واشنطن 18 يونيو 2019 /عبر ممثلون أمريكيون من قطاعي التجارة والصناعة يوم الاثنين عن احباطهم ومعارضتهم لجولة جديدة من التعريفات الجمركية على الواردات الصينية، محذرين من أن الحمائية التجارية لواشنطن ستؤدي إلى نتائج عكسية.
جاء ذلك خلال مشاركتهم في مجموعة من جلسات الاستماع العلنية، عقدها مكتب الممثل التجاري الأمريكي، هنا داخل مبنى مفوضية التجارة الدولية، بخصوص التعريفات الإضافية المقترحة التي تصل إلى 25 بالمائة على 300 مليار دولار أمريكي من السلع المستوردة من الصين.
وفي حديثهم إلى المسؤولين التجاريين الفيدراليين ووكالة ((شينخوا))، عبر الشهود عن رفضهم جليا للارتفاعات المقترحة في التعريفات مشيرين إلى أنها تشكل خطرا على عملياتهم التجارية والوظائف، كما أكدوا صعوبة قيامهم بنقل الإنتاج من الصين أو إيجاد مصادر بديلة، محذرين في الوقت نفسه من أن الشركات والصناعات والأسر والمستهلكين الأمريكيين سيدفعون الثمن في نهاية المطاف.
-- صناعات مختلفة وصوت معارض واحد
وقال برينت كليفلاند، المدير التنفيذي للجمعية الأمريكية لتجارة المجوهرات والأزياء، في مستهل جلسة الاستماع يوم الاثنين، إن الصناعات، التي نقلت انتاجها إلى الصين في الثمانينات من أجل توفير قيمة أكبر للسوق المحلية، اعتمدت بشكل كثيف على الواردات الصينية، مضيفا أن الرسوم المقترحة ستهدد حقا الشركات والوظائف الأمريكية.
وقدرت الجمعية أن عشرات الآلاف من الموظفين من أعضائها سوف يتضررون من الزيادة في الرسوم التي ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف وانخفاض الأرباح وتراجع المبيعات.
وقال كليفلاند "هناك خوف حقيقي من أن التعريفات ستؤدي إلى فقدان الموظفين لوظائفهم وإغلاق الشركات الأمريكية لأبوابها".
وبشكل عام، صُممت التعريفات الجديدة لاستهداف جميع المنتجات الاستهلاكية تقريبا، بما في ذلك الأزياء والأحذية والأجهزة الالكترونية وأجهزة التلفزيون والسلع الرياضية، التي تغطي التجارة الأمريكية المتبقية مع الصين. وقد تعرضت الصين لعدة جولات من التعريفات بالرغم من الرفض الواسع لذلك، وردت بتدابير انتقامية.
وقالت المدير العام لجمعية مصنعي منتجات القصر الأمريكية ليزا تروفي إن منتجات القصر بما في ذلك مقاعد السيارات وبوابات وعربات الأطفال، التي أدرجت أيضا على قائمة واشنطن الأخيرة، "يجب أن تتاح للأسر الأمريكية بأقل كلفة ممكنة".
وجاءت جلسة الاستماع بعد أقل من أسبوع من قيام 600 شركة ورابطة تجارية أمريكية، بما في ذلك بعض أكبر تجار التجزئة في البلاد، بإرسال خطاب إلى البيت الأبيض، يقول أن التعريفات الأمريكية تؤثر سلبا على الأسر والوظائف والاقتصاد الأمريكي.
وقال كيري ستاكبول، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة مصنعي السباكة الدولية، لوكالة ((شينخوا))، على هامش جلسة الاستماع يوم الاثنين، إن التعريفات السابقة قد أدت بالفعل إلى رفع كلفة شراء منزل في الولايات المتحدة بحوالي 9 آلاف دولار، مضيفا أن كل زيادة بمقدار ألف دولار من شأنها تخصم من قدرة 127 ألف أسرة على شراء منزل.
-- الصين لا غنى عنها في سلسلة الإمداد
وعندما سُئلوا من قبل أعضاء اللجنة عما إذا كان من الممكن تحويل سلاسل الإمداد بعيدا عن الصين، أكد العديد من الممثلين في جلسة الاستماع صعوبة بل استحالة ذلك في بعض الحالات.
