إسلام آباد 25 إبريل 2019 /كانت السيدة نصرت باي ترتدي غطاء الرأس والملابس التقليدية الباكستانية، وهي تسعى جاهدة لإقحام نفسها في شاحنة تعلو قامتها 3 مرات، ولكنها الآن سائقة محنكة بعد سنة من التدريب، لا تجد صعوبة في قيادة هذه الشاحنة.
وفي منطقة منجم فحم بأرض قاحلة جنوبي باكستان، حيث ترتفع درجة الحرارة إلى 44 درجة مائوية، تبدو هذه السيدة السمراء الواسعة العيينين البراقتين، أكثر حيوية.
قالت نصرت "أستطيع قيادة الشاحنة طوال اليوم بلا تعب. أحب هذه الشاحنة، لأن الحظ يبتسم لي حاليا".
هذه السيدة، الأم لطفل واحد، كانت خياطة ملابس نسائية في قرية بصحراء نائية تسمى ثارباركار، حيث غالبا ما تعاني المرأة من تدني مستوى التعليم، ولا تحصل بالكاد إلا على 1500 إلى 2000 روبية باكستانية (نحو 10 إلى 14 دولارا أمريكيا)، شهريا.
ومع عمل زوجها في متجر حلويات، لم يرتفع دخل العائلة أبدا إلى أكثر من 6000 روبية (42 دولارا) شهريا. هذا الدخل الضعيف للعائلة، جعل الفاكهة والحليب، من الأمور الكمالية للعائلة.
ورغم ذلك، فحياتهم تتغير للأحسن حاليا. فالسيدة نصرت تحصل على راتب شهري يصل إلى 25 ألف روبية (176 دولارا) إذا لم يكن هناك عمل إضافي.
قالت نصرت "أنا واحدة من بين محظوظين قلائل هنا ممن يحصلون على فواكه وحليب وملابس، لأنني أستطيع توفيرها من راتبي".
تقوم شركة ميمون، وهي شركة مساهمة فاعلة في مشروع ثار لمنجم الفحم بالمنطقة، بتوظيف نحو 26 إمرأة وتدربهن على قيادة الشاحنات بالموقع بأنفسهن.
هذا المشروع يوفر برامج تدريبية للنساء لفترة عام لسياقة الشاحنات، مع راتب شهري ثابت بنحو 16 ألف روبية، وفقا لشركة ميمون. ومن الممكن أن يرتفع الراتب إلى 25 ألف روبية، حالما تتم ترقية المتدربة إلى سائقة ماهرة، بعد اجتياز الاختبارات.
أما السيدة موهيني، وهي أم لأربعة في قرية صغيرة، فكانت تتخبط بلا أمل ويحيطها الفقر، وفي "أيام الضيق، كانت العائلة تنام وبطونها خاوية".
وذات يوم، سمعت بإعلان عمل، وقالت "لقد قفزت بفعل هذه الفرصة مع حلم بأن أطعم وأعلم أطفالي". وأضافت "وبدأت العمل هنا، وأنفق ما أحصل عليه من مال على أولادي".
في عام 2016، بدأت السلطات المحلية الباكستانية وشركات خاصة محلية ومعهم المؤسسة الصينية لهندسة المكائن (CMEC)، بدأوا بشكل مشترك، مشروع منجم الفحم في القطعة الثانية من منجم فحم ثار، ضمن إطار الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، وهو مشروع رئيسي رائد في إطار مبادرة الحزام والطريق المقترحة من الصين.
وبعد ثلاث سنوات من العمل الدؤوب في هذه المنطقة الصحراوية، يشتغل مشروع منجم الفحم بكامل طاقته حاليا، ويوفر الفحم لمحطة توليد طاقة كهربائية بدأت عملها التجريبي، وتضم مولدتين بطاقة 330 ميغاوات كهرباء لكل منهما، وفقا لما قاله ليو تشي منغ، المدير العام لمشروع منجم الفحم، من جانب الشركة الصينية (CMEC).
وأوضح قائلا في حديث مع ((شينخوا)) إن "هذا المشروع سيغير بالمستقبل منطقة ثار، إلى محور للكهرباء بالبلاد، بفضل احتياطيها الهائل من الفحم، وأضاف "نعتقد أن ثار ستغير باكستان لأنها ستكون أول مشروع للكهرباء يجهز بفحم باكستاني خالص".
قالت وزيرة حقوق الإنسان في باكستان شيرين مزاري مؤخرا، إن فرص العمل للنساء المحليات ستزداد بشكل كبير بفضل التعاون الاقتصادي الحالي والمقبل، ضمن إطار الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، في حين أن المعطيات الباكستانية الرسمية تظهر أن الممر الاقتصادي بين البلدين قد وفر أكثر من 70 ألف فرصة عمل مباشرة للمحليين منذ إطلاقه عام 2013.