رام الله/ غزة 4 سبتمبر 2019 (شينخوا) زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم (الأربعاء)، مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية للمرة الأولى منذ 20 عاما، في خطوة قوبلت بتنديد وغضب فلسطيني واسع.
وجاءت زيارة نتنياهو إلى الخليل لاحياء ذكرى مرور 90 عاما على مقتل 67 يهوديا في المدينة، وقبل أيام من إجراء الانتخابات البرلمانية (الكنيست) المقررة في 17 سبتمبر الجاري.
وقال نتنياهو، في كلمة له داخل غرفة محصنة قرب الحرم الإبراهيمي وسط المدينة بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية، "جئنا إلى الخليل من أجل الاحتفال وسنبقى فيها إلى الأبد ولن يقتلعنا منها أحد".
وأضاف نتنياهو، "فخور بأن حكومتي كانت أول من وضعت برنامج الحي اليهودي في المدينة لبناء عشرات الوحدات السكنية الجديدة، بالإضافة إلى معالجة أمور أخرى مثل كيفية الوصول الى الحرم الابراهيمي واستعادة الحقوق التاريخية على الممتلكات اليهودية".
ونددت الرئاسة الفلسطينية في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، "باقتحام نتنياهو مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي فيها"، واعتبرت ذلك "تصعيدا خطيرا واستفزازا لمشاعر المسلمين".
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن "اقتحام نتنياهو للخليل يأتي في سياق استمرار الاعتداءات على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، سواء في مدينة القدس المحتلة أو مدينة خليل الرحمن".
وأضاف أبو ردينة، "نحذر من التداعيات الخطيرة لهذه الزيارة التي يقوم بها نتنياهو لكسب أصوات اليمين المتطرف الإسرائيلي، وضمن مخططات الاحتلال لتهويد البلدة القديمة في الخليل، بما فيها الحرم الإبراهيمي الشريف".
وتابع: "نحمل حكومة الاحتلال مسؤولية هذا التصعيد الخطير، الذي يهدف لجر المنطقة إلى حرب دينية لا يمكن لأحد تحمل نتائجها وعواقبها".
وأكد أبو ردينة، ضرورة تدخل المجتمع الدولي، خاصة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) "لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ضد مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لمنعها، باعتبارها ضمن لائحة التراث العالمي".
من جهتها اعتبرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، أن "زيارة نتنياهو إلى الخليل استفزازية وعدوان على الفلسطينيين في المدينة الذين يعانون من وجود الاستيطان".
وقالت عشراوي لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن زيارة "نتنياهو جاءت لخدمة أهدافه الانتخابية من ناحية وتصعيد الخطاب الاستيطاني اليميني من جهة ثانية، وهي تحد للمجتمع الدولي بكامله الذي يرفض أن يضفي أي نوع من الشرعية على الاستيطان".
واتهمت عشراوي، "نتنياهو بأنه لا يريد السلام ويصعد إجراءاته من بناء استيطاني وهدم بيوت ومصادرة للأراضي وفرض أمر واقع في الأراضي الفلسطينية منذ استلام الرئيس دونالد ترامب الإدارة الأمريكية"
بدوره، قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية ابراهيم ملحم، إنه "لا شرعية للطارئين على أرض السكان الأصليين مهما حاول نتنياهو عشية الانتخابات الإسرائيلية حصد المزيد من الأصوات على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وندد ملحم في تصريحات للصحفيين، بـ"غطرسة القوة العمياء التي تغري نتنياهو للقيام بالعربدة في كافة الأراضي الفلسطينية ودول عربية".
وفي السياق اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حسين الشيخ، أن "زيارة نتنياهو إلى الخليل تحد صارخ للشرعية الدولية، وتكريس لعقلية المحتل الوقح".
وقال الشيخ في تغريدة عبر موقعه على ((تويتر))، إن الزيارة "إرضاء لجموع المستعمرين المستوطنين قبيل الانتخابات الاسرائيلية"، مؤكدا أنها "لن تغير من حقيقة التاريخ المنقوش على جدران الحرم الإبراهيمي وأزقة وشوارع خليل الرحمن بفلسطينيتها وعروبتها".
وفي الإطار اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن "اقتحام الخليل محاولة انتخابية لإرضاء تطرف المجتمع الصهيوني المتعطش لمزيد من الانتهاكات والاعتداءات على المقدسات الإسلامية".
وقالت الحركة في بيان، إن "كسر المشروع الاستيطاني ومواجهته لن يكون إلا عبر المقاومة التي تستطيع طرد المستوطنين ومنعهم من مواصلة بقائهم على الأرض الفلسطينية بصورة آمنة".
كما اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان، أن اقتحام المسؤولين الإسرائيليين الخليل "تصعيد خطير من شأنه أن يُشعل حرباً دينية يصعب السيطرة عليها".
وقبل وقت قصير من زيارة نتنياهو، زار المدينة كل من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ورئيس الكنيست يولي ادلشتاين الذي قال في تصريحات للصحفيين ،"سنفرض السيادة الإسرائيلية على الخليل وسنجعلها من المدن الهامة في إسرائيل".
وشددت قوات الجيش الإسرائيلي منذ ساعات الصباح إجراءاتها الأمنية في البلدة القديمة ومحيط الحرم الإبراهيمي وسط الخليل وأجبرت المحلات التجارية الفلسطينية في تلك المنطقة على إغلاق أبوابها بحسب ما قالت مصادر فلسطينية وشهود عيان لـ ((شينخوا)).
وحسب المصادر، فإن شبانا ونشطاء فلسطينيين قاموا برفع الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء على أسطح المنازل المقابلة للمكان رفضا للزيارة، ولافتات كتب عليها (لا أهلا ولا سهلا)، بالإضافة إلى حرق صور نتنياهو على الحواجز العسكرية وسط المدينة.
ويبلغ عدد سكان مدينة الخليل قرابة 250 ألف فلسطيني يعيش بينهم نحو 800 مستوطن تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
ويعتبر الحرم الإبراهيمي أقدم بناء مقدس مستخدم حتى اليوم دون انقطاع تقريبا في الضفة الغربية، وهو رابع الأماكن المقدّسة عند المسلمين الفلسطينيين، وثاني الأماكن المقدّسة عند اليهود بعد جبل الهيكل.
ويعتقد اليهود أن الحرم الإبراهيمي أو ما يطلقون عليه "مغارة المخبيلا" هو المكان الذي دفن فيه الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وزوجاتهم، وقامت إسرائيل بعد احتلال الضفة الغربية بإنشاء كنيس يهودي داخل باحات الحرم.
وفي أعقاب توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في عام 1993، تم التوقيع في عام 1997 على اتفاق لاحق بشأن الخليل يقسمه إلى قسمين (H1)، الذي يخضع للسيطرة الفلسطينية و(H2) تحت السيطرة الإسرائيلية.
وحولت إسرائيل جزءا من المسجد إلى كنيس يهودي فأصبح 60 في المائة من مساحته لليهود، والباقي للمسلمين وقامت بالفصل بينهما بحواجز وبوابات حديدية محكمة وضعت فيها ثكنات عسكرية للإشراف والمراقبة.