بكين 21 يوليو 2018 / نشر الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم (السبت) مقالة موقعة تحمل عنوان "الصين ورواندا: صداقة أعلى من الجبال" بصحيفة (نيو تايمز) الرئيسية في رواندا قبل قيامه بزيارة دولة إلى الدولة الافريقية.
وفيما يلي النص الكامل للمقالة.
الصين ورواندا: صداقة أعلى من الجبال
شي جين بينغ
رئيس جمهورية الصين الشعبية
بدعوة من الرئيس بول كاجامي، سأقوم بزيارة دولة إلى رواندا بين 22 و23 يوليو الجاري. لن يكون ذلك أول زياراتي إلى رواندا فحسب وإنما سيكون الأول لرئيس صيني على الإطلاق. أعلق آمالا عالية على هذه الزيارة.
تنعم رواندا، المعروفة بأرض الألف تل، بمناظر طبيعية خلابة وطقس ربيعي طوال العام وهبات ثرية من الموارد الطبيعية. وبفضل الجهود المستمرة لشعب رواندا الشجاع الذي يعمل بجد ظل هذا البلد نابضا بالحياة في القارة الأفريقية.
وفي السنوات الأخيرة، وتحت قيادة الرئيس كاجامي بذلت حكومة رواندا وشعبها جهودا رائدة لشق طريق التنمية الذي يتناسب مع ظروفها الوطنية.
وإذ تتمتع بالحوكمة الجيدة والتناغم الاجتماعي، تحرز رواندا تقدما على كافة أصعدة التنمية. وفي ظل استدامة الاستقرار والنمو الاقتصادي القوي، شهدت رواندا زيادة مستمرة في نفوذها الإقليمي والعالمي ووضعت مثالا لدول تواجه مهام مماثلة لتحقيق التنمية والنهوض الوطنيين في أفريقيا وخارجها. تسعدني رؤية تلك الإنجازات وأتمنى بصدق أن تواصل رواندا تحقيق نجاح أكبر في طريقها بالمستقبل.
كما تقول قصيدة صينية "فالأصدقاء الجيدون يشعرون بالقرب حتى لو كانوا على بعد آلاف الأميال،" ورغم المسافة الجغرافية الشاسعة، والاختلاف في الحجم والنظام والثقافة بين الصين ورواندا، يتمتع شعبانا بصداقة تقليدية عميقة. ولقد كابد بلدانا معاناة كبيرة على مدار التاريخ. ولذلك نعتز بالاستقرار الوطني والوحدة العرقية والتنمية الاقتصادية التي نتمتع بها حاليا، ونفخر بما أنجزناه في الماضي.
أقامت الصين ورواندا علاقات دبلوماسية في عام 1971. وعلى مدار الـ47 عاما الماضية، عامل بلدانا الآخر على قدم المساواة وبروح الإخلاص والصداقة. وارتكازا على الثقة والمساعدة المتبادلة، صمدت صداقتنا رغم تغير المشهد الدولي وترسخت جذورها في قلوب شعبينا.
وفي السنوات الأخيرة، وبفضل الجهود المشتركة للبلدين، حققت العلاقات الثنائية نموا سريعا وأظهرت حيوية جديدة وحققت تعاونا مثمرا في كافة المجالات.
وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري وأكبر مقاول مشروعات في رواندا. إننا سعداء لرؤية استاد أماهورو الوطني الذي أقامته الصين يستضيف العديد من الألعاب الرياضية المذهلة وأن يصبح موقعا شهيرا للتسلية والترفيه للشعب الرواندي.
وتحولت كلية متعددة الفنون المتكاملة في موسانزي لأكبر مركز تدريب احترافي في المقاطعة الشمالية. وسيساعد مشروع حفر 200 بئر، سيسلم قريبا، في الحد من شح المياه لأكثر من 110 آلاف شخص. ويلعب مصنع ملابس أقامه متعهد أعمال صيني استجابة لمبادرة التنمية التي أطلقها الرئيس كاجامي "صنع في رواندا" دورا إيجابيا في نمو قطاع التصنيع المحلي. وأصبح اسم شركة صينية أخرى مشهورا في رواندا حيث تتولى بناء 70 بالمئة من مشروع طريق سريع وطني.
وتمثل الصداقة الشعبية مفتاح بناء علاقات جيدة بين الدول. فثراء وتنوع التبادلات بين شعبي البلدين أدى لتنامي الاهتمام بالصين وثقافتها بين الشعب الرواندي. ويزور عدة مئات من الشباب الروانديين الموهوبين الصين كل عام في منح قدمتها الحكومة الصينية.
