غزة 9 أغسطس 2018 /عاد الهدوء إلى قطاع غزة اليوم (الخميس)، بعد اتصالات حثيثة للمخابرات المصرية لوقف التصعيد بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل اثر توتر أسفر عن مقتل ثلاثة فلسطينيين وجرح عدد من الإسرائيليين.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لوكالة أنباء (شينخوا)، إن اتصالات مكثفة أجراها مسئولو جهاز المخابرات المصرية قادت إلى وقف التصعيد المتبادل في قطاع غزة والعودة لتفاهمات التهدئة.
وفي وقت سابق، أعلن مصدر في غرفة العمليات المشتركة للفصائل الفلسطينية أن "الجولة من التصعيد انتهت من طرفها" مع إسرائيل في قطاع غزة.
وقال المصدر ل(شينخوا)، إن "فصائل المقاومة ردت على جرائم العدو التي كان آخرها قتل عنصرين من المقاومة أثناء التدريب" في شمال قطاع غزة قبل يومين.
وأضاف "تعتبر فصائل المقاومة أن هذه الجولة من التصعيد قد انتهت من طرفها وان استمرار الهدوء مرتبط بسلوك الاحتلال".
ولم تسجل حتى ساعات ما بعد ظهر اليوم أي حوادث توتر باستثناء إطلاق طائرة استطلاع إسرائيلية صاروخا باتجاه مجموعة شبان فلسطينيين كانوا يحاولون إطلاق طائرات ورقية وبالونات حارقتين شمال قطاع غزة من دون إصابات.
وخلال الساعات الأولى صباح اليوم (الخميس)، شن الطيران الحربي الإسرائيلي عدة غارات على قطاع غزة استهدفت الغارات مواقع تدريب لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأراضي زراعية.
وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان أنه أغار صباح اليوم على أكثر من 20 هدفا عسكريا في مجمعات عسكرية وفي معسكرات تدريب تابعة لحماس بينها مستودعا لتخزين وسائل قتالية.
وحسب الجيش فإنه تم استهداف أكثر من 140 هدفًا في "التشكيلات الاستراتيجية" لحماس منذ ظهر يوم أمس (الأربعاء)، محملا الحركة المسئولية عن التصعيد.
في المقابل، أعلنت كتائب القسام في بيان عن إطلاق رشقات صاروخية على جنوب إسرائيل بينها مستوطنتي (نتيفوت) و (مفتاحيم) وثلاثة مواقع عسكرية للجيش الإسرائيلي قرب حدود قطاع غزة.
وذكرت مصادر إسرائيلية أن نحو 16 إسرائيليا أصيبوا بجروح وتضررت واجهات عدة منازل بفعل إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة.
من جهتها، أعلنت الرئاسة الفلسطينية في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن الرئيس محمود عباس "أجرى اتصالات دولية مكثفة وعلى كافة المستويات لوقف التصعيد الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزة".
ونبه عباس إلى خطورة هذا التصعيد، داعيا المجتمع الدولي إلى "التدخل الفوري والعاجل لوقفه وعدم جر المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار".
وفي السياق ذاته، طالب المتحدث باسم حكومة الوفاق الفلسطينية يوسف المحمود، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف "العدوان الإسرائيلي" على قطاع غزة.
وحمل المحمود في بيان صحفي الحكومة الإسرائيلية والإدارة الامريكية "المسئولية عن التصعيد الخطير الذي يشهده قطاع غزة واستمرار الحصار منذ 11 عاما، والذي فاقم الأوضاع وطال كافة مستويات الحياة ويدفع للمزيد من التوتر والمخاطر".
كما حذرت الأمم المتحدة من "عواقب مدمرة ما لم يتم احتواء الوضع بين غزة وإسرائيل فورا".
وأعرب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف في بيان صحفي عن "القلق العميق إزاء التصعيد"، وقال "منذ شهور وأنا أحذر من أن الأزمة الإنسانية، والأمنية، والسياسية في غزة تخاطر بصراع مدمر لا يريده أحد".
