الرئاسية بسبب الإجراءات الصارمة التي اتخذتها.
كما طمأن قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح بأن الانتخابات لن تكون كسابقاتها من الانتخابات، وأكد حرص الجيش على "توفير كل عوامل نجاح هذه الانتخابات خاصة من الجانب الأمني" وشدد على أن الجيش "سيرافق العملية الإنتخابية بجميع مراحلها".
وتشهد الجزائر منذ 22 فبراير الماضي مظاهرات شعبية كبيرة تطالب بتغيير النظام، أدت إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من شهر إبريل.
ويطالب الحراك الشعبي برحيل الرئيس المؤقت وحكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، كشرط لنزاهة الانتخابات الرئاسية القادمة، إلا أن الحكومة تقول إن إنشاء السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات كفيل بضمان شفافية الاقتراع.