واشنطن 7 أكتوبر 2019 (شينخوا) عندما صدر الفيلم الوثائقي "المصنع الأمريكي" في أغسطس من هذا العام، سرعان ما استحوذ على انتباه الجماهير عبر المحيط الهادئ، ليس لكونه يقدم قصة آسرة فقط، بل أيضا لتقديمه حاشية للديناميكيات التي تشكل أهم علاقة ثنائية في العالم.
ويروي الفيلم، الذي تجري أحداثه في موراين بولاية أوهايو، قصة كيف أحيا مصنع صيني للزجاج مصنعا مغلقا لشركة جنرال موتورز، وقام بإعادة توظيف العديد من موظفيه السابقين، واستعاد الرخاء الذي فقده المجتمع المحلي.
لكن مثل كل القصص المشوقة، لم يكن من الواضح منذ البداية ما إذا كانت مصنع فوياو سيكون قصة ذات نهاية سعيدة. بعد وقت قصير من انطلاق العمل فيه في أكتوبر عام 2016، برزت الاختلافات بين الصين والولايات المتحدة من حيث ثقافة العمل واللوائح واللغة كعقبات كان يتعين على المصنع التغلب عليها.
لحسن الحظ بالنسبة للمصنع وسكان موراين، تمكن العمال من الصينيين والأمريكيين من النجاح في نهاية المطاف، حيث حقق المصنع أرباحا بلغت 24.5 مليون دولار أمريكي في عام 2018.
وتم تصوير رحلة فوياو، بكل ما فيها من صعود وهبوط، بإخلاص من قبل السينمائيين الحائزين على الجوائز، ستيفن بوغنار وجوليا ريتشيرت، ثم عملا بعد ذلك على أكثر من 1000 ساعة من اللقطات المصورة لاستكمال الفيلم الوثائقي "المصنع الأمريكي".
وحقق الفيلم المليء بالدراما، والذي تثريه مجموعة متعددة من الصراعات، نجاحا فوريا بعد طرحه من قبل شبكة "نيتفليكس".
وفي مقابلة حصرية أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا، شارك بوغنار قصصا من وراء الكواليس حول مراحل صنع الفيلم، وكيف يأمل بأن يكون الفيلم بمثابة جسر تفاهم بين شعبي الولايات المتحدة والصين.
-- صنع الفيلم
يعود تاريخ مشروع فيلم "المصنع الأمريكي" إلى عام 2008، عندما تم إغلاق مصنع جنرال موتورز، مما وجه ضربة قوية للمجتمع المحلي.
وقال بوغنار إنهم بدؤوا تصوير المصنع عند إغلاقه، مضيفا أنه "الأمر كان مدمرا وشعرنا بالحاجة إلى إنتاج فيلم عن تلك القصة. أردنا أن يدرك بقية العالم مدى أهمية إغلاق هذا المصنع".
أخذت الأمور منعطفا غير متوقع عندما قررت شركة فوياو للزجاج فتح شركة لتصنيع الزجاج في موقع مصنع جنرال موتورز، مما منح بوغنار وريتشيرت فرصة جديدة لمواصلة سرد القصة.
ولفت بوغنار إلى أنه وفريقه بدؤوا بتصوير بداية مصنع فوياو في فبراير عام 2015 وصوروا ما يربو عن 1200 ساعة من اللقطات في فترة ثلاث سنوات، وذلك أثناء المئات من الزيارات التي قاموا بها إلى المصنع.
وأوضح أن الفريق في البداية لم يكن لديه رؤية واضحة عما ستبدو عليه القصة في نهاية المطاف، وحاول جمع أكبر عدد ممكن من وجهات النظر والمواد. واستمر ذلك حتى عام 2017، عندما فشلت الجهود الرامية إلى إقامة اتحاد بين العمال، حينها حصل طاقم الفيلم على "المسار الأساسي للقصة".
وذكر بوغنار وفريقه أن الفيلم حصل على اسمه "المصنع الأمريكي" لأنه "مغامرة أمريكية" لرجال أعمال صينيين.
-- مواجهة التحديات
وقدم الوثائقي قصة مجيء وتطور مصنع فوياو من وجهات نظر العديد من الأشخاص، بمن فيهم العمال والموظفون الإداريون في كلا البلدين، وكذلك تساو ده وانغ، كبير المديرين التنفيذيين لشركة فوياو، نفسه.
عبر وضع وجهات النظر المتناقضة في بعض الأحيان معا، أوضح الفيلم أن سير العمل في المصنع لن يكون سلسا منذ اليوم الأول.
في الفيلم، أسفرت أساليب الإدارة المختلفة والحواجز اللغوية والفجوات الثقافية عن علاقات مشحونة. ولكن من وجهة نظر بوغنار، فإن مثل هذه المصادمات الثقافية أمر لا مفر منه مع قيام المزيد من الشركات الصينية ببدء أعمال لها في الولايات المتحدة.
في الفيلم، يتقارب العمال الصينيون والأمريكيون مع مرور الوقت، حيث يتقاسم العمال الصينيون خبراتهم مع زملائهم الأمريكيين، ويدعو العمال الأمريكيون زملائهم الصينيين للمشاركة في الحفلات المنزلية.
ينتهي الفيلم بملاحظة رصينة عندما تحاول مجموعة من العمال الأمريكيين تشكيل نقابة لكنهم يفشلون في تصويت على مستوى المصنع، مما يشير إلى أن الشركة ما يزال لديها طرق لتقطعها كي تصبح "مصنعا أمريكيا".
-- بناء جسر
وأفاد بوغنار أن قدوم فوياو إلى أوهايو كان نافذة بالنسبة للسكان المحليين، الذين كان كثير منهم يملكون القليل من المعرفة عن الصين، للتعرف على هذا البلد.
وقال بوغنار إن "فوياو جلبت مستوى من الثقافة الصينية إلى دايتون لم نره من قبل. لقد بنت وافتتحت مطعما في زاوية العقار الذي تمتلكه الشركة، ويقدم طعاما رائعا حقا".
بالنسبة للعمال الأمريكيين في فوياو، فإن أخلاقيات العمل الصينية كانت أيضا إبداعا. "نعتقد أن الأمريكيين في دايتون تعرفوا على أخلاقيات العمل الصينية، وهي أخلاقيات لم يكن بإمكانهم تصورها، وباتوا يدركون أنها جزء من نجاح هذه الشركة"، وفقا لما ذكره.
حتى بالنسبة لصانعي الفيلم أنفسهم، كان المشروع تجربة ممتعة في التعرف بشكل أكبر على ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وأشار بوغنار إلى أن بعض أكثر اللحظات التي لا تنسى حدثت عندما كان الطاقم يصور في الصين، بمقر شركة فوياو.
واختتم بوغنار بأنه يأمل أن يتمكن الجمهور الصيني أيضا من تعلم شيء عن العمال الأمريكيين من خلال الفيلم.