كتب – محمود سعد دياب
23 يوليو 2019/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ قال سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي، إن الصين تعتبر الشريك التجاري الأول عالميًا لبلاده في الوقت الحالي في التجارة غير النفطية، وذلك للسنة الخامسة على التوالي، موضحًا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2018 فقط أكثر من 43 مليار دولار.
وأضاف خلال المنتدى الاقتصادي الإماراتي الصيني 2019، الذي عقد أمس، على هامش زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، إلى الصين، أن حصة الأخيرة تمثل أكثر من 10% من إجمالي تجارة الإمارات مع العالم، وأن الصين أكبر مُصدِّر للدولة، وتستحوذ على 15% من إجمالي واردات الإمارات، بقيمة تصل إلى 38 مليار دولار، وأنها كذلك عاشر أكبر مُستورِدٍ منها بقيمة 1.4 مليار دولار، وتأتي في المرتبة الـ 11 في إعادة التصدير بقيمة تبلغ 3.7 مليار دولار.
الشريك التجاري الأهم عربيًا
وكشف الوزير الإماراتي، عن أن بلاده هي الشريك التجاري الأهم عربياً للصين، حيث تستحوذ على نحو 26% من إجمالي تجارتها مع الدول العربية، وعلى 29% من إجمالي الصادرات الصينية إلى المنطقة العربية، وتصدِّر ما نسبته 16% من مجمل الصادرات العربية إلى الصين.
الاستثمارات مسار أخر
وأكد أن الاستثمارات المتبادلة، تمثل مسارًا آخر مهمًا ومستدامًا للتعاون، حيث بلغ حجم الاستثمارات المرصودة بين الجانبين في سنة 2018 و2019 ما يقارب 6 مليار دولار، معربًا عن فخره بما حققته الشركات الإماراتية الرائدة، مثل أدنوك ومبادلة وبروج، والإمارات للألمنيوم وإعمار، وموانئ دبي العالمية، ودناتا وبنك الاتحاد الوطني، وطيران الامارات وطيران الاتحاد، وغيرها، من نجاح في الأسواق الصينية في قطاعات مهمة كالطاقة والطاقة المتجددة، والنقل والعمليات البحرية والخدمات المالية والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والضيافة، ونتطلع قدماً لأن تمثل تجربتها نموذجاً ملهماً لمزيد من المشاريع والتعاون الاستثماري خلال المرحلة المقبلة.
سابع أكبر مستثمر
ومن جهة أخرى، أكد أن الصين هي سابع أكبر مستثمر في الإمارات، حيث شهدت استثماراتها في الدولة قفزة كبيرة خلال الفترة من 2013 حتى 2017، بنسبة تقدر بنحو 276%، وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة للأسواق الإماراتية بالنسبة للشركات الصينية، ما يبشر بنمو أكبر خلال المرحلة المقبلة، مضيفًا أن بلاده تحتضن أكثر من 4000 شركة صينية، و327 وكالة تجارية صينية، ونحو 6600 علامة تجارية صينية مسجلة حتى نهاية عام 2017، وأنه قد بلغ رصيد الاستثمارات الصينية المباشرة في الدولة حتى العام نفسه 4.6 مليار دولار.
زيارة رفيعة المستوى
كان الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد استقبل أمس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، حيث جرت بينهما محادثات بقاعة الشعب الكبرى، تعهد خلالها الجانبان بتعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين.
وأشار سلطان المنصوري، إلى أن زيارة الأمير محمد بن زايد رفيعة المستوى، والتي تأتي في إطار الاستراتيجية الشاملة للعمل المشترك بين الإمارات والصين "الصديقة"، تعتبر محطة مفصلية أخرى على طريق الشراكة المستدامة بين البلدين، والتي تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، خصوصًا مع حجم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين الطرفين، ما يدفع بمستوى العلاقات نحو مزيد من الازدهار.
وأكد أن زيارة الرئيس شي جين بينغ التاريخية إلى الإمارات، العام الماضي كانت تاريخية، حيث كانت الأولى له خارج البلاد بعد إعادة انتخابه رئيسًا، ما أسفر عن توقيع 13 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون وشراكة واستثمار في مجالات حيوية عديدة، شملت الطاقة والطاقة المتجددة والتجارة الإلكترونية والزراعة والأمن الغذائي والخدمات المالية وغيرها.
وألمح إلى أن الأهم أنها أثمرت عن تعميق صداقة البلدين وترسيخ أواصر التقارب بينهما، الأمر الذي أسس لشراكة طويلة المدى، قادرة على تجاوز التحديات الإقليمية والعالمية، لتستفيد منها الأجيال المستقبلية في كلا البلدين، مضيفًا أن تقليد الضيف الكبير الرئيس شي "وسام زايد"، الوسام الأرفع في الدولة، ترجمة لمدى الحفاوة والاهتمام الذي تكنه الإمارات لهذه الشراكة الاستراتيجية.
ولفت الوزير الإماراتي، إلى المحطة المضيئة التي أوضحها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي، في منتدى الحزام والطريق إبريل الماضي، بتأكيده أن دولة الإمارات تثق بمبادرة "الحزام والطريق" وتؤمن بقدرتها على دفع الاقتصاد العالمي قدماً.
