هل يمكن الحديث عن تجربتك في الأعمال التجارية في الصين؟
أريد التحدث عن واقعة حقيقية حصلت معي خلال عام 2008 والتي تغني عن شرح العديد من المفاهيم الخاطئة عن الأنظمة والقوانين في الصين والتي تجول في بعض الأحيان في خاطر عدد من المستثمرين الأجانب.
خلال الأزمة المالية العالمية التي عصفت في معظم دول العالم خلال عام 2008، قام أحد المصارف الصينية في بكين، والذي هو مملوك من الحكومة الصينية، بخطأ تقني أدى إلى خسارة مالية كبيرة لأحد زبائني من دول الشرق الأوسط. كان الإنطباع الأول لهذا الزبون من الشرق الأوسط إننا لن نستطيع تحصيل هذه الخسارة المالية من هذا المصرف حيث أنه مملوك من الحكومة الصينية كما أنه متواجد في العاصمة بكين ونحن موجودون في مدينة تشوهاي التي هي في جنوب الصين.
ولكنني، وحيث أنني أقيم في الصين، كان لدي إنطباع مختلف تماماً، وهو أنك تستطيع تحصيل كامل حقك وذلك بإتباع الأصول القانونية ولو كان مُسبب هذا الخسارة إحدى المؤسسات المملوكة للحكومة الصينية.
بدأت العمل على جمع المستندات المطلوبة وتصديقها والقرائن التي تثبت حقنا تجاه هذا المصرف، وتم قبول الدعوى القضائية من قبل محكمة البداية في بكين، وخلال مدة لا تتجاوز عدة أشهر تقرر موعد المحاكمة، وصدر الحكم بعد ذلك بمدة قليلة لصالح تحميل هذا المصرف كامل الخسارة المالية بالإضافة إلى الفوائد المالية وكافة المصاريف القضائية.
قام المصرف في بكين بالإستئناف، وخلال مدة لا تتجاوز عدة أسابيع صدر حكم آخر من محكمة الإستئناف لصالحنا وألزم المصرف بتحويل كامل الخسارة المالية إلى مصرف الزبون في أحد دول الشرق الأوسط، وهذا المصرف إلتزم بحكم المحكمة وقام بتحويل كامل المبلغ الذي أقرته محكمة الإستئناف.
لم يصدق الزبون ما حصل حتى وصل التحويل المالي إلى حسابه المصرفي، وقلت له في حينها: إن السلطات الصينية تضمن حق المستثمر ولا خوف إطلاقاً من ذلك حتى لو كان هذا الحق من إحدى المؤسسات المملوكة للحكومة الصينية. علماً إن كافة الإجراءات من محكمة البداية إلى التحويل المصرفي من قبل المصرف لم يستغرق أكثر من سنة، وهذه مدة قياسية لحكم صادر من محكمة البداية ومحكمة الإستئناف وتنفيذ الحكم.
إن ما ذكرته آنفاً ما هو إلا مثال وعبرة عن مستوى الأمان وحفظ الحقوق للمواطنين والأجانب طالما إنهم يؤدون واجباتهم ويلتزمون بالقوانين والأنظمة التي تفرضها السلطات الصينية المعنية والتي بالتالي تحفظ أمنهم وحقوقهم تجاه أي معتدي حتى لو كان من أقرب المقربين إليهم.
هل يمكن معرفة قصة حصولكم على جواز السفر الصيني؟
بعد زواجي بمدة خمس سنوات، وعند تجديدي لتأشيرة الإقامة في الصين، وبمبادرة لطيفة من إحدى موظفات الجوازات الصينية، أعلمتني أنني أستطيع أن أتقدم للحصول على البطاقة الخضراء للإقامة الدائمة، كما أفادتني بلائحة المستندات المطلوبة لذلك.
قمت بتجهيز كافة المستندات المطلوبة وتصديقها، وبعد الإنتظار لعدة أشهر، حصلت على هذه البطاقة الخضراء، التي سهلت لي العديد من الإجراءات خلال تنقلي داخل مدن الصين وكذلك إجراءات المغادرة والدخول عند منافذ الصين البرية والجوية.
عند إستلامي لهذه البطاقة الخضراء، إبتسمت لي هذه الموظفة في قسم الجوازات وقالت لي: إنك تستطيع الآن التقدم بطلب الحصول على الجنسية الصينية..... لم أصدق في بادئ الأمر حيث إن هذا الموضوع كان مجرد حلم ....حلم منذ أن كنت في ريعان الشباب.
بالطبع فإن المستندات المطلوبة للحصول على الجنسية الصينية هي بتفاصيل أكثر دقة، وتطلب مني السفر عدة مرات إلى بلدي الأم للحصول على عدد من هذه المستندات وكذلك السفر إلى إحدى الدول الأجنبية التي عملت داخل أراضيها للحصول إيضاً على بعض المستندات المطلوبة، ولكن في النهاية، حصلت على الجنسية الصينية وعلى الجواز الصيني، وأصبحت رسمياً مواطناً صينيا، وبذلك أصبح ما بداخل قلبي ونفسي حقيقة على الورق بختم رسمي من السلطات الصينية المعنية......كما وعدت موظفة الجوازات الصينية ذات الوجه المبتسم دائماً أنني سوف أكون مواطناً صينياً صالحاً. ً
وأود أن أختم هذا اللقاء الرائع بأنني أحببت هذه الأرض وأحببت أهلها، ويوما ما سوف يحين الوقت ِللأعانق ترابها ..... وربما سوف ألتقي مجددا تلك السيدة العجوز الطيبة، وسأقول لها .....أنا هنا فعلاً .... في الصين.