عُقد الاجتماع الثالث للمجلس العام لمنظمة التجارة العالمية في 26 يوليو بجنيف. وخلال خطابه في الإجتماع، اعترض ممثل الولايات المتحدة بشكل تعسفي على النموذج الاقتصادي الصيني، وحاول تقديم مبررات لممارسات بلاده الأحادية، عبر شيطنة الصين. من جهته، دحض الجانب الصيني بشكل رسمي الإتهامات الأمريكية.
يُذكر أن الولايات المتحدة، تمارس منذ فترة حربا تجارية أحادية، قوضت بشكل خطير النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد المتعارف عليها. وقد وجدت الممارسات الأمريكية، إدانة واسعة من المجتمع الدولي. لكن كلّ ذلك لم يدفع الحكومة الأمريكية إلى مراجعة تصرفاتها، بل عمدت إلى تجاهل الحقائق ورمي الإتهامات جزافا، وتقديم حجج ليس لها أساسا من الصحة.
إن المجتمع الدولي، يدرك من هي الصين بالضبط. وقد قدّم الكتاب الأبيض الذي أصدرته الحكومة الصينية مؤخرا، بيانات مفصّلة، عكست جدية الصين في الوفاء بالتزاماتها المترتبة عن الإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وعزمها على توسيع نطاق الإنفتاح. وقد وجدت إستجابة الصين للإلتزامات وجرأتها على تحمل المسؤولية إشادة واسعة. "إن أعضاء منظمة التجارة العالمية يثمنون مساهمة الصين الهامة في النمو الاقتصادي العالمي خلال السنوات الأخيرة، ويقدرون الدور الإيجابي الذي تلعبه الصين في منظمة التجارة العالمية." كان هذا ماكتبه رئيس لجنة التحقيق في السياسات التجارية بمنظمة التجارة العالمية، إلوا لاأورو، في تقريره حول التحقيق السابع بشأن السياسة التجارية الصينية، الذي إنتهى مؤخرا.
كان هجوم ممثل الولايات المتحدة على الصين خلال الإجتماع الثالث للمجلس العام لمنظمة التجارة العالمية، يهدف إلى تغطية حقيقة الممارسات التخريبية التي تقوم بها أمريكا لنظام المبادلات التجارية متعددة الأطراف. وفي الحقيقة، إن ماتسميه أمريكا بـ "التجارة العادلة" المبنية على "أولوية المصالح الأمريكية"، قد تخلت بشكل واقعي عن نظام التجارة متعددة الأطراف، المبني على أساس القواعد المتعارف عليها. كما أن إستخدام الضغوط العالية وأسلوب المساومة، لتحقيق ظروف تجارية أفضل للإقتصاد المحلي، يمثل دوسا صارخا على قواعد التجارة الدولية. لكن بعد أن رأت الولايات المتحدة بأن الصين لم تنجرّ معها في مسار الإبتزاز التجاري، لجأت إلى شيطنة الصين في المنظمات الدولية، في محاولة لزعزعة ثقة المجتمع الدولي في التنمية الصينية، ورغبة منها في الحصول على تنازلات ورضوخ من الصين. لكن هذه المحاولات لن تفلح في التأثير على الصين، حيث صرّحت الصين عدّة مرات، بأنها ستتمسك بالدفاع عن المصالح الجوهرية للدولة والشعب الصيني.
إن حديث الجانب الأمريكي عن أن النموذج الإقتصادي الصيني، "قد أُثبت بأنه مخرب للتجارة"، يعد كلاما سخيفا. لأن بيانات منظمة التجارة العالمية، تظهر بأن مساهمة الصين في واردات وصادرات تجارة السلع العالمية، خلال عام 2017، قد مثّلت على التتالي 10.2% و12.8%. كما تعدّ الصين شريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 120 دولة. فكيف يمكن لوزن التجارة الصينية أن يتطور إلى ما هو عليه الآن، إذا كانت الصين تلعب "دورا مخربا"؟ وفي عام 2018، ستقوم 74 ٪ من الشركات الأمريكية و55 ٪ من شركات دول الاتحاد الأوروبي، بتوسيع استثماراتها في الصين. مايمثل نموا على التتالي بـ 5 و4 نقاط مئوية، على أساس سنوي. وإذا كان النموذج الاقتصادي الصيني مخربا للتجارة، فلماذا تخطط أكثر من 20 ألف شركة أمريكية لتوسيع إستثماراتها في الصين؟
ولسائل أن يسأل، من بصدد تخريب التجارة العالمية في الوقت الحالي؟ في هذا الصدد، أشار المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، روبرتو أزيفيدو، إلى: "ان التدهور الحالي في العلاقات التجارية الدولية بسبب زيادة التعريفة الجمركية القسرية من جانب الولايات المتحدة سيشكل تهديدًا خطيرًا على نمو الاقتصاد العالمي". ووفقًا لإحصاءات غير مكتملة، أجرت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال ما يزيد عن عام، 94 تحقيقا تحت مسمّى "المعاملات غير العادلة"، شمل عشرات الدول، بزيادة بـ 81٪ على أساس سنوى. وقد أدت عرقلة الولايات المتحدة لعملية تعيين الأعضاء الجدد لهيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية، إلى إفشال آلية تسوية النزاعات في العمل بشكل صحيح وعرضت النظام التجاري متعدد الأطراف للخطر. لذلك، بات على أعضاء منظمة التجارة العالمية، الوقوف صفا واحدا لمقاومة الحمائية، وإعادة البيئة الملائمة لإزدهار التجارة الدولية.