وأضاف "لقد تعاونت الأمم المتحدة مع مصر، وجميع الأطراف المعنية في جهد لم يسبق له مثيل لتجنب مثل هذا التطور، وجهودنا الجماعية منعت الوضع من الانفجار حتى الآن، واذا لم يتم احتواء التصعيد الحالي على الفور، فإن الوضع يمكن أن يتدهور بسرعة مع عواقب مدمرة للجميع".
وكان قتل ثلاثة فلسطينيين هم ناشط في حماس وسيدة حامل وطفلتها الرضيعة وأصيب 15 آخرون بجروح ليلة (الأربعاء -الخميس) في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة.
وشارك مئات من الفلسطينيين في تشييع جثماني ايناس محمد خماش (23 عاما) وطفلتها بيان (عام ونصف) اللتان قتلتا فجر اليوم جراء إصابة شظايا صاروخ إسرائيلي منزلهما في وسط قطاع غزة.
وجرى وضع جثتي القتيلة وطفلتها داخل تابوت كبير بسبب تحولهما لأشلاء متقطعة.
وردد مشاركون في التشييع هتافات غاضبة ضد إسرائيل وأخرى تدعو للانتقام.
وغاب عن جنازة التشييع والد الطفلة القتيلة الذي يرقد لتلقي العلاج بجروح خطيرة.
وتداول ناشطون فلسطينيون على منصات مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمنزل العائلة المفجوعة وبقع دماء القتيلة وطفلتها فيه.
وكان ناشطان من حماس قتلا أول أمس (الثلاثاء) اثر قصف مدفعي إسرائيلي على موقع تدريب للحركة، وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم استهداف الموقع بالخطأ فيما توعدت الحركة بالرد.
واندلع التوتر في غزة أمس بعد مغادرة وفد قيادة حركة حماس في الخارج القطاع عبر معبر رفح إلى مصر بعد زيارة استمرت أسبوعا لبحث اتفاق تهدئة محتمل مع إسرائيل.
وأعلن مسئولون في حماس أن الحركة تبحث مقترحات لاتفاق تهدئة مع إسرائيل تتوسط فيه الأمم المتحدة ومصر في قطاع غزة الذي تسيطر عليه الحركة منذ منتصف العام 2007.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري ل(شينخوا)، إن إسرائيل تبدو مترددة إزاء عقد هدنة طويلة مع حماس من دون اعتراف ولا نزع سلاح ولا تسليم جنودها الأسرى لدى الحركة.
ويضيف المصري أن حماس كذلك "تفكر أكثر من مرة قبل أن توقع على هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل لأن ذلك يعطي الانطباع بأن خيارها الاستراتيجي باعتماد المقاومة المسلحة قد وصل إلى طريق مسدود، مما يحول سلطتها في غزة إلى سلطة مدنية وسلاح المقاومة سيتحول للدفاع عن السلطة".
ويشير إلى أن حماس تحسب كذلك حساب ردة فعل حلفائها المحليين والعرب والإقليميين، وخصوصًا إيران قبل أن تقرر المضي قدمًا في عقد هذه الهدنة الطويلة "لأن طهران الداعم الرئيسي لحماس يمكن أن تبلع تهدئة أما هدنة طويلة الأمد فصعب بلعها".
ويخلص المصري إلى أن الأسبوع القادم سيكون حاسما لجهة تقرير "هل يسير قطاع غزة نحو هدوء مقابل هدوء، أو هدوء يتطور إلى هدنة طويلة الأمد أو مواجهة عسكرية مفتوحة التداعيات".
ويشهد قطاع غزة توترا مع إسرائيل منذ 30 مارس الماضي على إثر انطلاق مسيرات العودة التي قتل فيها 158 فلسطينيا في مواجهات شبه يومية مع الجيش الإسرائيلي على حدود القطاع.
وتطالب "مسيرة العودة الكبرى" بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ورفع حصار قطاع غزة الذي تفرضه إسرائيل منذ منتصف العام 2007، وردت إسرائيل أخيرا بتشديد حصار القطاع وحظر دخول معظم السلع إليه ومنع التصدير كليا.