غزة 30 يوليو 2019 (شينخوا) تعج مستشفى الرنتيسي التخصصي لعلاج السرطان بالمرضى، الذين تتزايد أعدادهم بشكل ملحوظ سنويا، بحسب تصريحات وزارة الصحة، في ظل عدم توفر الأدوية اللازمة للعلاج.
وتبدأ رحلة علاج المرضى، التي يصفونها بأنها "رحلة نحو الموت"، خاصة لمرضى قطاع غزة، الذين لا يمتلكون أدنى مقومات النجاة، من بعد التشخيص الأولي للمرض.
فمن الضروري بعد التشخيص إتباع جلسات العلاج الكيماوي التي تتم في مستشفى الرنتيسي، على أن تتبع بجلسات المسح الذري والإشعاع التي تتطلب أن يسافر المريض إلى المستشفيات المتخصصة في الضفة الغربية أو إسرائيل.
وغالبا ما يصعب على المرضى وذويهم الحصول على التصريح اللازم لعبو معبر إيرز شمال قطاع غزة، خاصة وأن عددا كبيرا من التصاريح يتم رفضها من قبل السلطات الإسرائيلية تحت ذرائع أمنية.
ومن بين هؤلاء خليل البسيوني، وهو طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره، أصيب بسرطان الغدد اللمفاوية، وتم رفض تصريحه للسفر إلى إسرائيل من أجل تلقي علاجه الكيماوي على أن يتبعه المسح الذري والإشعاع، دون إبداء أي أسباب مقنعة، على حد قول جدته التي ترافقه في المستشفى.
وتقول سميحة جدة البسيوني (63 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)):"خليل ما زال طفلا، لا يعرف السياسة ولا يعرف العدو ولا علاقة له بالصراع الدائر في القطاع، لا أعرف لماذا ترفض إسرائيل سفره".
وتشير إلى أنها هي أيضا مرفوضة أمنيا لدى السلطات الإسرائيلية على الرغم من أنها امرأة مسنة.
وتضيف الجدة بحسرة على حفيدها:" هنا لا يتوفر الدواء، وهناك لا يمكننا السفر لاستكمال علاجه، فما الحل في هذه الحالة؟".
وتعيش عائلة البسيوني تحت خط الفقر، مما يحول دون قدرتهم على توفير الدواء اللازم لطفلهم في حال تم طلبه، في ظل أزمة نقص الأدوية التي تعاني منها وزارة الصحة.
وتقول الجدة:" أحيانا قد أضطر أنا وابني أن نقضي نهارا كاملا ونحن نبحث عن الدواء اللازم للطفل، قد لا نجده، وفي حال وجدناه يكون باهظ الثمن لا يتناسب مع الحالة الصعبة التي نعيشها".
وفي الغرفة المجاورة لخليل البسيوني، يجلس عبد السلام الأسطل (12 عاما) على كرسي أسود ضخم، ينتظر الجرعة الكيماوية التي يتلاقاها ثلاث مرات كل أسبوعين.
وبدأ الأسطل المصاب بمرض الغدد اللمفاوية أيضا، رحلته العلاجية بتذمر شديد، فهو يرفض أن يقر بأنه مصاب بمرض السرطان، يصرخ بين الفينة والأخرى بأنه يريد العودة لمنزله كي يلعب مع أصدقائه.
من جانبه يشتكي أحمد الأسطل والد عبد السلام، من بطء الإجراءات البيروقراطية التي تتبعها إسرائيل في التعاطي مع التصاريح التي يقدمها المرضى وذووهم.
ويقول لـ((شينخوا)) "لا أعرف أين الخلل، هل هو لدى الإسرائيليين أم أنه بطء هنا في وزارة الصحة، كل ما أعرفه أن أبناءنا يموتون ببطء أمام أعيننا".
ويضيف الأسطل: "حتى وإن انتهت الجرعات الكيماوية التي يأخذها ابني هنا في غزة، لكنه بحاجة إلى العلاج الذري والاشعاعي، وهنا تكمن الخطورة على حياته".
ولا يختلف حال سماع عوض (45 عاما) من مخيم البريج عن بقية المرضى، فهي أيضا بحاجة إلى تلقي العلاج المفقود في غزة.
وتعاني عوض من سرطان القولون، وتحتاج بشكل دوري إلى إبرة كيماوية تساعد على التئام الجرح الذي خلفته عملية استئصال الورم السرطاني.
وتقول:"السرطان لا يقتلنا كمرضى، ولكن ما يقتلنا هو الانتظار والإجراءات البطيئة في السفر، بالإضافة إلى عدم توفر الدواء اللازم لعلاجنا".
وتابعت وهي تبكي : "أنا أموت وأولادي يشهدون موتي بسرعة".
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة في بيان أن قطاع الصحة ينهار نتيجة لنقص 50 في المائة من الأدوية اللازمة للقطاع، منوهة بأن ما يقارب 50% من المرضى لا يتلقون العلاج، ما يسبب تفاقما شديدا في صحتهم.
ويقول رئيس قسم الأورام في مستشفى الرنتيسي خالد ثابت، لـ((شينخوا)):"إن القطاع الصحي يعاني بشكل كبير بسبب نقص الأدوية وخاصة قسم الأورام، في ظل تزايد أعداد المرضى الذين بحاجة إلى علاج".
وحمل ثابت إسرائيل المسؤولية الكاملة حول الأزمة الصحية التي يعاني منها القطاع، خصوصا في ظل منعها للعديد من الأدوية من الوصول إلى القطاع، بالإضافة إلى منعها عددا كبيرا من المرضى من الدخول إلى الضفة الغربية لتلقي العلاج في مستشفياتها.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه بالقوة بعد جولات من القتال مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية عام 2007.