مشاريع صينية ضخمة في دبي
وقال إن بلاده تنظر بعين الاهتمام، إلى نتائج زيارة الشيخ محمد بن راشد الأخيرة للصين، والتي أثمرت عن إطلاق مشاريع ضخمة في دبي أبرزها مجمع "سوق التجار" باستثمارات صينية تصل إلى 2.4 مليار دولار، و"سلة الخضروات" بتمويل من صندوق الاستثمار العربي الصيني بقيمة مليار دولار، الأمر الذي يعزز دور الإمارات كمحطة عالمية محورية على طريق الحرير الجديد.
وأوضح أن بلاده حريصة على دعم مبادرة الحزام والطريق، والمساهمة الفعالة في أجندتها بما تملكه من بنى تحتية وموقع استراتيجي وخدمات تجارية ولوجستية فائقة، وأنها قد كرست مؤتمرًا متخصصًا ضمن فعاليات ملتقى الاستثمار السنوي الذي يعقد في دولة الامارات، حول أهمية المبادرة وتعزيز الشراكة من خلال فرصها الاستثمارية.
التعاون في 13 قطاع
وأعرب عن ثقته، بأن آفاق التعاون المستقبلي بين الإمارات والصين، في إطار هذه المبادرة مازالت مفتوحة على الكثير من الفرص والمشروعات الجديدة، التي تخدم مصالح البلدين، مشيرًا إلى أنه بجانب تلك الجهود قدمت اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين نموذجاً مهماً لتنمية أطر التعاون بصورة مستمرة واستكشاف الفرص الجديدة وفق رؤى وآليات واضحة، وأن الدورة الأخيرة لتلك اللجنة التي عقدت في بكين عام 2017، قد أثمرت عن الاتفاق على برنامج تعاون موسع شمل 13 قطاعاً أبرزها التجارة والاستثمار والطاقة والبنية التحتية والخدمات المالية والسياحة وغيرها.
10 مليارات دولار في صندوق الاستثمار الاستراتيجي
ونوه الوزير سلطان المنصوري، إلى أهمية صندوق الاستثمار الاستراتيجي المشترك، بقيمة 10 مليارات دولار الذي أسسه البلدان عام 2015، ليمثل رافداً إضافياً لدعم خطط التعاون الاقتصادي المشتركة، مضيفًا أن هذه المساعي الثنائية المتواصلة، توفر بلا شك أرضية خصبة للانطلاق يداً بيد نحو المستقبل، عبر مشاريع استراتيجية، ومبادرات تنموية وشراكات تجارية تخدم مصالح البلدين الحالية وتدعم تطلعاتهما على المدى البعيد.
75 رحلة جوية أسبوعية بين البلدين
وأكد أن حكومة الإمارات، تنظر ببالغ الاهتمام للدور الحيوي للاستثمارات الصينية في دعم العديد من الأنشطة الاقتصادية في الدولة، مثل الطاقة والبنية التحتية و الصناعة والخدمات اللوجستية وتجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المالية وقطاع البناء والتشييد والعقارات، مضيفًا أن ذلك يأتي في ظل تنامي حركة النقل الجوي النشطة بين البلدين، بوجود أكثر من 75 رحلة جوية أسبوعية، ما يؤكد أن المجال مفتوح على فرص واسعة لزيادة قنوات التبادل التجاري والاستثمارات، وكذلك تطوير الأنشطة السياحية، ولا سيما أن الإمارات تمثل اليوم إحدى أكثر الوجهات جاذبية للسياح من الصين، وقد وصل عدد نزلاء المنشآت الفندقية من الصين إلى 1.46 مليون زائر عام 2018، بنمو نسبته نحو 9%، ما يجعل الصين رابع أكبر سوق عالمياً من حيث نسبة الإشغال الفندقي في دولة الإمارات.
وكشف عن أن دولة الإمارات استناداً إلى محددات رؤية الإمارات 2021، تبنت سياسة اقتصادية رائدة تتسم بالمرونة والانفتاح والارتباط الإيجابي مع الأسواق العالمية، وتسعى إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام وعالي التنافسية، ويرتكز على محاور المعرفة والابتكار والتكنولوجيا والبحث والتطوير، مضيفًا أنه رغم كثرة التحديات والمتغيرات التي طرأت على المشهد الاقتصادي إقليمياً وعالمياً خلال السنوات الأخيرة، فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي للدولة نمواً بنسبة 1.7%، وتساهم القطاعات غير النفطية فيه بنسبة تصل إلى 70%، ما يجعل الاقتصاد الإماراتي أحد أكثر الاقتصادات تنوعاً في المنطقة.
وأضاف أن حكومة بلاده، تواصل جهودها لتطوير أسس اقتصاد المستقبل وفق رؤية واضحة، واستراتيجيات رائدة في مجالات الابتكار والفضاء والأمن الغذائي، والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، فضلاً عن دعم وتطوير قطاعات الملكية الفكرية وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأكمل أن البيئة الاستثمارية للدولة تشهد تطورات مستمرة بفضل ما تمتلكه من مميزات وحوافز وبنى تحتية وتشريعات داعمة لقطاع الأعمال، إذ تحتل اليوم المرتبة 27 عالمياً والأولى عربياً في استقطاب التدفقات الاستثمارية التي وصلت في عام 2018 إلى نحو 10.4 مليار دولار، كما حلت في المرتبة 19 في تصدير الاستثمارات المباشرة إلى العالم وبإجمالي بلغ العام الماضي 15 مليار دولار.