واشنطن 19 ديسمبر 2018 / رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) يوم الأربعاء أسعار الفائدة قصيرة الأجل بمقدار ربع نقطة مئوية، لكنه أشار إلى وتيرة أبطأ لرفع أسعار الفائدة في العام المقبل حيث من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي.
وتعد هذه المرة الرابع التي يقوم فيها الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة هذا العام والمرة التاسعة منذ أواخر عام 2015، حيث يتحرك البنك المركزي للأمام على طريق تطبيع السياسة النقدية.
وقال الاحتياطي الفدرالي في بيان عقب اختتام اجتماع للسياسات استمر لمدة يومين إن سوق العمل في الولايات المتحدة "يواصل تعزيز قوته" والنشاط الاقتصادي "يرتفع بمعدل قوي" منذ الاجتماع الأخير حول السياسة النقدية الذي عقد في نوفمبر، فيما "خفف" نمو الاستثمار الثابت في الأعمال التجارية من وتيرته السريعة في وقت سابق من عام.
وتوقع مسؤولون في الاحتياطي الفدرالي نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 3 في المائة هذا العام، وهو أقل بقليل من نسبة 3.1 في المائة المقدرة في سبتمبر الماضي، وفقا لآخر التوقعات الاقتصادية للاحتياطي الفدرالي التي صدرت يوم الأربعاء.
كما قام مسؤولو الاحتياطي الفدرالي بتعديل توقعاتهم للنمو الاقتصادي الأمريكي في عام 2019 إلى 2.3 في المائة من تقدير سابق وهو 2.5 في المائة.
وفي ظل التباطؤ المتوقع في الاقتصاد الأمريكي، تصور مسؤولو الاحتياطي الفدرالي رفع أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل، بانخفاض عن تقديرات برفعه ثلاث مرات كانت قد صدرت في سبتمبر، وفقا لمتوسط التوقعات بالنسبة لسعر الفائدة على الأموال الفدرالية.
وقال رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في مؤتمر صحفي إنه "على الرغم من هذه الخلفية الاقتصادية القوية وتوقعاتنا لنمو صحي، فقد رأينا تطورات قد تشير إلى بعض الليونة، مقارنة بما كنا نتوقعه قبل بضعة أشهر".
وقال باول "من المرجح أن ينمو الاقتصاد بطريقة تستدعي رفع أسعار الفائدة مرتين خلال العام المقبل"، مضيفا أن التضخم الفاتر يعطي الاحتياطي الفدرالي القدرة على "التحلي بالصبر" في المضي قدما في رفع أسعار الفائدة.
إلا أن باول أكد أيضا أن قرارات الاحتياطي الفدرالي المتعلقة بالسياسات "لا تسير على مسار محدد مسبقا"، مشيرا إلى أن "هناك درجة عالية إلى حد ما من عدم اليقين بشأن كل من مسار ووجهة أي زيادات أخرى".
ورغم أن النمو الاقتصادي للولايات المتحدة سيشهد تباطؤا في العام المقبل، إلا أنه سيواصل خفض معدل البطالة وتكثيف الضغوط التضخمية، وفقا لما ذكره جيرمي كوهين-سيتون الذي يشغل منصب زميل أبحاث بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز بحثي مقره واشنطن العاصمة.
وقال كوهين-سيتون في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا) مؤخرا "أنا مع وجهة النظر التي تقول أنه سيكون هناك ثلاثة أو أربعة زيادات (في 2019) إنطلاقا ببساطة من اعتقادى بأن معدل البطالة سيستمر في الانخفاض، ما يعني أنه سيكون أقل من معدله الطبيعي، والذي هو حوالي 4 في المائة".
وذكر أنه إذا حدث ذلك، "سيكون لديك مزيدا من ضغوط الأجور، وسيتجاوز التضخم الهدف (وهو 2 في المائة) بقليل"، مضيفا "لذلك سيكون لديك استمرارية في تشديد سياسات الاحتياطي الفدرالي".
ومع ذلك، يعتقد تيم دوي المراقب المخضرم في الاحتياطي الفدرالي وأستاذ الاقتصاد في جامعة أوريغون يعتقد أن البنك المركزي قد يوقف رفع أسعار الفائدة لبعض الوقت بعد رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.
وكتب دوي في مدونة يوم الثلاثاء يقول "إذا تحول الاقتصاد بصورة أسرع من المتوقع إلى السير بوتيرة أبطأ، فسيكون هذا هو الرفع الأخير لبعض الوقت إن لم يكن الرفع الأخير في الدورة".
وقدر حوالي 48 في المائة من 60 خبيرا اقتصاديا استطلعت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) آراؤهم في وقت سابق من الشهر الجاري، قدروا بأن الاحتياطي الفدرالي سينتظر حتى مارس من العام المقبل لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى، بينما توقع 28 في المائة منهم أن يتوقف البنك المركزي عن رفع أسعار الفائدة حتى يونيو 2019.
ونقلت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) عن كونستانس هانتر كبير الاقتصاديين في شركة "كيه بي إم جي" للمحاسبة قوله "إن المخاطر المحيطة بالإسكان بالإضافة إلى خطوط الصدع العالمية والتي بدأت في التصدع تشير إلى أن توقفا في النصف الأول من عام 2019 هو سيناريو معقول".
وجاء اجتماع الاحتياطي الفدرالي بعد أن حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البنك المركزي على الامتناع عن رفع أسعار الفائدة، مشيرا إلى اضطرابات الأسواق الأخيرة.
وعندما سُئل عن نظرته للسوق، قال باول إن مسؤولي الاحتياطي الفدرالي سوف يدرسون إجراء تغييرات مادية في الظروف المالية، إذ أن تقلب السوق لا يؤدى بالضرورة إلى تأثير اقتصادي كبير.
وقال "إننا نتابع الأسواق بدقة فائقة ولكن تذكروا، من وجهة نظر الاقتصاد الكلي، أنه لا يوجد سوق واحد يمثل المؤشر المهيمن الوحيد".