تحرير وترجمة/ د. فايزة سعيد كاب
ذكرت شبكة ياهو نيوز الامريكية في مقال حول الدور المهم الذي تلعبه الدول العربية شركاء الصين في بناء "الحزام والطريق"، أن الشرق الاوسط يتجه نحو الشرق بعد 3000 سنة من تمحور تركيزه بين الغرب والشرق، لتصبح المنطقة اليوم قريبة من آسيا، وتصبح الصين باعتبارها أكبر اقتصاد ومحرك للنمو الاقتصادي في آسيا لاعبا اساسيا في المنطقة."
ترى صحيفة الشعب اليومية في تعليق لها نشر على النسخة الدولية مؤخرا أن التعزيز المستمر للتعاون الاستراتيجي الصيني ـ العربي في السنوات الاخيرة لم يؤدي الى ضخ قوة دفع جديدة في التنمية السلمية للعالم العربي والشرق الاوسط فحسب، وإنما قدم مساهمات هامة في تعزيز التعاون الدولي وتشجيع تحويل نظام الحكم العالمي وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية ايضا. ويعتبر التعاون الصيني ـ العربي نموذجا للتبادل والتكافل التبادلي بين الحضارات المختلفة.
نتائج مشرقة وآفاق جيدة
أصدر مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية بالاشتراك مع المؤسسة الصينية للدراسات الدولية في 14 يونيو، الكتاب الأزرق حول إنجازات وآفاق منتدى التعاون الصيني ـ العربي يتضمن الثقة الدبلوماسية والسياسية المتبادلة بين القادة الصينين والعرب، وتلخيص إنجازات البناء الصيني العربي المشترك لـ " الحزام والطريق" والتعاون الاقتصادي والتجاري والتبادلات الانسانية والتعاون الاجتماعي والسلمي والأمني بشكل شامل بين الصين والدول العربية. واستخلص الكتاب الأزرق الى أن النتائج مشرقة والآفاق جيدة.
يعد التعاون الاقتصادي والتجاري والبناء المشترك لـ" الحزام والطريق “من أبرز معالم التعاون بين الصين والدول العربية." وقال سون ده قانغ، نائب مدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية في تصريح لصحيفة الشعب اليومية، إن مبادرة " الحزام والطريق تلقت ردا إيجابيا من قبل الدول العربية منذ اطلاقها في عام 2013، وحقق الالتحام باستراتيجية التنمية في البلدان العربية نجاحا ملحوظا.
ووقعت الصين اتفاقية بناء “الحزام والطريق" مع تسع دول عربية حتى الان، وأصبح " الحزام والطريق" الاكثر تميزا في التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، وينعكس في جميع جوانب التعاون بين الجانبين.
تعد الصين في الوقت الحاضر ثاني أكبر شريك تجارى للدول العربية، وتم تشكيل نمط التعاون "1 + 2 + 3". كما انشأت الصين آلية اقتصادية وتجارية مشتركة مع 22 دولة عربية ومجلس التعاون الخليجي، ووقعت اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري والفني الثنائية مع جميع الدول العربية. وتعتبر بيانات حجم التجارة بين الصين والدول العربية وقيمة الاستثمارات المباشرة الصينية في الدول العربية والعقود الموقعة حديثا بين الجانبين مثيرة للإعجاب والاهتمام. وقد بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية في عام 2004 الى 36.7 مليار دولار، ليقفز الى 191.352 مليار دولار أمريكي في عام 2017، بزيادة قدرها 11.9 ٪.
وبالإضافة إلى التعاون الاقتصادي والتجاري، تعد التبادلات الثقافية دعامة هامة في البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" بين الصين والدول العربية. وبحلول نهاية عام 2017، وقعت الصين و11 دولة عربية خطة تنفيذ سنوية جديدة لاتفاقيات التعاون الثقافي الثنائية، وشجعت على تبادل زيارة 53 بعثة ثقافية حكومية صينية وعربية، ونظمت زيارات متبادلة شملت 4604 أشخاص من 196 مجموعة ثقافية وفنية. وقال تشو وي لي مدير مركز بحوث منتدى التعاون الصيني ـ العربي في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية: " التعاون الجماعي الصيني العربي أصبح مثالا حيا للتعاون بين جنوب جنوب."
السعي الى تحقيق التوافق دون الخلاف
أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمته التي ألقاها في مقر جامعة الدول العربية عام 2016، الى أن التقارب والمحبة بين الأمتين الصينية والعربية جاءتا بعد تبادلات تجاوزت حواجز المكان والزمان، خلال المعاملات الأمينة والمصاحبة المخلصة على طريق الحرير القديم، والمشاركة في السراء والضراء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، والتضامن والتساند في مسيرة بناء الوطن، وهو ثقة ثابتة لا تنكسر ولا تُكسب بالمال.