ويقترب عدد الطلاب المسجلين بمعهد كونفوشيوس بجامعة رواندا من 5 آلاف. وفي الاتحاد الرواندي للكونغ فو/ووشو أكثر من ألفي مشارك. وبمستشفى ماساكا ومستشفى كيبونجو، اللذين أقامتهما الصين، أعضاء فرق طبية صينية من ذوي المهارات الفائقة يقدمون خدمات يحتاج إليها بشدة أكثر من 600 الف شخص هناك. وستصل خدمات التلفاز الرقمي لـ300 قرية في رواندا في إطار مشروع جاري لتوصيل إجمالي 10 آلاف قرية رواندية بالقنوات الفضائية ما يثري الحياة الثقافية لأكثر من 150 ألف مقيم بالريف.
وبينما تنفذ رواندا بنشاط برنامج رؤية 2020 أومورونجي وتعمل الصين تجاه تحقيق هدفيها المئويين، ثمة فرص تاريخية تغري بالتعاون بيننا. وخلال زيارته للصين في مارس 2017، توصلت أنا والرئيس كاجامي لتوافق هام حول تعميق التعاون في مختلف المجالات في ظل الظروف الجديدة ووضعنا خططا شاملة للنمو المستقبلي للعلاقات بين بلدينا. آمل أن تضخ زيارتي المقبلة قوة دافعة جديدة في صداقتنا التقليدية وأن تنقل العلاقات الثنائية لمستوى جديد وأن تحقق نتائج مثمرة من أجل مصلحة شعبينا.
--إننا بحاجة لدعم الاحترام المتبادل وتعميق الثقة السياسية المتبادلة. علينا النظر لعلاقتنا وإنمائها من منظور استراتيجي وطويل المدى. وعبر تعزيز التبادلات والتعاون على كافة المستويات وتبادل خبرات التنمية، سنتمكن من ترسيخ الأساس السياسي للنمو السليم والمضطرد والمستدام لعلاقاتنا. وتدعم الصين بقوة رواندا في اتباع مسار تنموي تختاره على نحو مستقل.
--إننا بحاجة لربط استراتيجيتينا للتنمية وتوسيع التعاون في كافة المجالات. وعبر الاستفادة من أوجه التكامل وتوسيع نطاق وقنوات التعاون، سيمكننا دفع التعاون العملي في البنية الأساسية والتعدين والتجارة والاستثمار وتحويل صداقتنا لنتائج ملموسة وتحقيق مزيد من المنافع لشعبينا.
--إننا بحاجة لتعزيز التعلم المتبادل بين حضارتينا وتعزيز التبادلات الشعبية. إن إجراء تبادلات وتعاون أعمق في التعليم والثقافة والصحة والسياحة والطيران وتدريب الموارد البشرية سيساعد في ترسيخ الأساس الاجتماعي للعلاقات الثنائية وكسب دعم شعبي متزايد لصداقتنا.
-- إننا بحاجة لتعزيز التعاون في الشؤون الدولية عبر إجراء اتصال وتنسيق أوثق. تشيد الصين وتدعم جهود رواندا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، للقيام بدور أكبر في الحفاظ على الوحدة الأفريقية وتعزيز التنمية بها. سيواصل بلدانا دعم المصالح المشتركة للدول النامية بقوة عبر الاتصال والتنسيق الوثيق في الشؤون الإقليمية والدولية.
إن الصداقة بين بلدينا صورة مصغرة عن الصداقة بين الصين وأفريقيا. ولعقود عاملت الصين وأفريقيا كلا منهما بروح الإخلاص والصداقة. إننا مجتمع له مستقبل مشترك ومصالح متبادل يتسم بالتضامن والتعاون متبادل المنفعة. وبالنظر للأمام، ستواصل الصين تعميق الاتصال والثقة المتبادلة والتعاون مع رواندا والدول الأفريقية الصديقة الأخرى من منطلق العمل بمبادئ الإخلاص والنتائج الحقيقية والمودة وحسن النية ومبدأ دعم العدالة والسعي لتحقيق المصالح المشتركة.
وخلال شهر تقريبا، تستضيف الصين قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين. سأرحب بمشاركة الرئيس كاجامي بالقمة بصفته رئيسا لرواندا والرئيس الحالي لدورة الاتحاد الأفريقي. أتطلع لعقد اجتماع معه والزعماء الآخرين للدول الأعضاء بالمنتدى لرسم خطة لتعزيز الصداقة والتعاون بين الصين والقارة الأفريقية وتعميق التنمية المستقبلية في بلدينا.
تشجع ثقافة أوموجاندا العتيقة في رواندا على الجهود المشتركة والدعم المتبادل لتحقيق المصالح المشتركة. ويحتوى قول صيني على رسالة مشابه "من يعملون بفكر وقلب واحد قادرون على تحريك الجبال."
وفي عالم من الاتصال والتواقف المتزايد، تواجه الدول الكثير من التحديات المشتركة. لذلك فمن الهام للصين ورواندا التعاون من أجل المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة وكذلك من أجل مجتمع ذي مصير مشترك بين بلدينا وبين الصين وأفريقيا ككل. إنني على اقتناع بأنه مع الجهود المشتركة لحكومتينا وشعبينا، ستحظى العلاقات بين الصين ورواندا بمستقبل أكثر إشراقا.
.