الخليل 25 فبراير 2018 / لازالت حادثة الحرم الإبراهيمي في البلدة القديمة بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية تمثل هاجسا للخمسيني حسني إبراهيم رغم مرور 24 عاما عليها.
وفي مثل هذا اليوم من عام 1994 قام مستوطن إسرائيلي يدعى باروخ غولدشتاين بإطلاق نار على المصلين داخل الحرم وهم يستعدون لأداء صلاة الفجر ما أدى إلى قتل 29 فلسطينيا في حينها وإصابة أكثر 150 اخرين.
وعلى إثر الحادثة أغلقت القوات الإسرائيلية الحرم الإبراهيمي لمدة ستة أشهر للتحقيق في الحادثة وشكلت لجنة من طرف واحد خرجت بعدة توصيات منها تقسيم الحرم إلى قسمين بين المسلمين واليهود.
ورغم مرور أعوام على الحادثة داخل الحرم إلا أنها عالقة في أذهان إبراهيم وسكان المدينة وتثير مخاوفهم وألمهم خاصة الناجين منها خوفا من تكرارها في ظل تزايد اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين عليهم.
ويقول إبراهيم بينما بدا عليه الحزن والحسرة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "الخوف من هجمات المستوطنين ينتشر عبر أزقة المدينة القديمة منذ الحادثة حتى يومنا هذا".
ويضيف الخمسيني الذي نجا والده من الهجوم لكنه توفى في سنوات سابقة "اليوم نوع الخوف الذي نراه مختلف .. نراه في خطاب الكراهية والهجمات اليومية التي تضر كل واحد من سكان المدينة القديمة".
ودفعت الاعتداءات شبه اليومية للمستوطنين الإسرائيليين في البلدة القديمة إبراهيم إلى إغلاق محل الحلويات الخاص به من أجل البحث عن مكان أفضل للعيش خارج البلدة، كما يقول.
ويوضح "الوضع لا يطاق هنا لا أستطيع أن أفعل شيئا لإصلاح بيتي وأخشى على أولادي في كل مرة يخرجون الى المدرسة والعداء يرتفع دائما".
ويتابع بنبرات صوته الخافتة "أريد العيش في هدوء وطمأنينة بعيدا عن الخوف".
ويشير إبراهيم الذي يقطن وعائلته بجانب المسجد الإبراهيمي، إلى أنه "ليس فقط البشر والمنازل معرضة للخطر، ولكن أيضا الأماكن المقدسة بما فيها الحرم الإبراهيمي".
ويطلق المسلمون على المسجد أيضا الحرم الإبراهيمي الشريف، ويعتبر أقدم بناء مقدس مستخدم حتى اليوم دون انقطاع تقريبا وهو رابع الأماكن المقدّسة عند المسلمين، وثاني الأماكن المقدّسة عند اليهود بعد جبل الهيكل.
ويعتقد اليهود أن الحرم الإبراهيمي أو ما يطلقون عليه "مغارة المخبيلا" هو المكان الذي دفن فيه الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وزوجاتهم، وقامت إسرائيل بعد احتلال الضفة الغربية بإنشاء كنيس يهودي داخل باحات الحرم.
وفي أعقاب توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في عام 1993، تم التوقيع في عام 1997 على اتفاق لاحق بشأن الخليل يقسمه إلى قسمين (H1)، ويخضع للسيطرة الفلسطينية و(H2) تحت السيطرة الإسرائيلية.
وحولت إسرائيل جزءا من المسجد إلى كنيس يهودي فأصبح 60 في المائة من مساحته لليهود، والباقي للمسلمين وقاموا بفصل هذين الجزءين بحواجز وبوابات حديدية محكمة ووضعوا فيها ثكنات عسكرية للإشراف والمراقبة.
وأدى ذلك إلى انخفاض حاد في عدد السكان الفلسطينيين في المدينة القديمة بسبب القيود والمضايقات من قبل المستوطنين اليهود والتدابير العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
كما أدى الى تراجع الحياة الإقتصادية والسياحية تدريجيا إلى المدينة التجارية النابضة بالحياة ذات الأماكن التاريخية الهامة روحيا.
وأدرجت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في يوليو من العام الماضي، البلدة القديمة في الخليل جنوب الضفة الغربية على لائحة التراث العالمي.
وحظي القرار المذكور بدعم 12 دولة، فيما امتنعت 6 دول، وصوتت ضده 3 دول.
ويقول وزير الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية يوسف ادعيس، لـ ((شينخوا))، إن "الانتهاكات الإسرائيلية بحقوق عبادة الفلسطينيين في المسجد الإبراهيمي تعدت الخطوط الحمراء".
ويضيف ادعيس، أن "السلطات الإسرائيلية تستخدم أي ذريعة لحظر الصلاة في المسجد "بالإضافة إلى "اتخاذ قرارات الإغلاق التعسفي ووجود نظام رقابة صارم على المصلين يتنافى مع الحالة الطبيعية للعقل والمشاعر".
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الأوقاف الفلسطينية، فإن إسرائيل حظرت الصلاة في المسجد خلال العام الماضي قرابة 645.
وإلى جانب ذلك، فقد تناول التقرير بالتفصيل الانتهاكات الإسرائيلية التي ترتكب بحق المسجد وحظر إعادة التأهيل ومصادرة المعدات والحفارات وزرع كاميرات المراقبة وكسر الأبواب والنوافذ.