ويعتقد تشو وي ليا أن التبادلات بين قادة الصين والدول العربية في تزايد بشكل مستمر منذ انشاء منتدى التعاون الصيني ـ العربي في عام 2004، وبالأخص منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، ما عزز الثقة الاستراتيجية المتبادلة واللعب دورا استراتيجيا رئيسيا هاما في خلق مستقبل زاهر للعلاقات الصينية ـ العربية."
لقد خلق بناء "الحزام والطريق" منصة جديدة لتطور التعاون الصيني ـ العربي في العصر الجديد، مما أضاف قوة دفع جديدة وخلق فرص جديدة. حيث تم الالتحام بين مبادرة " الحزام والطريق " وكل من " خطة التنشيط الاقتصادي " في مصر، و"رؤية 2030 " في المملكة العربية السعودية، والامارات العربية المتحدة وقطر والبحرين، وبناء" مدينة الحرير" في الكويت، ورؤية "2025" في الاردن، ورسم خطة واسعة للتعاون طويل الاجل بين الصين والدول العربية.
واشار تشو وي لي الى أن السعي للتوافق والقدرة لإزالة الخلافات السبب المهم والرئيسي وراء تحقيق نتائج ملحوظة من التعاون الصيني ـ العربي في بناء " الحزام والطريق". مضيفا، ان الصين والدول العربية بالرغم اختلافهما في النظام السياسي والايديولوجي لكن جميعها دول نامية، ولديها تاريخ مماثل في محاربة القمع الاستعماري وسياسة القوة، ومواجهة مهمة تحقيق الإصلاح والتنمية والاستقرار التاريخية، وللجميع مطالب واقعية لحماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة في النظام الدولي القائم.
يعتقد سون ده قانغ أن النتائج المثمرة للتعاون الصيني ـ العربي تقوم على عوامل مختلفة: ـ أولا، الثقة السياسية المتبادلة، واتباع الجانبان سياسة " الشراكة وعدم الانحياز ". ثانيا، احترام المصالح الاساسية لبعضهما البعض، واحترام الصين سيادة الدول العربية وسلامتها الاقليمية، كما تلعب الصين في القضايا الاقليمية الساخنة مثل القضية السورية والفلسطينية ـ الاسرائيلية دور الوسيط العادل وحصلت على اعتراف واسع في العالم العربي. وفي الوقت نفسه، تدعم الدول العربية الصين بشكل نشط في القضايا المتعلقة بسيادة الصين الرئيسية وأمنها وتنميتها. ثالثا، تكامل المزايا، حيث يعتبر الهيكل الاقتصادي للجانبين متكاملا الى حد كبير، وهناك إمكانات كبيرة للتعاون في نقل الطاقة الانتاجية، مما يفضي الى الالتحام الاستراتيجي بين الجانبين.
السعي الى تحقيق الحلم بمستقبل زاهر
يصادف 2018 الذكرى الخامسة لإطلاق مبادرة " الحزام والطريق"، وسيشهد التعاون الصيني ـ العربي في بناء " الحزام والطريق" مستقبلا مشرقا خلال السنوات الخمس المقبلة.
يعتقد تشو وي لي أن الصين والدول العربية لا يزال أمامهما مهمة تعزيز مزايا كل منهما وتعزيز التعديل الهيكلي والتعاون الابداعي في مسار التعاون في بناء " الحزام والطريق". وتعزيز التعاون في إطار "1 + 2 + 3"، المتمثل في التعاون في مجال الطاقة كمحور رئيسي، وبناء البنية التحتية، وتيسير التجارة والاستثمار كجناحين، واتخاذ الطاقة النووية، الأقمار الصناعية الفضائية، المجالات الثلاثة الجديدة ذات التقنية العالية للطاقة الجديدة كاختراقات جديدة.
ومن جانبه، قال سون ده قانغ أن الصين والدول العربية ستقومان بالإضافة الى التبادلات الاقتصادية تعزيز التشاور والحوار في المجالات السياسية والأمنية في المستقبل، واستكشاف طرق جديدة لتعزيز التعاون والتبادل الدولي، وتشجيع تحويل نظام الحكم العالمي، وبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية، وخلق نماذج جديدة.
أشار الكتاب الأزرق لإنجازات وتوقعات منتدى التعاون الصيني ـ العربي الى أن التبادل السياحي والطلابي بين الصين والدول العربية سيزداد بشكل كبير في المستقبل، حيث ستصبح المرأة والشباب والشخصيات الدينية والفنانين والإعلام والجامعات والمراكز الفكرية رسلا للحوارات المتحضرة ومبادلات الودية.
الصين والدول العربية هم من ابتكروا طريق الحرير القديم في العصر القديم، وتقع على طرفي " الحزام والطريق" وتمتلك عناصر تكامل قوية في البنية الاقتصادية في العصر الجديد، وستصبح نقطة انطلاق مهمة للتعاون الصيني ـ العربي في المستقبل. ويعتقد سون ده قانغ أن العالم العربي سيصبح محطة عبور الصين ونقطة ارتكاز لتعزيز بناء " الحزام والطريق" مستقبلا.