دمشق 25 فبراير 2018 /رأى سياسيون وخبراء في سوريا، أن قرار مجلس الأمن الدولي بشأن هدنة فورية في البلاد لمدة شهر، قد لا ينهي تماما المعارك الدائرة ولكنه يعتبر فرصة لإعطاء مزيد من المساحة للعمل الانساني في هذا البلد الذى مزقته الحرب منذ سبع سنوات.
وتبنى مجلس الأمن بالاجماع مساء السبت، قرارا يطالب بوقف اطلاق النار لمدة 30 يوما على الاقل في جميع أنحاء سوريا بعد مشاورات استمرت أسبوعين.
ويطالب القرار الذي حمل رقم 2401 بالوقف الفوري للأعمال العدائية لمنح "هدنة إنسانية مستمرة لمدة 30 يوما متتابعة على الأقل في كافة أنحاء سوريا".
والهدف من الهدنة، وفقا للقرار، افساح المجال أمام وصول آمن ومستدام وبدون عوائق للمساعدات والخدمات الإنسانية، فضلا عن الإجلاءات الطبية للجرحى والمرضى ذوي الحالات الحرجة.
ويطالب القرار أيضا برفع فوري للحصار عن المناطق المأهولة بالسكان بما فيها الغوطة الشرقية آخر معاقل المعارضة المسلحة الرئيسية قرب العاصمة السورية دمشق.
ووصف رئيس حركة البناء الوطني المعارضة في سوريا أنس جودة قرار مجلس الأمن بوقف الأعمال العدائية بأنه "متوازن"، مشيرا الى انه وجد مساندة من جميع الدول الاعضاء في المجلس.
واعتبر جودة في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) أن "الشيء الأكثر أهمية هو ان القرار يتيح حرية الحركة للمدنيين في المناطق المحاصرة".
وقال انه "يمكن أن يحدث خرق للهدنة، ولكن هذا لا ينفي حقيقة أننا أمام مرحلة جديدة تلزم الجميع برفع الحصار في كل مكان والسماح لجميع المؤسسات والمنظمات الطبية بالتحرك بحرية وهذا يعد خطوة كبيرة".
وجاء اقتراح القرار في البداية على خلفية المواجهات العسكرية المكثفة في منطقة الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها المسلحون في ريف دمشق الشرقي، والتي قيل إنها الأكثر حدة في الحرب السورية.
وأبدت منظمات انسانية انزعاجا من تدهور الوضع الإنساني في المناطق الساخنة وخاصة الغوطة الشرقية التي تقع شرق العاصمة دمشق.
وتم تبنى هذا القرار بعد محادثات ماراثونية بين القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة والجانب الروسي الذي رفض في البداية التصويت على المشروع المبدئي بسبب قضايا تتعلق بالصياغة حول وضع الجماعات التي تقوم بالإرهاب ضد المدنيين.
ويعتقد ان تعديلات اقترحتها روسيا على مشروع القرار المبدئي والذي طرحته السويد والكويت سمح باستهداف بعض الجماعات الارهابية واستبعادها من وقف الاعمال القتالية في عموم البلاد.
وفي يوم الأحد الماضي، أطلق الجيش السوري عملية عسكرية كبيرة على مناطق في الغوطة الشرقية.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن إن 500 شخص لقوا مصرعهم منذ يوم الاحد حتى يوم امس، بينما اصيب المئات بجروح جراء القصف العنيف .
في المقابل، اطلق مقاتلو المعارضة المسلحة العشرات من قذائف الهاون يوميا على احياء سكنية بالعاصمة دمشق، مما أسفر عن مقتل العشرات في حين قام الكثير من الأسر بارسال عائلاتهم إلى مناطق اكثر أمنا.
وتخضع بلدات الغوطة, التي تعاني من الحصار منذ العام 2012، لسيطرة عدة فصائل معارضة أبرزها "جيش الإسلام"، و"فيلق الرحمن" .
ولا ينطبق وقف إطلاق النار، وفقا لقرار مجلس الأمن، على العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة والأطراف التي تساعدهم، وغير ذلك من الجماعات الإرهابية التي حددها مجلس الأمن.
ووفقا لجودة، فان "العمليات العسكرية ضد جبهة النصرة والدولة الاسلامية ستستمر ولن تتوقف".
ويعتقد جودة أن المسلحين المتطرفين في الغوطة الشرقية سيسلمون أسلحتهم في نهاية المطاف.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن بتجدد القصف على الغوطة بعد ساعات من صدور القرار الدولي.
وتحدث المرصد الذي يعتمد على شبكة نشطاء على الأرض، عن مقتل ثلاثة مدنيين في قصف مدفعي وجوي على الغوطة فيما تحاول قوات الجيش السوري التقدم على جبهة منطقة المرج بالغوطة.
فيما تواصل سقوط القذائف على العاصمة دمشق وريفها، بحسب الاعلام الرسمي.
وقالت وكالة الانباء السورية (سانا) ان المسلحين المنتشرين في الغوطة استهدفوا الأحياء السكنية في مشق وريفها اليوم بـ 21 قذيفة، دون وقوع ضحايا.
ورأى المحلل السياسي السوري حميدي العبدالله أن هناك صعوبة في تطبيق قرار مجلس الأمن مع انتشار المسلحين قرب دمشق واستثناء تنظيمي النصرة وداعش من الهدنة.
وقال العبدالله لـ ((شينخوا)) إن "عناصر تنظيمي داعش والنصرة منتشرة في منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك قرب دمشق من الجهة الجنوبية، وكذلك جبهة النصرة موجودة بكثافة في الغوطة الشرقية".
وبحسب العبدالله، فان "هذا الأمر يجعل من المستحيل تطبيق قرار مجلس الامن الدولي، ما يعني أن العملية ستستمر ولن تتوقف".
وبحسب المحلل السياسي السوري، فان عملية ادخال المساعدات الطبية ستأتي ضمن سياق العملية العسكرية، وسيتم إخراج بعض الحالات الحرجة من داخل الغوطة الشرقية وإدخال المساعدات الطبية إلى مناطق اقل سخونة.
وقال أمين حطيط وهو خبير عسكري لبناني، في تصريحات متلفزة على التلفزيون الرسمي السوري اليوم إن " الحكومة السورية ستفهم القرار على أنه فرصة لمواصلة الكفاح ضد الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في جميع أنحاء البلاد".
لكن حطيط رأى في المقابل أن "القرار سيتيح فرصة لمساعدة المدنيين وتقديم المساعدات لهم، وكذلك فتح طرق آمنة لأولئك الذين يرغبون في المغادرة".
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر انجي صدقي الاحد الماضي في بيان،ان اللجنة الدولية لم تدخل الغوطة الشرقية منذ نوفمبر، مضيفة أن الوضع الإنساني كان سيئا للغاية.
واعتبرت ان الاحتياجات الطبية ودخول الأدوية هي أكثر الأمور إلحاحا في الغوطة الشرقية، متوقعة أن يكون الوضع أسوأ بكثير مما كان عليه في نوفمبر الماضي.
وطالبت المتحدثة بوقف القتال وضمان تقديم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعمالها الإنسانية على أرض الواقع./نهاية الخبر/