لندن 13 نوفمبر 2018 / أكدت خبيرة شهيرة في الشؤون الصينية أن الإسهامات الكبيرة التي قدمها العمال الصينيون إبان الحرب العالمية الأولى، والتي أهملت إلى حد كبير خلال القرن الماضي، ساعدت بشكل أساسي على تشكيل أوروبا.
وقالت فرانسيز وود، الأمينة السابقة لمتحف المقتنيات الصينية في المكتبة البريطانية، إنه كان من الممكن أن نمنى بالهزيمة في الحرب العظمى بسبب النقص الشديد في القوى العاملة من جانب الحلفاء، وخاصة فرنسا وبريطانيا، إذا لم يدخل الجيش الهائل من العمال الصينيين أوروبا.
وذكرت وود في مقابلة أجرتها معها وكالة أنباء ((شينخوا)) "أعتقد أن علينا أن نأخذ بمحمل الجد التعليقات التي صدرت في تلك الحقبة التي تم تجنيدهم فيها. فقد كان قادة أوروبيون أمثال (وينستون) تشرشل مقتنعين بأن الحرب ستنتهي بالهزيمة إذا لم نتمكن من الحصول على المزيد من القوى البشرية".
وأشارت وود التي شاركت في تأليف كتاب "الحليف المخدوع، الصين في الحرب العظمى" والذي نشر عام 2016 إلى أن "فيلق العمال الصيني وفر القوة البشرية وحافظ على القدرة على تشغيل الآلة الحربية، وتحقق النصر في الحرب في نهاية المطاف. هناك صينيون منسيون تماما".
في عام 1916، أرسلت الصين جيشا قوامه 140 ألف عامل إلى أوروبا لإصلاح المركبات وبناء الطرق والسكك الحديدية وحفر الخنادق على الجبهة الغربية الدموية. وفقد ما لا يقل عن 5 آلاف شخص أرواحهم، بعضهم في البحر خلال هذه الرحلة العصيبة، ودفن معظمهم على بعد آلاف الأميال من منازلهم، حسبما ذكرت وود في كتابها.
"(دورهم كان) ضروريا للغاية. لا يمكن أن تكون لديك حرب يخوضها فقط رجالا يحملون البنادق. لقد حصلت على كل المساندة التي تحمى ظهرك، وأعتقد أنه بدون فيلق العمال الصيني، أعتقد أننا كنا سنهزم على الأرجح في هذه الحرب التي دارت في عام 1916"، حسبما ألمحت وود التي خاض جدها الحرب كعضو في القوات الجوية الملكية الجديدة.
حتى بعد الحرب، بقي بعض العمال الصينيين لتنظيف ساحات المعارك التي مزقتها الحرب ورفع الجثث والتخلص من الألغام والمساعدة في إعادة الإعمار بعد الحرب.
ولفتت وود إلى أن السبب وراء نسيان فيلق العمال الصيني يرجع إلى حد كبير إلى الرغبة في "تمجيد الأبطال".
وقالت وود "إنها نتيجة سيئة وضيقة للحروب وتمجيد لجندي وأناس لم يفكروا قط أن الحرب أكثر تعقيدا منذ ذلك، فالحرب هي أكثر من مجرد رجل يحمل بندقية".
وأضافت وود أنه لم يكن العمال الصينيون هم الوحيدون الذين تم تجاهلهم. فالتاريخ قلل كثيرا من دور الصين برمته في الحرب العظمى.
وقالت وود إن إحدى المعارك الأولى لتلك الحرب جرت على أرض صينية حيث غزت القوات المسلحة اليابانية مقاطعة شاندونغ الصينية في عام 1914، التي كانت مستأجرة من قبل ألمانيا لفترة طويلة.
ولكن على الرغم من أن الصين كانت في الجانب الفائز في الحرب، إلا أن شاندونغ سُلمت مباشرة إلى اليابان في فرساي عام 1918، وهو تحرك مهين للصين لدرجة أنه أدى إلى اندلاع حركة الرابع من مايو الوطنية عام 1919 والتي كانت بمثابة نقطة تحول في التاريخ الصيني المعاصر.
وقالت وود "هذه هي اللحظة التي شعر فيها الصينيون حقا بأنهم مواطنو العالم الذين عوملوا معاملة سيئة وكانوا بحاجة إلى وسيلة لتقوية أنفسهم وللمضي قدما ليصبحوا دولة حديثة".
ورأت أن هذه الأحداث التي حملت مرارة وإذلالا كانت ذات أهمية بالغة للصين في تنميتها كقوة كبرى وشكلت خلفية لحس الصين بمكانتها في العالم.
وأشارت وود إلى أنه أثناء إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وهو منظور يعتز بالسلام.
وقالت وود "كانت الحرب العالمية الأولى بمثابة عمليات قتل لا طائل منها"، مضيفة "لذا أعتقد أنه في أعقاب ذلك وعند مناقشة مسألة السلام، من الواضح تماما أنه لا ينبغي لأي بلد أن يفقد هذا العدد من الشباب عبثا".