ترجمة وتحرير/ د. فايزة سعيد كاب
عقدت فعاليات منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي الثاني والعشرين في روسيا يوم 25 مايو الجاري، تحت شعار "بناء اقتصاد الثقة"، حيث بحث المنتدى تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري والمالي والاستثماري وإيجاد حلول للمشاكل التي يواجهها الاقتصاد العالمي، بمشاركة أكثر من ألف شخص من بينهم زعماء دول وحكومات. وأشار ممثل الصين في المنتدى وانغ تشي شان نائب الرئيس الصيني في كلمة القاها خلال المنتدى الى أن بناء الثقة في الاقتصاد هي الطريقة الفعالة لإطلاق العنان لإمكانات النمو الاقتصادي العالمي، وأن الثقة أساس العيش المتناغم بين البلدين والقدرة على العمل معا للتغلب على الصعوبات. مؤكدا أن تطوير العلاقات بين الصين وروسيا كقوتين عالمتين متجاورتين تقوم على الثقة أيضا. وقد وصلت الثقة المتبادلة بين الدولتين الى مستوى مرتفع الى حد ما.
تتمتع الصين وروسيا بمستويات عالية من الثقة والتنسيق المتبادلين على المستوى العالمي. وتدافع الصين وروسيا عن عالم متعدد الأقطاب وتعزيز الديمقراطية الدولية المشتركة، وحل النزاعات والصراعات بالوسائل السلمية، وتشارك البلدان في بناء نظام متعدد الأقطاب واستكشاف طرق جديدة لإصلاح نظام الحكم العالمي. كما تحترم الصين وروسيا مكانة الأمم المتحدة في العلاقات الدولية الحديثة، ويحترم كلاهما القواعد الأساسية للقانون الدولي. واقترحت الصين مفهوم الحوكمة العالمية "التفاوض والبناء والتقاسم المشترك"، ودعت جميع الشعوب للعمل معا لبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية. وتشارك الصين وروسيا بصفتهما مشاركان بناءان في الحوكمة العالمية في اصلاح الآليات المتعلقة بالحوكمة العالمية. على سبيل المثال، كلا البلدين على استعداد لمواصلة تطوير منظمة شانغهاي للتعاون، وتعميق التعاون المتعمق والبراغماتي بين دول البريكس.
يعتقد تشيانغ شياو يون، نائب مدير مركز الدراسات روسيا وأسيا الوسطى بمعهد شنغهاي للدراسات الدولية في تعليق نشر في صحيفة الشعب اليومية، أن المصالح المشتركة جعلت الصين وروسيا يتمتعان بدرجة عالية من الثقة المتبادلة على المستوى الإقليمي. وحققت مبادرة " الحزام والطريق " التي طرحتها الصين تقدما جيدا في أوروبا وآسيا، كما تلقت مبادرة روسيا لبناء شراكة اوراسية كبيرة دعما من الصين وبلدان أخرى في أوروبا وآسيا بما في ذلك بلدان آسيا الوسطى. ويجمع الصين وروسيا مصالح أمنية مشتركة في أوروبا وآسيا.
أولا، الصين وروسيا لديهما حدود مشتركة مع دول آسيا الوسطى، وأن الحفاظ على امن حدود الصين ودول آسيا الوسطى وحدود روسيا ودول آسيا الوسطى وحدود الصين وروسيا في آسيا الوسطى هي مسؤولية مشتركة ومصالح مشتركة للبلدين. كما تتماشى مكافحة " الإرهاب والتطرف والانفصالية" واضعاف التأثير السلبي للقوى الثلاث في آسيا الوسطى مع المصالح الأمنية للصين وروسيا ودول آسيا الوسطى. ولا تفضي الاضطرابات والفوضى الإقليمية إلى تنمية بلدان آسيا الوسطى، كما سيسبب ضررا للصين وروسيا.
ثانيا، الصين وروسيا يجمعهما مصالح اقتصادية مشتركة في أوروبا وآسيا، ولدى كل من الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى علاقات اقتصادية وتجارية تقليدية، وأن آسيا الوسطى ليست سوق المنتجات الصينية والروسية فقط، وإنما لا يزال مصدرا مستقرا لإمدادات الطاقة ونقل الطاقة، وتولي الصين وروسيا أهمية كبيرة للوضع الخاص بآسيا الوسطى في التعاون الاقتصادي الأجنبي بين البلدين.
ثالثا، الآلية الإقليمية القائمة حاليا توفر ضمانا للتعاون بين الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى في المنطقة الأوراسية. وتعتبر منظمة شانغهاي للتعاون أفضل منصة للتعاون الإقليمي بين الصين وروسيا، كما قدم مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا (CICA) إمكانات جديدة للتعاون بين البلدين في آسيا ككل، ويشكل دعامة متعددة الأطراف لتنمية العلاقات الصينية الروسية إلى جانب آليات اتعاون المتعددة الأطراف الأخرى بين البلدين (مثل بلدان بريكس وغيرها).
كما يرى تشيانغ شياو يون أن الثقة المتبادلة الشاملة بين الصين وروسيا تشهد تطورا بشكل مطرد. كما أن الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى بين القادة المتكررة تعزز الانشطة السنوية لمختلف الدول التي تديرها الصين وروسيا، كما تعزز التبادل والتواصل بين الناس العاديين في البلدين، وتعزز مواصلة التفاهم المتبادل والثقة المتبادلة بين شعوب البلدين. كما اشار وانغ تشي شان في كلمته الى أن التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وروسيا ينمو بشكل أعمق وأعمق في السنوات الأخيرة، حيث يقترب حجم التجارة الثنائية من 100 مليار دولار أمريكي، و73 مشروعًا واسع النطاق قيد التنفيذ، وتجاوز إجمالي الاستثمارات 100 مليار دولار أمريكي.
طبعا، عملية الثقة المتبادلة والتعاون بين الصين وروسيا تواجه بعض التموجات الطبيعية ايضا. ويعتقد تشيانغ شياو يون أنه رغم وجود بعض عوامل غير مواتية للتعاون بين البلدين، لا تزال الأرضية المشتركة للصين وروسيا في المصلحة الوطنية واستراتيجية التنمية هي الفرضية الرئيسية للعلاقات بين البلدين، ويبقى مستوى عال من الثقة أساس العلاقات الصينية الروسية. مؤكدا أن العلاقات الصينية الروسية ستصل الى مستوى جديد في الفترة التاريخية الجديدة في ظل الدعم القوي من قادة البلدين.