بكين 5 يوليو 2018 /في وقت رسمت فيه الحمائية والأحادية أفاقا قاتمة لمستقبل النمو العالمي والعولمة الاقتصادية، يزور رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ أوروبا في جولة من المقرر أن ترسل رسالة قوية بأن الصين مازالت ملتزمة بالانفتاح وحرية التجارة.
سيقوم لي بزيارات رسمية لبلغاريا وألمانيا وسيحضر الاجتماع السابع لزعماء دول الصين ووسط وشرق أوروبا من الخميس وحتى الأربعاء، في خطوة هامة هذا العام لدفع العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي والسعي لتوافق في ظل تزايد الشكوك العالمية.
وبالنظر للظروف الحالية، يقول مراقبون إنه من مصلحة كل من الصين والاتحاد توسيع نطاق العلاقات والتعاون من أجل إرسال رسالة إيجابية للعالم مفادها بأن أكبر اقتصادين حريصان على الحفاظ على نظام التجارة التعددي المرتكز على القواعد.
تعزيز الانفتاح
زار لي أوروبا أكثر من عشر مرات وستكون تلك الزيارة الرابعة له كرئيس لمجلس الدولة الصيني لألمانيا. كما أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كثيرة الزيارات للصين.
ومنذ توليه مقاليد السلطة في عام 2013، عقد لي اجتماعات سنوية مع قادة دول وسط وشرق أوروبا ال16، التي تلعب دورا أساسيا في العلاقات بين الصين والاتحاد عبر توسيع العلاقات.
وخلال لقاءه بميركل في بكين في مايو، قال لي إن الصين ستوسع نطاق الدخول للسوق وستخفف القيود على الملكية الأجنبية للمشروعات المشتركة في بعض القطاعات وستعزز حماية حقوق الملكية الفكرية وستوفر بيئة أكثر جذبا لسوقها.
وأكد على عزم الصين فتح بابها على مصراعيه وهو قرار لن يعزز فحسب التنمية الصينية وإنما سيجلب منافع ورخاء للعالم أجمع.
وخلال الزيارة، من المقرر أن يحضر لي اجتماع الصين ودول وسط وشرق أوروبا حول آلية التعاون الأقليمية 16+1 ، منصة تعاون أقامها الجانبان في العاصمة البلغارية صوفيا. وفي برلين، سيرأس لي وميركل الدورة الخامسة للمشاورات بين الحكومتين الصينية والألمانية.
كما سيشارك رئيس مجلس الدولة في منتديات اقتصادية وتجارية في محطتي جولته حيث من المتوقع أن يوجه رسالة قوية وواضحة بأن باب الصين لن يغلق أبدا.
وقال نائب وزير الخارجية الصيني وانغ تشاو إن بكين تأمل أن تساعد الزيارة في حماية حرية التجارة والاستثمارات الثنائية.
داعمان قويان
في بداية مسيرة الإصلاح والانفتاح الصينية، كان حجم التجارة بين الصين وأوروبا يبلغ تقريبا أربعة مليارات دولار أمريكى. وبعد مرور أربعة عقود، قفزت التجارة لتصل إلى أكثر من 650 مليار دولار. وأصبح الاتحاد الأوروبي حاليا أكبر شريك تجاري للصين، كما ان الصين ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي ل14 سنة متتالية.
وفي 2017، نما حجم التجارة بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا ال16 بنسبة 15.9 بالمئة على أساس سنوي، ليفوق معدل النمو الشامل للتجارة الصينية الخارجية البالغ 14.2 بالمئة، بحسب أرقام الجمارك الصينية.
وقال تشانغ مينغ السفير الصيني لدى الاتحاد الأوروبي إن السوق الصينية الشاسعة جلبت منافع ضخمة لشركات الاتحاد الأوروبي كما وفرت الاستثمارات الصينية في أوروبا عددا ضخما من فرص العمل وزادت العائدات الضريبية.
وان البلدين داعمان قويان لحرية التجارة. وفي مواجهة الرياح العكسية القوية للعولمة الاقتصادية، هناك حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لتدافع الصين والاتحاد الأوروبي عن نظام التجارة العالمي المفتوح والحر.
وفي محادثة هاتفية أمس الأربعاء، قال رئيس مجلس الدولة لي لرئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر إن الصين والاتحاد، كقوتين هامتين في العالم، عليهما توسيع التعاون من أجل مواجهة التحديات وتصاعد الأحادية والحمائية.
وقال يونكر إن الاتحاد الأوروبي يعتقد بأن التعددية هي طريق المستقبل.ويتوقع الاتحاد تعزيز التعددية وحرية التجارة مع الصين خلال القمة العشرين المقبلة بين الاتحاد الأوروبي والصين.
ورغم وجود خلافات في العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، مازال التعاون والنتائج متبادلة المنفعة هو القاعدة، حسبما قال روان تسونغ تسه نائب الرئيس التنفيذي للمعهد الصيني للدراسات الدولية.
قوة دافعة جديدة
من المتوقع أن يتصدر جدول أعمال زيارة رئيس مجلس الدولة تعزيز توسيع العلاقات التجارية.
وسيحضر لي فعاليات عن الابتكار وحفلات توقيع لسلسلة من اتفاقيات التعاون في صوفيا وبرلين تغطى مجالات التجارة والمالية والنقل والطاقة والتعليم.
وباعتبارها قوة كبرى داخل الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة، فان ألمانيا أكثر شركاء التجارة والاستثمار والتكنولوجيا أهمية للصين في أوروبا.
ومنذ إقامة الشراكة الاستراتيجية في كافة المجالات في 2014، مضت العلاقات الصينية الألمانية قدما في مجالات التجارة والتكنولوجيا والتبادلات الشعبية. وفي 2016، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لألمانيا.
وشهدت دول وسط وشرق أوروبا تسارعا في التوسع الاقتصادي في السنوات الأخيرة ما يمثل محركا إقليميا جديدا لنمو الاتحاد الأوروبي حسبما قال السفير الصيني لدى بلغاريا تشانغ هاي تشو في مقابلة مع وكالة انباء (شينخوا).
وقال إن النتائج المملوسة التي حققتها آلية التعاون "1+16" لبت احتياجات المنطقة للتنمية ووفرت سبيلا أكثر تنوعا وتكاملا لتقدم الصين ودول شرق ووسط أوروبا.
وقال ليو تسوه كوي الباحث بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إن جولة لي الخارجية، الأولى منذ تشكيل الحكومة الصينية الجديدة في مارس، يكشف حقيقة أن الصين تثمن بشكل كبير علاقاتها بالاتحاد الأوروبي.