وقال ريك هلفينباين، الرئيس والمدير التنفيذي للجمعية الأمريكية للملابس والأحذية، ردا على سؤال من لجنة الاستماع، "في حقيقة الأمر إننا نحاول الخروج من الصين منذ سنوات، لكنهم يبدو أنهم يفعلون ذلك بشكل أفضل من أي مكان آخر".
وقال "هناك أماكن محدودة... يمكن أن نذهب إليها"، مضيفا أن المواقع الممكنة التالية بعد الصين -- فيتنام والهند وإندونيسيا وبنغلاديش -- ليست فعالية من ناحية التكلفة.
وبالنسبة لجين كولوف، الرئيسة التنفيذية ومؤسسة كيين أباريل+ كيو آي كاشمير، فإنه لا توجد هناك خيارات لنقل سلاسل الإمداد لأي مكان آخر، مشيرة إلى أن شركتها تتعامل مع مصادر في مقاطعة منغوليا الداخلية بالصين لاستخراج آلياف عالية الجودة من سلالة ماعز محددة يربيها سكان أصليون في المنطقة.
لكن كل ما يجذب كولوف إلى الصين ليست فقط سلالة ماعز علشان، مشيرة لوكالة ((شينخوا)) بعد الإدلاء بشهادتها إلى "الرقابة على الجودة وتوفر أفضل مغازل وصباغة الكشمير في هذا الجزء من البلاد".
وقال نيكولاس لاردي، الباحث البارز بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، لوكالة ((شينخوا))، "إنني على استعداد للاعتقاد بأن الكثير من الشركات تستكشف بدائل للانتاج هناك. لكن لا توجد هناك زيادة كبيرة في الشركات المغادرة بالفعل".
وقال لاردي، الذي كتب العديد من الكتب عن الاقتصاد الصيني، إنه ليس من الذكاء أن تحول الشركات بشكل واسع سلاسل الإمداد من الصين، لأنه من الصعب إيجاد مكان "يمكن أن يستوعب زيادة كبيرة" سواء كان ذلك في اللوجيستيات أو العمالة أو أي شئ آخر.
-- التعريفات غير مجدية
وتوجد تعريفات سارية حاليا على 250 مليار من الواردات الصينية بموجب البند 301 من قانون التجارة الأمريكي.
وقال العديد من الشهود يوم الاثنين إن التعريفات في غير محلها في ضوء عدم وجود تقنيات متطورة في شركاتهم وصناعاتهم.
وفي شهادته، قال مارك شنايدر من بيت الأزياء الأمريكي كينث كول برودكشنز، إن الرسوم المقترحة على منتجات الأحذية لن تساعد في معالجة شواغل الإدارة، مضيفا أن عملية تصنيع هذه المنتجات لا تنطوي على أسرار تجارية أو تقنيات أو إجبار على مشاركة الملكية الفكرية.
وقال ستاكبول الذي تمثل منظمته شركات تزود 90 بالمائة من منتجات السباكة للأسر الأمريكية، إن منتجات السباكة ليست منتجات متطورة، مشيرا إلى أن التعريفات الإضافية ستؤدي إلى تآكل القدرة التنافسية العالمية للعلامات التجارية الأمريكية.
كما أعربت شركات التكنولوجيا الأمريكية مثل ((آي ربوبوت)) التي تصمم وتصنع الروبوتات الاستهلاكية وتصنعها في الصين، عن رفضها للتعريفات الأمريكية المقترحة.
وقال كولين إنغل، المؤسس والمدير التنفيذي للشركة، للجنة الاستماع، إن المنتجات التي أطلقتها الشركة حديثا ستخضع للتعريفات التي إذا فرضت فإنها ستفاقم الأضرار التي لحقت بالشركة من جراء الجولة السابقة من التعريفات.
وأعرب العدد من الخبراء عن قلقهم من عدم انتباه الإدارة الأمريكية لتلك التحذيرات. ومن المقرر أن تتواصل جلسات الاستماع لـ6 أيام أخرى حتى الأسبوع المقبل، حيث يتوقع أن يدلي المئات من الشهود الأخرين بتصريحات مماثلة.
وقالت غرفة التجارة الأمريكية، أكبر اتحاد تجاري في البلاد، في بيان الأسبوع الماضي إنها تعارض بشدة " التعريفات الأحادية كرد فعل سياسي"، وحثت الإدارة على العودة إلى طاولة التفاوض بغية التوصل إلى اتفاق يضع جدا للتعريفات التي فرضت ووقف جميع الاضطرابات التي تعرض لها جميع الأمريكيين".